كان من الأفضل أن تكثف السلطات الكينية إجراءات الأمن داخل حدودها مع الصومال لمنع تسلل عناصر متطرفة من الأراضي الصومالية لخطف سائحين أو القيام بتفجيرات, ولا ترسل قوات كينية لمطاردة أفراد حركة الشباب المجاهدين الإسلامية المتطرفة وإبعادهم عن منطقة الحدود. فهذا الغزو العسكري سيكلف كينيا خسائر بشرية ومادية كبيرة علي أرض لا يجيد القتال فيها سوي أهلها, وسيدفع الشباب وأنصارهم من عناصر تنظيم القاعدة بالقرن الإفريقي للقيام بعمليات انتقامية داخل الأراضي الكينية نفسها, بينما لا يضمن تحقيق الهدف منه وهو منع الهجمات وعمليات الخطف وتأمين نشاط السياحة التي تعد المصدر الأساسي للعملة الصعبة للاقتصاد الكيني. فمن الممكن أن تنجح القوات الكينية في إبعاد المتمردين الصوماليين عن منطقة الحدود, لكنها لن تستطيع أبدا أن تحكم السيطرة مائة في المائة, أو تمنعهم من التسلل إلي داخل كينيا لشن هجمات أو خطف سائحين, لأن المنطقة منطقة غابات وأحراش يسهل التخفي فيها, والتدخل الكيني سيحفزهم علي مضاعفة محاولاتهم الانتقامية التي لابد أن تنجح واحدة منها ولو بنسبة واحد في المائة. كما أن الصوماليين أدري بمسالك أرضهم وأقدر علي التحرك والتخفي وشن الهجمات في حرب عصابات يجيدونها, بينما الجيش الكيني مدرب علي الحرب النظامية المباشرة, وينقص أفراده التدريب والخبرة والمعدات الحديثة التي تمكنهم من رصد خصومهم وهزيمتهم. ولعل ما حدث للقوات الإثيوبية عندما غزت الصومال في أواخر 2006 وما تكبدته من خسائر بشرية ومادية اضطرتها للانسحاب بعد عامين دون أن تحقق كل أهدافها يؤكد مقولة: إن الأرض تحارب مع أصحابها. أما وقد وقع المحظور وتوغلت القوات الكينية في جنوب الصومال بالرغم من عدم موافقة الحكومة الانتقالية الصومالية, فلم يعد أمام كينيا سوي الإسراع بإنجاز مهمتها والانسحاب والاكتفاء بتعزيز إجراءات الأمن علي جانبها من الحدود واليقظة, لإفشال أي مخطط للانتقام بهجمات انتحارية أو تفجيرات عن بعد داخل أراضيها من عناصر القاعدة, كما حدث في أوغندا قبل شهور ردا علي مشاركتها في القوات الإفريقية التي تحمي الحكومة الصومالية من محاولاتهم إسقاطها. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى