أقنعة على الجدران وكرسي مريب، مشاهد لأول مرة من داخل جزيرة المجرم الجنسي إبستين (فيديو)    ترتيب مجموعة منتخب مصر بعد الجولة الأولى من مباريات كأس العرب    طقس اليوم الخميس.. بداية نوة جديدة وتقلبات عنيفة    الأحفاد جمعتنا، إعلامية شهيرة تفاجئ حسن شحاتة داخل المستشفى (صور)    «ما تسيبوش حقه».. نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقى العزاء (فيديو وصور)    استشهاد 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة    ممثل وزير الشباب يشارك في وداع السباح يوسف محمد إلى مثواه الأخير.. فيديو وصور    «مياه الجيزة» تعلن إصلاح كسر خط قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    اليوم، آخر فرصة لسداد رسوم برامج حج الجمعيات الأهلية 2025 بعد مدها أسبوعا    قناة دي فيلت: إذا لم تجد أوكرانيا المال لتغطية عجز الميزانية فستواجه الانهيار الحقيقي    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    في جولة محطة العبادلة بالقليوبية.. فودة يشدد على التشغيل القياسي وتعزيز خطط الصيانة    الصحة: لا تراخيص لمصانع المياه إلا بعد فحوصات دقيقة وضوابط رقابية مشددة    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    بالمستند.. أكاديمية المعلم تقرر مد موعد المتقدمين لإعادة التعيين كمعلم ل31 ديسمبر    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    دراما بوكس| بوسترات «سنجل ماذر فاذر».. وتغيير اسم مسلسل نيللي كريم الجديد    وزير الخارجية الفنزويلي: استقبلنا رحلات جوية حملت مواطنين مرحلين من الولايات المتحدة والمكسيك    د. خالد سعيد يكتب: إسرائيل بين العقيدة العسكرية الدموية وتوصيات الجنرال «الباكي»    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    نجاح جراحة دقيقة لمريض يعاني أعراضًا تشبه الجلطة في الجانب الأيسر    لا خوف من الفيروسات.. الصحة توضح سبب شدة الأعراض في هذا الموسم    أستاذة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية تكشف أفضل أساليب الطهي للحفاظ على جودة اللحوم    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    أكسيوس: إسرائيل تحذر من استئناف الحرب في حال استمرار تسلح حزب الله    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    ماكرون يستعد لإعلان تعديلات جديدة على العقيدة النووية الفرنسية    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب الشفافية يعجل بانتشار الفساد
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 11 - 2011

إذا كان زواج السلطة والثروة وانكماش مساحة المواطن والديمقراطية من أبرز القضايا التي فجرت ثورة‏25‏ يناير‏,‏ تطلعا الي مزيد من العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية, فإن طوفان الاقتصاد غير الرسمي الذي اجتاح مصر في مختلف محافظاتها وتحديدا في القاهرة والجيزة, يمثل الوجه الآخر لمثالب ومساوئ ثلاثة عقود من الزمان تراكمت فيها القضايا والمشكلات في القاعدة الاقتصادية, دون التصدي لها أو محاولة التقليل من آثارها, فجاءت الثورة لتطلقها من عقالها. واذا كانت ساحة المحاكم هي صاحبة الكلمة الأولي والأخيرة في قضية إفساد المال للسلطتين التنفيذية والتشريعية, فإن جزءا كبيرا من الاقتصاد غير الرسمي وجد في أرصفة الشوارع والطرقات ودروب التهريب من والي الخارج, المتنفس الوحيد له, وأصبح يحتمي بها في مواجهة أي محاولة لتنظيمها, ليكون بذلك حصادا مرا آخر في قاع المجتمع والاقتصاد, شأنه شأن الحصاد المر في قمة الاقتصاد وتركز الثروات, وكلاهما لعب الفساد دورا أساسيا في نموه واتساعه.
