عن أم عمارة الأنصارية( رضي الله عنها)أن النبي( صلي الله عليه وسلم): دخل عليها فقدمت إليه طعاما فقال: كلي,فقالت: إني صائمة,فقال رسول الله( صلي الله عليه وسلم): إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتي يفرغوا,وربما قال حتي يشبعوا. رواه الترمذي والدارمي في الصوم. في هذا الحديث النبوي الشريف يتضح لنا- كما يقول الدكتور احمد عيسي المعصراوي استاذ الحديث وعلومه بجامعة الازهر- أن أم عمارة الأنصارية( رضي الله عنها) لما دخل عليها سيدنا رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وقدمت إليه طعاما فقال:كلي فأجابت بقولها:إني صائمة,أي أنها اعتذرت عن عدم تناول الطعام ببيان أنها صائمة,ولا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت الحاجة إلي ذلك, لكن المستحب والأفضل أن يخفي الإنسان عبادته ولا يظهرها إذا لم تكن هناك حاجة, حتي لا يكون فيها إظهار أو مراء أو حب ظهور إلي غير ذلك من الأمور, فعندما قالت:إني صائمة قال( صلي الله عليه وسلم): إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده,أي إذا أكل الناس عنده وطعموا عند الصائم حتي يفرغوا, وربما قال حتي يشبعوا: لأن الصوم في الحقيقة إلي جانب أنه يعود صاحبه علي الإخلاص في العبادة ويعود صاحبه علي الإخلاص لله في السر وفي العلانية إلي جانب ذلك,فإنه إيضا عبادة ترشد الناس إلي الإنفاق وتشعر الأغنياء بمرارة الجوع حتي يعطفوا علي الفقراء,وحتي يمدوا أكف التعاون والمساعدة إلي المحتاجين ولذلك وجه النبي( صلي الله عليه وسلم) إلي الإنفاق في رمضان بقوله:( من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار),ووجه إلي ذلك بسلوكه,فقد كان أجود الناس,وكان أجود ما يكون في رمضان,فهو يعلم أمته البذل والإنفاق في هذا الشهر الكريم,فإن الحكمة من الصيام إلي جانب ما فيه من تربية الإرادة وتقوية العزيمة,وإلي جانب ما فيه من توحيد للأمة,وإلي جانب ما فيه من تعويد وتعليم وتدريب علي الإخلاص في السر والعلانية, وعلي مراقبة الله تعالي في كل وقت وفي كل حين إلي جانب هذه الحكم, فإنه يدعو القادرين والمالكين وأصحاب الأموال إلي أن ينفقوا علي البطون الجائعة, وأن الجوع يستبد بها كما شعرتم وأنتم صائمون بمرارة الجوع والحرمان والظمأ,فمن أجل ذلك نبه الرسول( صلي الله عليه وسلم) بأن الذي يستفيد من صومه فيطعم الناس ويأكلون عنده,تصلي الملائكة عليه ويكون له هذا الفضل العظيم.