الرخصة قاعدة عظمة من قواعد الدين الإسلامي حيث تشمل جميع أمور الدين وجوانبه في العقيدة والعبادة والمعاملة والعقوبات وغيرها. وهي منحة وصدقة من الله تعالي لعباده, كما قال عليه الصلاة والسلام:( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته). يقول فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية: يمكن وصف الرخصة بأنها من أهم معالم اليسر في هذا الدين, وأن الله تعالي إنما أجازها ليخفف عن عباده وطأة بعض التكاليف, ويعذرهم عما لا يطيقونه, لذلك يستحب إتيان هذه المنحة والعمل بها في مواضع الجواز, يقول عليه الصلاة والسلام:(إن الله يحب أن تؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته), ويقول أيضا صلي الله عليه وسلم:( عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتي تملوا), وشبه المتشدد في دينه بالرجل السائر في الصحراء الذي يركب دابة ويضربها بعنف لتصل بأقصي سرعة فتموت منه الدابة ولا يستطيع استكمال طريقه حيث قال صلي الله عليه وسلم:(إن المنبت(أي المتعجل)لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي), فديننا الحنيف يبني علي اليسر في كل وقت وما خير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثما فقد كان أبعد الناس عنه, فمن أهم المرتكزات التي قام عليها منهج التيسير في الإسلام أن الأصل في الأشياء حلها وإباحتها, وليس منعها وحرمتها, فكل ما خلق في هذا الكون مسخر للإنسان ومهيأ للاستمتاع به, مالم يكن فيه نهي صريح, يقول الله تعالي:(وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه), ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته). ومن الرخص التي بينها الله وبينها رسوله عليه الصلاة والسلام للأمة الرخصة في السفر, فيقول تعالي: فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر, وايضا قصر الصلاة الرباعية المفروضة, والجمع بين صلاتي الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير, ويؤكد فضيلة الشيخ محمود عاشور أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يجمع الصلاة في غير سفر للضرورة, وذلك لرحمته صلي الله عليه وسلم بالامة الإسلامية ولكن هذا لايتخذ علي أنه بالاستمرارية وانما هذه رخصة منه صلي الله عليه وسلم لمن يحتاجها فعلا, مثل طبيب يريد أن يجري عملية جراحية وتستعرق العمليه عدة ساعات. يحق له أن يأخذ بهذه الرخصة, أو حارس أمن يجب عليه ألا يفارق المكان فيحق له أيضا أن يأخذ بالرخصة, والامثلة عديدة في زمننا الحاضر, وأضاف الشيخ محمود عاشور أنه لا يجوز رفع الأذان في مكلمة أي اجتماع او محاضرة في أثناء انعقادها, وقد قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي(: ولو كان الإمام يري إستحباب شيء والمأمومون لا يستحبونه فتركه لأجل الاتفاق والائتلاف كان قد أحسن), فأمور الدين تبني علي عدم الحرج يقول الله تعالي:ما جعل عليكم في الدين من حرج.