وحتي يكون المرء موضوعيا, يتعين الإشارة الي أن جزءا كبيرا من الأوضاع في قمة وقاع الاقتصاد ليست مقصورة علي مصر, وإن كانت قد اتخذت مظاهر أكثر حدة واتساعا مع طبيعة التغيرات السياسية والاقتصادية, فهذه الأمراض اجتاحت العالم بشقيه المتقدم والنامي, والدليل علي ذلك سلسلة المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت دول العالم المتقدم, انطلاقا من شارع المال في نيويورك, تحت شعار احتلوا وول ستريت, إلا أن الفرق يكمن في القدرة علي مواجهة الذات وديناميكية المراجعة ودور المؤسسات والقانون, وما يكفله ذلك من جهود لفحص الداء وتقديم العلاج ولو كان نسبيا, إلا أنه لا يركن الي الجمود والصلابة والعناد علي مدي عقود.
.. رؤية من قريب..
اتخذ الاهتمام بقضايا العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات خطا تصاعديا مع الاهتمام بقضية الاقتصاد غير الرسمي, الذي يطلق عليه البعض الاقتصاد السري, اقتصاد الظل, أو الاقتصاد غير الملحوظ, حيث يزداد طغيانه وتوسعه مع ازدياد معدلات البطالة والفقر جنبا الي جنب مع التضخم, في الدول المعنية, خاصة تلك التي تمر بمراحل انتقالية من نظام اقتصادي وسياسي الي آخر, حدث ذلك في دول شرق ووسط أوروبا, وكذلك في الدول المكونة للاتحاد السوفيتي سابقا, أو التابعة له, بالاضافة الي ازدهاره, في تربة ومناخ الفساد السياسي والإداري, وأزمة الثقة مع الدولة, ذلك هو الواقع الذي خلصت إليه أحدث دراسة في هذا الصدد, والصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في شهر مايو2011, تحت عنوان نحو فهم أفضل للقطاع غير الرسمي, وشارك في إعدادها كل من دان أندروز عايدة كالديرا امسا جوهانسرن وعضدت بذلك العديد من الدراسات الخاصة بظاهرة القطاع غير الرسمي, حيث ربط البعض منها بين هذا القطاع والحد الأدني للأجور ونوعية علاقات العمل, بينما تناول البعض بين ازدهار هذا القطاع وأزمة الثقة مع الدولة, وكذلك العلاقة بين الاقتصاد غير الرسمي والاقتصاد الرسمي, وقد صدرت كلها في عامي2010 و2011, يضاف اليها ما سبق في أعوام ماضية تعود الي السبعينيات, والذي تضمنته دراسة أعدتها كلاريتا جيبركساني.
والمثير للاهتمام, أن هذه الدراسة الأخيرة وما سبقها من دراسات بمثابة تشريح موضوعي للأسباب التي أدت الي تضخم وطغيان الاقتصاد غير الرسمي في مصر, ابتداء من ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانفلات الأسعار, الي النظام الضريبي والمعوقات الادارية أمام ممارسة النشاط بصورة قانونية, ناهيك عن الفساد وتوحش رأس المال, بما أدي الي اندلاع ثورة25 يناير.
ولابد أن نشير الي أن الاقتصاد غير الرسمي أو اقتصاد الظل, وإن كان يشمل ظاهرة الباعة الجائلين والذين افترشوا الشوارع والطرقات في بر العديد من المدن المصرية بما فيها العاصمة وامتداداتها, إلا أنه يتكون من قطاعات مختلفة ابتداء من الأفراد الذين يعملون لحساب أنفسهم في ورش أو منازلهم, الي هؤلاء النازحين من القري والمدن الصغيرة, الي العاملين فترات إضافية, الي المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر, الي أنشطة التهريب من والي الخارج, وكل هؤلاء يدخلون في خانة واحدة ألا وهي عدم خضوعهم للإجراءات والتنظيمات الحكومية, وبالتالي عدم ادراج ناتج أنشطتهم في الاحصاءات الرسمية( إجمالي الناتج المحلي) والطبيعة غير القانونية لأنشطتهم نظرا لعدم حصولهم علي تراخيص وتصاريح عمل.
وقد أظهرت الشهور القليلة الماضية, التقاء جميع أطياف هذا القطاع علي رؤية واحدة, وهي استخدام شبكة الطرق وحتي الكباري والأنفاق, كساحة مفتوحة لعرض منتجاتهم وبيع سلعهم, سواء كانت من انتاجهم أو تتم المتاجرة بها و حتي تهريبها من الخارج الي الداخل وبما يؤثر علي الصناعة الوطنية المصرية.
