داخل المخ البشري تنمو الخلايا العصبية المتفرعة الي جانب بعضها مثل الأشجار في غابة كثيفة. إلا أنها غالبا ما تواجه خطر تصحر مساحات واسعة منها, وكان الاعتقاد أن الخلايا العصبية التي ذبلت وماتت جراء الإصابة بالسكتة الدماغية أو أمراض أخري مثل الزهايمر أو باركنسون, فانها تختفي للأبد لأن المخ لا يملك وسيلة للإحلال واستعاضة الضرر الناتج عن تلف ملايين الخلايا العصبية. وخلال العشرين سنة الماضية ركزت جهود العلماء علي مقابلة هذه القدرة المحدودة لخلايا المخ علي التجدد. عن طريق تطعيم المخ المصاب بشرائح من آخر جنيني لاستبدال الخلايا التالفة باخري جديدة, ولكن للاسف كانت النتائج غير واضحة لحد كبير. فقد مر بهذه التجربة أربعة مرضي من السويد, وكانت النواة التي مهدت لاكبر دراستين الأولي علي40 مريضا و الثانية علي34 مريضا, بتمويل من المعهد القومي للصحة بالولايات المتحدة. في كلتا الدراستين تم تقسيم الحالات لمجموعتين الأولي تم فيها زرع شرائح جنينية في مخ المرضي والثانية خضع فيها المرضي للجراحة. وجاءت كلتا النتائج مخيبة فلم يظهر المرضي أي تحسن باستثناء بعض المرضي في عمر أقل من60 عاما. وهو ما جعل البعض يصفها بالتجارب الفاشلة. الا انه وفي دراسة تتبعية لاحقة وجد ان بعض المرضي اظهروا تحسنا بعد مرور4 الي6 سنوات, وهو ما فسر بأن الخلايا الجذعية ربما تحورت خلال تلك الفترة إلي خلايا عصبية بالمخ. ووفقا للعالم اندرس من جامعة لوند بالسويد فإننا الآن أقرب من أي وقت مضي لإيجاد علاج شاف لمرض باركنسون' الشلل الرعاش'حيث أظهرت دراسات حديثة في هذا المجال أن الخلايا الجذعية المستخلصة يمكن أن تساعد في خفض معدل التلف في خلايا المخ. وطبقا للتجارب التي أجريت علي القوارض والفئران فقد تم تهيئة الظروف المناسبة لتحفيز الأعصاب الصغيرة المستخرجة من الخلايا الجذعية واستنباتها بأعداد كبيرة داخل المعمل, ثم زراعتها في أدمغة حيوانات التجارب والتي أظهرت بدورها تحسنا ملموسا في استعادة القدرة علي الحركة. ولاتعمل الخلايا المنقولة علي تكوين خلايا جديدة فحسب, وإنما تفرز ناقلات عصبية تحافظ علي توازن مستويات الدوبامين في مخ مرضي باركنسون بطريقة أكثر كفاءة عن العلاج الدوائي المتاح حاليا. من ناحية أخري يظل الهاجس الذي يشغل العلماء هو تخوفهم من تحور الخلايا الجذعية إلي خلايا أخري غير الخلايا العصبية كما من الممكن أن تتكاثر الخلايا بشكل غير محكم وتؤدي لتكوين أورام سرطانية. وعليه لجأ الدكتور لورينز ستودر, داخل معمله بمركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان حيث طور من أبحاث تكاثر ونمو الخلايا الجذعية معمليا وهو ماساهم بشكل كبير في تقليل ميل الخلايا لتكوين السرطان. وعلي أمل ان تبدأ دراسات مماثلة في الانسان في غضون السنوات الأربع القادمة. وهو ما اعتبر خطوة علمية مبشرة في مجال علاج مرضي باركنسون الذي يصيب أكثر من10 ملايين حول العالم نتيجة موت الأعصاب المفرزة لمادة الدوبامين المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية في المخ والضرورية لتوازن الحركة. ليصاب المريض بالرعشة والتيبس وعدم القدرة علي الحركة وصعوبة المشي. ويرفع التقدم المحرز في علاج الشلل الرعاش آمال العلماء في الإجابة علي السؤال الأهم وهو: كيف نساعد المخ علي اصلاح اصابته؟ فاذا استطعنا توفير علاج للشلل الرعاش يمكنننا حين إذن علاج قطاع واسع من اصابات وأمراض الجهاز العصبي المركزي.