بالرغم مما تملكه فرنسا من باع طويل في الديمقراطية الا ان الفرنسيين مازالوا يتطلعون للمزيد ليس من منطلق البحث عما ينتقص لديهم من الحقوق بل لمنح ما اكتسبوه من بعض الحقوق للمهاجرين الذين يقطنون علي أراضيهم حيث يناقش مجلس الشيوخ الفرنسي حاليا مشروع قانون تقدم به الحزب الاشتراكي يعطي حق التصويت في الانتخابات المحلية للمقيمين الأجانب. ويذكر ان المشروع الذي تقدمت به النائبة اليسارية إستير بن باسة يهدف الي منح حق التصويت في الانتخابات المحلية للأجانب المقيمين بفرنسا من غير الأوروبيين وكذلك يمنحهم حق العمل في المجالس البلدية دون اعطائهم الحق في شغل منصب العمدة أو نائب العمدة. وياتي طرح هذا القانون للنقاش في مجلس الشيوخ في الوقت الذي يتبوأ فيه رئاسة المجلس للمرة الأولي الاشتراكي جان بيار بيل بعد اقتناصه من اليمين. ومن ناحيته بيار بيل قال انه حان الأوان للاشتراكيين ان يفوا بهذا الوعد الذي يتناسب مع مبادئهم الأساسية وهي الفكرة التي ظلت تداعب الاشتراكيين منذ حقبة طويلة وكانت مدرجة في البرنامج الانتخابي للرئيس الراحل فرانسوا ميتران في1981 دون أن يتم تجسيدها علي أرض الواقع لأسباب سياسية وانتخابية. وفي الوقت الذي يؤيد فيه61% من الفرنسيين المشروع حسب اخر استطلاع للرأي اجراه معهد بي في أي كون ان تصويت الأجانب يطبق في دول عدة الا ان هذا المشروع لاقي معارضة قوية من قبل الحزب الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية ونصب له العتاد لمهاجمته.اما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي سبق له تأييد هذا الحق قبل وصوله للاليزيه الا انه يري الان شيئا أخر مصرحا أن مثل هذا القانون بإمكانه أن يحدث انقسامات في صفوف الشعب الفرنسي الذي يحتاج إلي الانسجام والتضامن. وحسب ما جاء في كتابه الذي صدر في2001 دافع ساركوزي عن مشروع قانون يمنح حق التصويت لغير الأوروبيين في الانتخابات المحلية شرط إقامتهم بشكل شرعي في فرنسا لمدة خمس سنوات علي الأقل أن يكونوا من دافعي الضرائب لكن التنافس الشديد لجذب أصوات الفرنسيين المتشددين المحتمل تصويتهم لصالح اليمين المتطرف وزعيمته مارين لوبان جعل ساركوزي يغير مواقفه مرات عديدة. ويذكر أن جزئية حق تصويت الاجانب في الانتخابات المحلية والاوروبية قد وردت في معاهدة ماستريخت وان فرنسا وألمانيا وايطاليا ومالطا وبولندا ورومانيا والنمسا وقبرص وليتوانيا من بين الدول التي ترفض تطبيقه.في حين تصدرت ايرلندا الدول الأوروبية التي منحت الأجانب هذا الحق وجاء بعدها بلجيكا واسبانيا وهولندا والمجر وفنلندا واستونيا وسلوفانيا وجمهورية التشيك والدنمارك. ومما لاشك فيه ان المشروع يأتي ضمن الحملة الانتخابية الرئاسية التي تشهدها فرنسا في تلك الآونة وانه لم يلق ترحيبا من الحزب اليميني الحاكم الذي فتح بدوره النار علي الحزب الاشتراكي. وفي المقابل لم يتوار الحزب الاشتراكي بإلقاء التهم علي الرئيس ساركوزي كونه حسب رؤيتهم يستغل المال العام في تنقلاته المتعددة لبعض المناطق داخل البلاد معتبرين انها ضمن حملته الدعائية لخوض الانتخابات الرئاسية.ذلك في الوقت الذي يعتبرها الاليزيه ضمن لقاءات ساركوزي لطمأنة الفرنسيين في مواجهة الازمة الاقتصادية وما يشاع حول فقدان فرنسا لتصنيفها الائتماني, وذهب فرنسوا اولاند المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية المقبلة بتقدم شكوي للجنة الوطنية لحسابات الحملة بغية ان يتكبد ساركوزي مصروفات تنقلاته. وامتدادا لحالة الحرب بين اليمين واليسار علي سباق الاليزيه نظم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبيةالحاكم ندوة غير مسبوقة لانتقاد البرنامج الانتخابي للحزب الاشتراكي تمهيدا للانتخابات الرئاسية في.2012 وتعتبر هذه الندوة الاولي بعد اختيار فرنسوا اولاند مرشحا رسميا. وتعمد المشاركون بالندوة بث فكرة مفادها أن تكلفة برنامج الاشتراكيين ستكون باهظة وستعمق العجز المالي للبلاد وهو ما قد يزيد من مخاوف الفرنسيين, مشيرا إلي أن هذا البرنامج عبارة عن سلسلة من الوعود التي لا يمكن ترجمتها علي أرض الواقع.ولم يغفل الامين العام للحزب الحاكم الاشارة الي ان الرئيس ساركوزي تعهد بحماية الفرنسيين وبفضل جهوده استطاعت فرنسا أن تحافظ نسبيا علي قوتها الاقتصادية رغم الأزمة العالمية متسائلا كيف ستكون فرنسا مستقبلا حال وصول الاشتراكيين إلي سدة الحكم؟. كما قام ايضا لويك شاتيل وزير التعليم بمهاجمة الحزب الاشتراكي منتقدا خطة مرشحهم اولاند الداعية لخلق60 الف وظيفة في قطاع التعليم متهما اياه ببيع الوهم للفرنسيين.وذهب وزير الزراعة برينو لومير لحث الفرنسيين بعدم التصويت لصالح الحزب الاشتراكي.اما وزير الاقتصاد الفرنسي فرانسوا بروان فقال أن برنامج الاشتراكيين سيؤدي بفرنسا إلي الهاوية. وخلصت سخونة المعركة الانتخابية التي لم تنتهي بعد برد فرنسوا اولاند علي اتهامات اليمين بان الحزب اليميني هو الذي أفلس البلاد وعميق عجزها المالي منذ سنوات.