فى محاولة للانتقال بمئات الأطفال من العجز عن السمع والكلام إلى المشاركة فى المجتمع، عاد برنامج زرع قوقعة الأذن بالمعهد القومى للسمع والكلام إلى العمل بعد توقف دام 10سنوات، حيث أجريت بالمعهد 5 جراحات متقدمة لزرع قواقع صناعية حديثة لأطفال فاقدى السمع، فى حضور الخبير البلجيكى د. زاروسكى، وبأيادى جراحى المعهد بعد تدريبهم فى كبرى المراكز الطبية الأوروبية، وبتمويل من هيئة التامين الصحى وتبرعات أهل الخير. ويقول د.محمد حسنى مدير المعهد إن عودة برنامج زرع القوقعة جاء بعد إقرار برتوكول وقواعد استرشادية تم وضعها من لجنة متخصصة من أساتذة المعهد وكان البرنامج قد توقف عام 2002 بسبب التعثر المادى، خاصة مع ارتفاع تكلفة القوقعة، وبرنامج التأهيل. ويؤكد د. أشرف إسماعيل الأمين العام لهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، أن الوزارة تسعى لزيادة دعم عمليات زرع القوقعة، ووضع نظام للمتابعة، وأولويات الاختيار. ويظهر دور المستشفيات والمعاهد التعليمية فيما يقدمه المعهد القومى للسمع والكلام من جراحات، وتوفير الأطباء المدربين، وإجراء فحوصات وتدريبات قبل وبعد جراحة الزرع بالمجان، حيث يجب إدخال هذه الخدمات ضمن مشروع التأمين الصحى الشامل. وتوضح د.إيمان عبد البديع رئيس قسم السمعيات ومسئول برنامج زرع القوقعة بالمعهد، أن الحالات التى تحتاج للزرع هى حالات الضعف السمعى الحسى العصبى العميق بالأذن، التى لا تستجيب للسماعات الطبية، وتمثل 1% من حالات ضعف السمع. وترجع أسباب ضعف السمع بهذه الحالات لأسباب وراثية كزواج الأقارب أو الإصابة بالحمى الشديدة والحمى الشوكية أو حوادث كسور الجمجمة. وتشير إلى أن هناك فهما خاطئا لدى أهالى المرضى هو أن عمليات الزرع هى الحل السحرى لاستعادة السمع والكلام، دون اللجوء لاستخدام السماعات الخارجية لفترة 6 أشهر، كما أن هناك اختبارات دقيقة لاختيار المرضى لإجراء الزرع ، منها تقييم درجات الضعف، ومدى ملائمة الأذن الداخلية للقوقعة الصناعية، ونسبة ذكاء الطفل، واستجابته للتأهيل بعد الجراحة، ومدى تعاون أسرة المريض فى تأهيله. وتوضح أن نتائج نجاح العملية تتفاوت بحسب الاختيار المناسب للطفل، لذلك خصص المعهد فريقا طبيا كاملا لتوعية الأهالى بالنتائج المتوقعة. من جهته، يقول د. عبد الله محمود عميد المعهد الأسبق إن القواقع الصناعية وجراحاتها شهدت تقدما تقنيا كبيرا، فأصبحت القوقعة الواحدة تحتوى على الترددات الصوتية بصورة تحسن من قدرة الطفل على تمييز الأصوات، وتحسن قدرته على الكلام، كما تمتاز بصغر الحجم وقوه البطارية وخفة الوزن وطول العمر. ويضيف أن المعهد يوفر قواقع بأطوال مختلفة لتناسب حالات فقد السمع الناتج من تشوه الأذن الداخلية، أو الالتهاب السحائى. فى سياق متصل، يشير د.عاطف مبروك رئيس قسم الجراحة بالمعهد إلى أن هناك أكثر من 50 حالة على قوائم الانتظار لإجراء الزرع، وأنه يمكن لجراحى المعهد إجراء 5 حالات أسبوعيا فى ظل توافر التمويل، كما يتم حاليا تعزيز غرف العمليات بأحدث الأجهزة لمتابعة المريض فى أثناء التخدير، وتجربة نجاح الجراحة داخل غرفة العمليات. كما وفر المعهد أحدث جهاز لمراقبة العصب السابع وتلافى إصاباته. ويرى د. عاطف مبروك ضرورة إجراء الجراحة قبل سن 6 سنوات حيث تكون الاستجابة أفضل عند الترددات والنغمات الصوتية من خلال القوقعة، وذلك قبل توقف خلايا المخ عن استيعاب النغمات نتيجة طول فترة فقد السمع. ويطالب فريق العمل بالمعهد مؤسسات الخير ورجال الأعمال بتقديم الدعم لضمان استمرار البرنامج، وعدم توقفه مرة أخرى.