حذر خبراء من أن قطاع الزراعة في مصر هو الأكثر تأثرا بتغير المناخ, وأن خسائره سوف تتضاعف ما لم يتم وضع حلول له, في وقت ذكرت فيه دراسة حديثة أن خسائر الزراعة بمصر ستبلغ نتيجة تغيرات المناخ نحو25 مليار جنيه سنويا بحلول عام2030, و112 مليارا بحلول عام.2060 وقالت الدراسة- التي حملت عنوان التأثيرات المحتملة لتغير المناخ علي الاقتصاد المصري- إن تغير المناخ سيؤدي إلي خفض إنتاج المحاصيل, وتدني الإنتاجية الزراعية, بسبب نقص الموارد المائية, وإنه ستكون هناك خسارة للملكيات والأراضي الزراعية, وزيادة في تكاليف الحماية من ارتفاع منسوب سطح البحر, مما سيؤدي إلي زيادة معدلات سوء التغذية, وتهديد الأمن الغذائي. الدراسة التي قام بإعدادها فريق من الخبراء الدوليين والمصريين, من خلال برنامج إدارة مخاطر تغير المناخ, أشارت أيضا إلي أن45% من التركيب المحصولي في مصر مهدد بسبب تغير المناخ, وما يصاحبه من ارتفاع درجات الحرارة, والجفاف والتقلبات الجوية الحادة والأمراض والآفات الزراعية المصاحبة لتلك التغيرات. البحث.. والأصناف تعليقا علي الدراسة, قال الدكتور شاكر أبو المعاطي, رئيس قسم بحوث الأرصاد الجوية الزراعية بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي, إن الحشرات والآفات تتأقلم مع تغير المناخ, وإن الحشرة الواحدة قادرة علي التكاثر بما ينتج عنه7 أجيال في السنة, كما يمكن للجيل الواحد أن يدمر فدانا خلال48 ساعة, مشددا علي أن دور البحث العلمي ضروري لاستنباط أصناف تستطيع مقاومة تلك الحشرات. ومن جهته, أكد الدكتور مسعد قطب, مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي التابع لمركز البحوث الزراعية, أن هناك أصنافا مبشرة وسلالات تجري وزارة الزراعة تجارب عليها في كيفية إدارة الري الحقلي في ظل عجز المياه. وأضاف أن التجارب الحالية تجري علي عشر سلالات في الأقاليم الزراعية الثلاثة( بالدلتا ومصر الوسطي ومصر العليا) في ثلاثة مواعيد زراعية مختلفة, مع تجربة كميات مختلفة من مياه الري حتي يتضح: هل ستتأثر نسبة المحصول بنفس قدر نسبة نقص المياه أم لا, وبالتالي معرفة أي المحاصيل أكثر تحملا للجفاف. وتابع أن زراعة مساحات تجريبية هي السبيل الوحيد لإقناع الفلاح الذي لا يقدم علي تجربة الأصناف الجديدة في أرضه إلا بعد أن يري مدي نجاحها في أرض غيره, وأن سيناريوهات تغير المناخ تأخذ في الاعتبار عوامل عدة منها درجات الحرارة وكمية الأمطار ونسبة الرطوبة, كما يقوم المعمل المركزي للمناخ الزراعي باستخدام نماذج محاكاة لتصل في النهاية إلي الأصناف التي تتحمل الظروف المناخية الصعبة, وبالتالي تخرج برسالة تحذير لصانع القرار من أن التركيب المحصولي سيعاني من نقص يتراوح بين20% و47% حسب الصنف. وأضاف أن نقص المياه وحده- يهدد بنقص مساحة الأرض الزراعية من6 و8 مليون فدان لتصبح6 ملايين فدان, مستدركا بأن الثورة الصنفية, ورفع الكفاءة الإنتاجية, والممارسات الزراعية الجيدة; يمكن أن تعوض انخفاض غلة المحاصيل. أهمية القطاع الزراعي ورأي الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة بجامعة القاهرة أن قطاع الزراعة مكون أساسي في الاقتصاد المصري, برغم إسهامه المنخفض نسبيا في الناتج المحلي الإجمالي البالغ13.7%, إذ يقوم بتوظيف الجزء الأكبر من القوة العاملة المصرية أكثر من أي قطاع آخر في الاقتصاد,(27% من القوي العاملة في عام2010), وهو ما يتجاوز5.5 مليون عامل. وأوضح أن هذا القطاع يضم نحو40 في المائة من المصريين الذين يعتمدون علي الزراعة كمصدر رئيس للدخل. وعلي صعيد الأمن الغذائي, يوفر القطاع نحو60% من الاحتياجات الغذائية لمصر. بينما تستورد مصر نحو40% من احتياجاتها الغذائية, فضلا عن أنها تعتبر أكبر مستورد للقمح حاليا في العالم, كما تستورد نحو90% من احتياجاتها من زيوت الطعام. الدكتور صيام أكد أن ميزانية البحوث يجب مضاعفتها عشر مرات لتكون700 مليون جنيه علي الأقل, وهو مبلغ غير مبالغ فيه, إذا علمنا أن ميزانية البحوث الزراعية كانت400 مليون جنيه في الثمانينيات, مشددا علي أهمية تطوير السياسات الخاصة بقطاع الزراعة ليتمكن القطاع بأكمله من التكيف مع تغير المناخ, وتشمل تلك السياسات تعميم البذور المعتمدة, و تبني أصناف جديدة تتحمل الملوحة والحرارة, مع تفعيل الإرشاد الزراعي والجمعية الزراعية, لأن تعديل السياسات الزراعية لن يكون فعالا في ظل غياب الجانب المؤسسي, كما قال.