محافظ بني سويف يبحث مع معهد التخطيط القومي خطوات تنفيذ مشروع النباتات الطبية والعطرية بسمسطا    باكستان تعلن وصول حصيلة القتلى جراء ضربات الهند إلى 31    مدرب برشلونة السابق: صلاح يشبه ميسي..ومرموش أضاف الكثير لمانشستر سيتي    رئيس اتحاد الجودو: تعاون المدربين واللاعبين سرّ الإنجاز.. والميدالية رمز تعب    مصرع أم ونجلها في انفجار أسطوانة غاز بأسوان    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    سهير رمزي عن حصرها في أدوار الإغراء: كنت بدور على الانتشار    بوسي شلبي ترد على بيان ورثة محمود عبد العزيز: علاقتنا كانت زواجًا شرعيًا وقانونيًا    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة فى شعر أمير شعراء الرفض
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 05 - 2014

يسطع الجانب السياسى بارزًا فى شعر أمل دنقل، ولكن المضامين السياسية لم تكن نابعة من انتماء إلى حزب سياسي، فهو وإن لم يكن معاديًا للسياسة الناصرية، لم يكن ناصريًا حزبيًا وعلى الرغم من اتجاهه القومى البارز لم يكن منتميًا إلى الحزب الناصرى الواحد، ولا إلى حركة البعث العربي.
فلم تكن السياسة فى شعره شعارات أو بيانات أو برامج أو انعاكاسات مباشرة لوقائع صراع اجتماعي؛ أى لم تكن سياسة صرفة، بل كانت رؤية شعرية مأساوية لواقع يراه دميمًا فى آخر المرحلة الناصرية أو فى عصر السادات حينما ساد الحديث عن عدم التصدى للثور الأمريكى الهائج، وتقديم التنازلات له وقبول مبادرة روجرز، وعن السماح بدور للرأسمال الغربى فى التنمية الاقتصادية وتمت بالفعل مواصلة إلغاء المعارضة السياسية والديمقراطية عمومًا واستمرار القمع والتعذيب للرأى المخالف. وكان ديوان «البكاء بين يدى زرقاء اليمامة» عام 1969 إدانة للعالم الذى أدى إلى هزيمة 1967، وكان ديوان «تعليق على ما حدث» (عام 1971) استمرارًا للديوان الأول وديوان «العهد الآتي» فى عام 1975 وأخيرًا ديوان «الغرفة رقم 8» عام 1983 معجونة كلها بحركة الحياة والتاريخ، وتترقرق فيها قضايا المصير الإنساني. ولم توافق الرقابة المصرية على البكاء بين يدى زرقاء اليمامة وقبله قصيدة كلمات سبارتاكوس الأخيرة.
وبدأ المرض اللعين يفتك بجسم أمل النحيل. ولكن الشاعر الذى يمثل ضمير مصر والضمير العربى الإنسانى ظل شديد العنفوان. وبعد وفاته يحمله كثير من الشعراء والنقاد والقراء والمواطنين داخلهم، ويحمله الثوريون فى ميدان التحرير وفى كل ميدان، وتتحول قصائده إلى أناشيد ورسوم على الجدران، وهى قصائد وصلت بالمحتوى القومى للشعر إلى درجة عالية من التقنية الفنية والقيمة الفكرية. فهو يختار رموزه من التراث العربى وأقنعته من الشخصيات التراثية، وهى قادرة على تحريك اللاشعور القومى للجماهير العربية: زرقاء اليمامة، حديث خاص مع موسى الأشعري، ومن مذكرات المتنبى فى مصر. وقد قربه البعد السياسى القومى من الجمهور وجعله حريصًا على البعد الإنشادى للقصيدة؛ الشاعر أمل دنقل يكتب القصيدة لكى يلقيها فى محفل جمعى رموزها قريبة من وجدان الجماهير وصورها الشعرية بسيطة ومقاطعها قصيرة حادة تتكامل وتجسد اللحظات الجوهرية فى الواقع. إن المضامين السياسية عنده كانت نابعة عن رؤية مستقبلية متخيلة لواقع بعيد حذر الشاعر منه، واقع بغيض مأساوى سيتفاقم. وليس شعره القومى استنامة للتراث واجترارًا للماضي، ولا يهدف إلى تقديم حكمة أو موعظة حسنة. وليست لغته الدقيقة معجمية بل سياقية الدلالة درامية التأثير تعبر بالجزئى عن الكلى وبالكلى عن الجزئى وبالمرئى عن اللا مرئي، وبالصورة والمفارقة والرمز والأسطورة وتسعى لتحويل الحلم إلى واقع والواقع إلى كابوس. وتسهم القافية التى يحرص عليها فى تثوير الوعى وإرادة الفعل. إن الشعرية عند أمل لا تحيط المجال الشعرى بسور يفصله عن قوى وطاقات الحياة خارجها، أو عن الدوائر الثقافية الأخري. فالشاعر عند أمل إنسان يخاطب بشرًا ويتحدث معهم، فالشعر عنده نوع من الكلام. وعلى الرغم من الفروق بين الشعر والكلام العادى فهناك تشابهات أساسية بينهما ولا ينقل الكلام العادى المتبادل إعلامًا أو يتسم بالنزعة العملية بل يتعلق بالمشاعر والمواقف، بل يصبغ الإعلام بالخبرة الخاصة وتتلون العبارة بانفعال المتكلم، فالشعر عند أمل لغة متخصصة تستهدف الوضوح والدقة إزاء المواقف والمشاعر والتفسيرات، أى هو شكل من أشكال التخصص فى الكلام العادي، كما لا يختلف عن شواغل الحياة العادية اختلافًا جوهريًأ.
إن الشعر الخالص ليس شيئًا قائمًا بذاته بل هو تخصص نوعى لعادات التفكير والشعور الشاملة. إنه لا ينقل نصائح وتوصيات طيبة فحسب، فالنثر العادى ينقلها بدقة أكبر من الشعر الرديء الذى ترد فيه. ولا تكفى عند أمل الفكرة الجيدة لخلق القصيدة، فالشعر من ناحية الكثافة الانفعالية لا يمكن له أن ينافس الخبرة الواقعية، فمذاق التجربة وعبيرها أعمق كثافة من أى شعر يصفها، ولكن التجربة أو الخبرة فى قصيدة أمل تتضمن موقفًا وتفسيرًا فالتأثير الشعرى ينجم فى شعر أمل عن بناء القصيدة المعماري، وبالإضافة إلى ذلك هناك التنظيم الدرامى لأى قصيدة حتى أكثر قصائده الغنائية. إن أشعارالرفض عند أمل دنقل تعطينا معرفة بأنفسنا وبواقعنا فى علاقاتنا بعالم الخبرة والتجربة مصورة بلغة القيم الإنسانية ولا تتألف تلك المعرفة من قضايا منطقية أو رسالات سامية أو أجزاء من مذاهب سياسية بل تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التشكيل الشعري.
لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.