السهولة التي تمت بها عملية قصف الطائرات الإسرائيلية للاراضي السورية اثارت الكثير من التعليقات التي تركز معظمها حول ضعف الدفاعات الجوية التي طالما تغني الجانب السوري بقوتها, في توقيت تظل فيه الانظار معلقة بدمشق علي ضوء ما جري من اتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو, وبين سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية ونظيره السوري وليد المعلم. وكانت وكالة انترفاكس نقلت عن مصادر سورية في موسكو قولها بعدم صحة ما قيل حول ان الرئيس بشار الأسد أرسل إنذارا الي الولاياتالمتحدة عبر روسيا ينذرها فيه بان بلاده قد ترد علي هذا العدوان بعمليات قد تكون بداية حرب شاملة في المنطقة. في الوقت الذي وصفت فيه مصادر رسمية روسية الغارات الاسرائيلية الاخيرة علي الأراضي السورية باعتبارها' أخطر تدخل أجنبي في الأزمة السورية', قال آخرون في موسكو إن هذه الغارات تعد سابقة تدعم احتمالات قيام اطراف خارجية بعمل عسكري ضد نظام الأسد, بما قد يمهد لتدويل الصراع السوري من اجل حسم الصراع الجاري في سوريا لصالح معارضي الرئيس الأسد'.مثل هذه التقديرات قد تكون تفسيرا مناسبا لما اعرب عنه الكرملين من قلق تجاه تصاعد الاحداث في المنطقة علي مثل هذا النحو, ولما كشف عنه دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين الذي اعلن أن الرئيس فلاديمير بوتين أجري يوم الاثنين الماضي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تناول خلالها' الوضع في منطقة الشرق الاوسط, وسير الاحداث في سوريا'.وكانت مصادر الخارجية الروسية كشفت بدورها عن مكالمة هاتفية جرت بين سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية ونظيره السوري وليد المعلم مساء الاثنين الماضي بحثا خلالها الاوضاع الراهنة في اعقاب الغارات التي شنتها الطائرات الاسرائيلية ضد الاراضي السورية.واشار البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية حول هذا الامر الي ان الوزير السوري ابلغ لافروف بملابسات الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الاسرائيلية ضد المواقع السورية علي مقربة من دمشق يومي3 و5 مايو الجاري, فيما تبادل الوزيران الآراء حول الاوضاع الناجمة عن هذه الغارات وما اسفرت عنه من خسائر.وقالت الخارجية الروسية ان موسكو ناشدت الاطراف المعنية' ابداء أقصي قدر من ضبط النفس, ونقلت عن سيرجي لافروف تقديراته حول عدم جواز انتهاك سيادة ووحدة اراضي سوريا وبقية دول المنطقة, وخاصة في سياق النزاع الداخلي المدمر والخطير المستمر في سوريا.وكانت وزارة الخارجية الروسية كشفت كذلك عن استقبال ميخائيل بوجدانوف المبعوث الشخصي للرئيس بوتين الي الشرق الاوسط, نائب وزير الخارجية الروسية للسفير السوري في العاصمة موسكو رياض حداد وقالت إن اللقاء تناول الاحداث الاخيرة التي شهدتها المنطقة وفي مقدمتها الغارة الإسرائيلية علي الاراضي السورية. واشارت الي ان الجانب الروسي اكد ضرورة احترام السيادة السورية, في نفس الوقت الذي اعلن فيه عن' ضرورة تسوية الاوضاع الداخلية والتوتر الراهن في سوريا باسرع ما يمكن وعلي اساس الحوار الوطني السوري الواسع. وفيما كانت موسكو اكدت مجددا عن عدم تغيير موقفها من الازمة السورية وتمسكها ببيان جنيف سبيلا الي تسوية النزاع بين الاطراف المعنية عبر الحوار السياسي السلمي بعيدا عن تصعيد العنف والمواجهة العسكرية ودون اي تدخل خارجي, أعربت وزارة الخارجية الروسية ايضا عن قلقها الشديد تجاه ما شنته إسرائيل من غارات ضد الاراضي السورية في الثالث والخامس من مايو الجاري.وقال الكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية في بيان اصدره يوم الاثنين الماضي ان بلاده تعكف علي دراسة ملابسات هذه الغارات وتحليل ابعادها, مشيرا الي ان موسكو تري ان تصاعد المواجهة المسلحة يزيد من مخاطر نشوء بؤر جديدة للتوتر في لبنان, فضلا عن المناطق الحدودية بين لبنان واسرائيل التي تتسم بقدر من الهدوء النسبي حتي اليوم. وتوقف لوكاشيفيتش عند ما قالته كارلا ديل بونتي عضوة لجنة التحقيق الاممية في انتهاكات حقوق الانسان في سوريا حول وجود معلومات لدي الخبراء تتحدث عن احتمال استعمال السلاح الكيميائي, خاصة غاز السارين, من قبل المعارضة السورية وليس من قبل القوات الحكومية.وأكد المتحدث باسم الخارجية الروسية' أن موسكو تدعو بإلحاح إلي وقف تسييس هذه المسألة الخطيرة وتصعيد الاجواء ضد سوريا, مشددا علي عدم قبول المماطلة, تحت ذرائع وصفها بانها مختلقة وخطيرة', في الرد علي طلب الحكومة السورية الموجه الي الاممالمتحدة والمتعلق بحادثة احتمال استعمال السلاح الكيميائي من قبل المجموعات المعارضة المسلحة في بلدة خان العسل يوم19 مارس الماضي. وأكد أن بوادر تهيئة الرأي العام لاحتمال التدخل العسكري في النزاع السوري يبعث علي القلق العميق, وهو ما ينتظر المراقبون ان يكون محور نقاش واسع بين لافروف وزير الخارجية الروسية ونظيره الامريكي جون كيري في لقائهما الذي بدأ امس في موسكو. وكان لافروف استبق هذا اللقاء بقوله إن حل المشكلة السورية ليس بيد الولاياتالمتحدةوروسيا وحدهما وان' مواقف البلدين تجاه هذه المشكلة مهمة لكنها ليست الحاسمة''. وأشار سكرتير مجلس الأمن الروسي إلي أنه لا يجد سببا يدفع'القيادة السورية' الي استخدام الأسلحة الكيميائية, فيما اضاف أنه لا يملك اية معلومات تبرر اتهام المعارضة السورية باستخدام هذه الأسلحة الكيمائية, وإن اشار الي الحاجة إلي تحقيق يكشف الحقيقة علي حد قوله.وكانت مصادر روسية نقلت عن مصادر حكومية سورية تصريحاتها حول ان المعارضة استخدمت أسلحة كيميائية علي مقربة من مدينة حلب في19 مارس الماضي في الوقت الذي كشفت فيه مصادر المعارضة السورية عن ان القوات الحكومية استعملتها في حمص في ديسمبر من العام الماضي وهو ما يبدو سببا لإثارة البلبلة واختلاق مختلف المبررات التي ثمة من قد يسوقها مبررا لإجراءات تصعيدية اخري.