يري عشرات الفنانين من رواد الفن المعماري وعشاق الذوق الرفيع وخبراء التراث الإنساني المتميز أن ما تحتضنه تلك المساحة التي تلف قلب منطقة روكسي بمصر الجديدة وهي منطقة غرناطة تمثل واحدا من أهم فنون العمارة التي شيدت في أوائل القرن الماضي, ولاينبهر بها المتخصص فقط بل كل من ينظر إليها من أصحاب العيون العاشقة للجمال. ومن المؤكد أن الحسرة تملأ قلوب كل من عاصرها في عهدها الذهبي ويحمل في نفسه ذكريات جميلة عنها, ومن المؤكد أن إطلاق اسم غرناطة عليها لم يأت من فراغ بل كان محاكاة مصغرة جدا لطرز بناء مدينة الإبهار الأسبانية في عصور الأندلس الزاخرة غرناطة, وهي مدينة التراث العالمي التي تحتضن الروائع من الفن المعماري الإسلامي الأندلسي المتفرد والذي لاتضاهيه في روعته ونفس تصميماته مدينة أخري وغرناطة المصرية ربما تكون محدودة المساحة ولكن تصميم مبانيها والعشرات من مكوناتها المعمارية علي الطراز الأندلسي وتحديدا لغرناطة الأم, فهاهي المنصة الملكي لمشاهدة سباق الخيل والمسجد والمطعم الأندلسي والقباب والبرج ذو السلم الحلزوني, والنوافذ والأبواب والمشربيات والشرفات الدائرية والفتحات والأسقف والزخارف المجسمة وتناسق الألوان وغيرها من التحف المعمارية تجسد هذا الفن المعماري الأندلسي الرائع ولكن وللأسف كل هذا التراث وتلك النفائس المعمارية والفنية الجميلة مهددة بالانهيار والسقوط, وأصابع الإتهام تشير إلي أن هناك شبهة إهمال مبرمج, بل ويذهب البعض إلي أن أيادي العبث من أصحاب نظرية البشر والحجر تتعمد التخريب طمعا في انهيار غرناطة تمهيدا لاستثمارها في اقامة ناطحات السحاب علي أنقاض التراث المتميز, ويوما بعد يوم تزداد احتمالات انهيار روائع موقع التراث الأثري الجميل غرناطة, ولايكاد يمر شهر واحد دون أن تتسع هوة التأثيرات السلبية فتزداد المباني شحوبا وتتساقط وتتناثر منها مكوناتها, وما للحوائط الصماء من حيلة لكي تدافع عن نفسها في ظل سكوت البشر وتخاذل المسئولين, ومن يتابع حال غرناطة المصرية منذ عدة سنوات يلمس في جلاء ماطرأ ويطرأ عليها باستمرار لينقلها من سئ إلي أسوأ معجلا بقرب انهيارها, نعلم أن المبني مسجل علي أنه مبني تراث اثري ولكن لم نشاهد يوما أي أعمال ترميم أو صيانة من شأنها إنقاذه, أو تكف عنه أيادي العبث. وعلي الملأ نشاهد باحة الموقع وجانبه الأيمن من اتجاه الميريلاند وقد تحولتا إلي جراج للسيارات والقلابات وتشوينات أعمال الحفر, وواجهته الخلفية أصبحت مقلبا للمخلفات والأخشاب والقمامة وإطارات السيارات المستهلكة, وأمام هذا الوضع المتفاقم فإن أسهم الآراء التي تؤكد إن ما يحدث مؤامرة ترتفع مع ازدياد مساحة الإهمال الذي يري أصحابها أنه إهمال متعمد لكي ينتهي الأمر بانهيار فرائد الموقع الأثري لكي يتثني تحقيق حلم الاستثمار العقاري في منطقة تساوي وزنها ذهبا بالنسبة لأصحاب تلك النظرية!