ومن المتفق عليه, أن حجم القطاع غير الرسمي وبصورة أكثر تحديدا من الباعة الجائلين والذين يفترشون الشوارع والذين يعملون ويتعاونون معهم, أعلي في الدول النامية, وتلك الصناعة الجديدة, فنجد أن النسبة تقفز في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وكذلك في العديد من الدول الآسيوية, بينما تتضاءل نسبيا في الدول الصناعية المتقدمة, وحتي داخل مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية, فالوضع في تركيا لا يقارن بألمانيا, ومن ثم فإن الظاهرة قائمة وممتدة الجذور في مصر, إلا أن طبيعة الفترة الانتقالية أسهمت في انفجارها علي السطح, خاصة أن فترة الحكم السابقة والممتدة علي مدي ثلاثة عقود, لم تحاول التصدي لها وايجاد حلول مناسبة ازاءها, وهو ذات الوضع الذي شهدته دول أوروبا الشرقية ووسط أوروبا, عقب انهيار النظم الشيوعية والشمولية بها.
كما لابد من الإشارة الي أثر سياسة الخصخصة والمعاش المبكر في ارتفاع نسبة البطالة بين ما يطلق عليه جيش احتياطي من قوة العمل فقد تم الاستغناء عن أعداد ضخمة من العمالة المصرية خلال عمليات الخصخصة من قطاع الأعمال الي القطاع الخاص, ولجأ الأخير الي إجراءات مشددة لترشيد حجم العمالة وتحديد الاجور, مما جعل القطاع غير الرسمي متنفسا لإيجاد فرصة عمل, أو تسويق منتجات أو سلع مهربة, أو العمل لساعات إضافية لمواجهة المتطلبات المادية للحياة المعيشية لأسرهم, ناهيك عن ارتفاع معدلات الفقر.
ما عليه وما له:
إذا كان الاقتصاد غير الرسمي واقعا طوفانه في مصر خلال الفترة الأخيرة نتيجة المرحلة الانتقالية, مما أدي الي توسعه وانتعاشه, فإن الأمر يقتضي النظر إليه بصورة موضوعية, ما عليه وما له, علي جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, من واقع الدراسات المنشورة وبما يؤدي الي تضييق الفجوة بينه وبين الاقتصاد الرسمي, بل وتشجيعه علي النمو بما يؤهله للاندماج فيه تدريجيا ولو بصورة نسبية.
فالعاملون في هذا الاقتصاد لا تربطهم عقود عمل مع انخفاض أجورهم, وافتقارهم التام للخدمات الاجتماعية والتأمينية, مما يزيد من حدة تعرضهم للصدمات المناوئة والافتقار للأمن المالي بالنسبة لكبار السن,
تناقص وضعف القدرة علي المساومة في مواجهة أصحاب الأعمال, وكذلك فرص العمالة في التدريب المهني مما يؤثر علي انتاجياتهم حيث تتسم بانخفاض الكفاءة وعدم القدرة علي التجديد والابتكار, ومن هنا يغلب علي نشاطه الانتاجي تقليد العلامات التجارية العالمية أو التهريب من الخارج للسلع رخيصة الثمن, مما يعمق الفجوة التكنولوجية بين الدولة المعنية والآخرين وتهديد انتاجها الوطني.
تنعدم الفرص أمام هذا الاقتصاد للحصول علي تمويل من مصادر رسمية, إضافة الي أن انحيازه لهذه الممارسات غير الرسمية, ناجم عن رغبته أو عدم قدرته علي تحمل نفقات التكوين والإنشاء, بل انه يلجأ الي أسلوب المقايضة في حالة ارتفاع معدلات التضخم ونقص السيولة النقدية, ولذا يطلق عليه في بعض الأحيان صديق صديقي, حيث تغلفه العلاقات الشخصية, ويميل الي عدم توسع ونمو الوحدات.
