استطاع نجيب محفوظ استدعاء التاريخ المصري القديم ورسخ بجدارة من خلال كلماته ملامح الواقع السياسي في عصره, بل ذهب لابعد من ذلك عندما اسس للحالة المصرية الآنية. يقول د. صلاح عبدالله المفكر والمحلل السياسي انه مدرسة في التاريخ السياسي ونموذج غير مسبوق في الادب العربي, حيث ارخ للحياة السياسية والاجتماعية في مصر واستطاع ربطها في حلقة واحدة, وهو ما يتجلي في روايتي ميرامار والثلاثية منذ ماقبل ثورة يوليو وحتي ثورة25 يناير ويطرح توضيحا لرؤيته هذه بقوله ان نجيب في ميرامار استطاع ان يبشر بسقوط الاتحاد الاشتراكي ثم بزوغ المد الديني لانه نهي الرواية بقراءة احد ابطالها للأية الكريمة فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض بالاضافة لعودة الاحزاب وانها سترث الميراث السياسي لما قبلها وهي الحالة التي تعيشها مصر الآن من خلال بروز المد الاسلامي والتعددية الحزبية. ويكمل د. صلاح من خلال الثلاثية أن محفوظ ايقن بما لايدع مجالا للشك ان تزاوج الاخوان والشيوعيين باطل, عندما يظهر اثنان من احفاد السيد عبدالجواد أحدهما التحق بالاخوان والثاني بالشيوعيين وقد خرجا من قسم الشرطة ليدير كل منها ظهره للآخر في طريقين منفصلين وكأنه اراد ان يقول إن مصر ستشهد صراعا بين الاخوان والشيوعيين. وعن البعد السياسي يقول الكاتب محمد سلماوي إن الزعيم لدي محفوظ متغير حسب مقتضيات كل مرحلة, فهو في اولاد حارتنا يختلف تماما عنه في يوم مقتل الزعيم بل هو نقيض له, وكذلك في امام العرش ذلك يؤكد مدي صدقه في الحديث عن الزعماء الذين عرفتهم مصر, في اولاد حارتنا تجسيد للزعيم المهمين علي مقدرات الشعب الذي يملك البأس والبطش بل والعدل ايضا في الوقت نفسه, اما في رواية يوم مقتل الزعيم والتي كتبت بعد السادات هكذا يقول سلماوي فنجد صورة الزعيم في القائد السياسي الذي لفظته الجماهير بعد ان ساد الفساد وانتشر الفقر في البلاد فلم يجد من يشيع جنازته, الي ان يأتي في امام العرش بمحاكمة لجميع زعماء مصر من مينا موحد القطرين الي العصر الحديث ليتأكد لنا استطاعته تنوع نماذجه واختلافها بقدر اختلاف الزعماء الذين عرفتهم مصر. واتخذ د. جابر قميحة استاذ النقد الادبي رواية السمان والخريف مدخلا لعرض رؤيته حول نجيب محفوظ في تاريخه للواقع السياسي المصري, حيث يري أن العدل يمكن تحقيقه في ظل اعتي الديكتاتوريات, مشيرا إلي أن القوة كمايجب ان تكون قوة رشيدة عادلة والتي من الممكن أن تظهر في اشد الاوقات وتنتج خيرا في ظل عصر اتسم بالبطش والظلم... وهو الرابط بين السمان الطائر الحر الذي لايظهر إلا في الخريف وبين وصف عهد مليء بالاضطهاد السياسي والاجتماعي لم يخل من بروز نور العدالة ويقر المبدع يوسف القعيد, احد المقربين لمحفوظ أنه كان وفدي الهوي وتأثر بسعد زغلول ووجد في شخصية النحاس تعبيرا مباشرا عن الشخصية المصرية. ويري القعيد إن محفوظ تنبأ بالصراع بين الاسلامييين و الشيوعيين وان مصر هي محور الفعل مستشهدا بالجزء الثالث من الثلاثية السكرية عندما يجلس المتطرف الاسلامي في عربة ترحيلات الشرطة في مواجهة الشيوعي وكأنما يساوي بينهما ويؤكد ان المواجهة لن تنتهي.