انتعاش هذا الاقتصاد قائم علي التهرب الضريبي, مما يعني حرمان الخزانة العامة للدولة من مصادر الايرادات السيادية, وفي ذات الوقت يؤدي الي استهلاك البنية الأساسية( من شبكة طرق وكبار والاستثمار السيادي في البنية والخدمات الأساسية) بما ينعكس علي معدل النمو الاقتصادي الرسمي, كذلك مستوي المعيشة والخدمات المتاحة للمواطنين من دافعي الضرائب.
ولكن لماذا ينتعش؟
أفردت الدراسة المشار إليها وأخري تتضمن مسحا شاملا للدراسات في هذا الصدد, الأسباب التي تؤدي الي اكتساح طوفان الاقتصاد غير الرسمي, ومن المثير للانتباه في هذا المجال أن معظمها إن لم يكن كلها هي, أسباب مطروحة علي الساحة المصرية وبإلحاح منذ سنوات مضت, وكانت من أبرز الأسباب لثورة25 يناير حيث تعامل معها الحكم, بصيغة( لا أري لا أسمع لا أتكلم).
(1) فالافتقار الي الشفافية والحوكمة في ممارسة المؤسسات العامة للدولة لوظائفها, تترجم مباشرة في ارتفاع الفساد والمحسوبية, ومن ثم في تزايد حجم وتضخم الاقتصاد غير الرسمي, بدلا من تحمل نسب تأمينات مرتفعة والاستنزاف من دوائر من جانب دوائر فاسدة.
(2) العلاقة العكسية بين درجة الثقة المتبادلة بين المواطنين والسلطات والهيئات العامة, وبين اتساع الاقتصاد غير الرسمي, فكلما انكمشت مساحة الأولي, تزايد حجم الثاني وتمدد, وعندما يتراخي تطبيق القانون وتنكمش مساحة استقلال القضاء, تكون النتيجة الطبيعية الاحتماء بالاقتصاد غير الرسمي, وهذا من أبرز الأسباب في انكماش هذا الاقتصاد في الدول المتقدمة, مقارنة بالدول النامية, أو تلك في المرحلة الانتقالية.
(3) النظام الضريبي السائد وعدم مراعاته للتدرج في الدخول, وكذلك بالنسبة للضرائب المفروضة علي ممارسة النشاط, فعلي سبيل المثال يعتبر تعميم ضريبة القيمة المضافة علي المشروعات الكبري والوحدات الصغري دافعا للأخيرة للجوء الي الاقتصاد غير الرسمي, ويرتبط بذلك درجة تعقيد الإجراءات الإدارية والبيروقراطية في مجال تكوين المشروعات, وارتفاع تكلفتها.
(4) ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم, تمثل دافعا للأفراد تجاه الاقتصاد غير الرسمي سواء للعمل لتحقيق دخل إضافي دون الخضوع للضرائب, أو كونه البديل الوحيد عن التعطل والبطالة, أو لأن سلع هذا الاقتصاد أرخص مقارنة بالأسعار في الاقتصاد الرسمي, ومن ثم يلقي مزيدا من الرواج والقبول في جانبي عرض العمل.. ونمو الطلب من جانب المستهلكين.
وهناك نقاط خاصة جديرة بالملاحظة من خلال هذا العرض والتحليل, حيث إن التركيز عليها يمثل مفتاح التعامل مع قضية الاقتصاد غير الرسمي من جهة, كما يقدم التفسير لظاهرة العدوانية تجاه السلطات من جهة أخري.
فقد أجمعت الدراسات علي أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل صمام الأمان أمام تزايد السخط العام والتوترات الاجتماعية, كما أنه يمثل في ذات الوقت صمام ضغط في مواجهة الحواجز والقيود المبالغ فيها في الاقتصاد الرسمي سواء علي صعيد العمالة أو التسعير أو حتي إجراءات التأسيس, بينما ترتفع البطالة ومعدلات الفقر!!!
يمثل الاقتصاد غير الرسمي مرتعا خصبا لتجميع الانصار وتشجيع المحسوبين والفساد من خلال جماعات للضغط السياسي تفرض حمايتها علي هذا الاقتصاد, وفي ذات الوقت تستخدمه لتحقيق أهداف خاصة بها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.