هذا عنوان كتاب أمريكي صدر حديثا TheSefishSociety ليشخص الصورة الكلية لأنماط المجتمعات بين مجتمع جماهيري MassSociety ومجتمع أناني ومجتمع ديمقراطي, وقد خيل الي ان مجتمعنا يضطرب بين هذه الأنواع منذ تفجرت ثورة الخامس والعشرين بأهدافها تنشد بناء المجتمع الديمقراطي بتطلعاته نحو الحرية والعدالة والكرامة, ولم تلبث هذه الصيحة المفاجئة طويلا حتي تحولت الي مجتمع حشد جماهيري مع مليوناتها في ميدان التحرير, وها هي تضل طريقها أخيرا لتتوه في دروب أوضاع المجتمع الأناني الفئوي. وتتجلي صورة المجتمع الأناني فيما يسود مجتمعنا اليوم من مطالب سياسية واجتماعية, ومن فوضي واضطراب وتصارع واحتجاجات فئوية لا حصر لها, دون تقدير, أو لأوضاع المجتمع وطنا ودولة ومؤسسات, وما تتجاذبه من متغيرات تفرضها ضغوط ومواريث داخلية وخارجية خلال أكثر من ثلاثة عقود. لقد جري في مجتمعنا أربعة تغييرات وزارية في ثمانية أشهر, ولاتزال الصيحات تسعي الي تصحيح المسار عن طريق إبعاد أفراد من الوزراء أو القيادات أو إقالة وزارة بكاملها, ولا تنقطع المحاسبات الشخصية للوزراء ومجلس الوزراء والمحافظين في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية وفي شئون البطالة والعشوائيات والمجاري والمواصلات والزبالة.. الخ. وتتجلي الأنانية الفئوية في المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات الخاصة الداعية الي تحقيق مطالبها جميعا وعلي الفور, وهي في ذلك تصيح دون نظر لمصالح الفئات الأخري من ناحية, ودون تقدير لإمكانات الوزارات أو الدولة ومؤسساتها, وكل هذا لا يعني أي فئة من فئات المطالبين فشعارهم أنا نحن هو المهم, وبعدنا الطوفان, وكل يغني علي ليلاه, ولدي كل منها وسيلة أصبحت مقننة للضغط والتهديد لبلوغ المراد: اضطرابات, واحتجاجات واعتصامات, وخلافات بين أحزاب وائتلافات (يصعب علي حصرها وتذكر أسمائها). وأحسب أنك أيها القارئ علي دراية بما يجري من التشتت والفرقة مما لا مثيل له في عالم السياسة حول اجراءات انتخابات شعبية للمجالس التشريعية, سواء من حيث نمط الانتخاب بين القائمة والفردي, وفي تجديد تاريخها بين المعجلين والمؤجلين, والمشاركين والممتنعين, وترشح مايقرب من 12 قياديا لرئاسة الجمهورية, ويصطرع في هذه القضايا ستون حزبا أو أكثر وعشرات القوي السياسية والائتلافات, ويشتم المرء من وراء كل تلك الفئات مطامع فئوية, وتوقع مكاسب شخصية, وبلوغ سلطة وهيلمان طال انتظاره, ودعاوي شعارات الالتزام بالدستور والقانون والشرعية والدين. وأتساءل كذلك هل جري في تاريخ مصر المحروسة منذ دستور 1923 مثل هذه الحالة الهستيرية بهرجها ومرجها وخلافاتها وتفسخ أطرافها وادعاءاتها, ومن المعلوم أن هناك فرقا بين الفئة والفئوية, وبين الحزب والحزبية وبين الطائفة والطائفية, وبين التحكم والشوري, ومع هذه العواصف الفئوية الأنانية في تعدد مجالاتها لا أنسي بحكم المهنة إضراب فئة المعلمين وانقطاعهم عن أداء واجبهم في تعليم أبنائنا أسبوعا كاملا, وقد يمتد, وهو عمل غير مسبوق في صفحات التاريخ المصري, وأحمد الله أن انتهي الي تحقيق معظم مطالب المعلمين المالية المشروعة امتدادا الي مشروع وضع قانون لكادر جديد يوفر لهم أوضاعا معيشية أفضل, وقد تحقق ذلك بالحوار والتفاوض. وعلي الزملاء الأعزاء من المضربين أن يتذكروا أمرين خطيرين أولهما ما خلفه اضرابهم حسب عنوانين وردا في أهرام 26/9, أحدهما (حرائق وإطلاق نار ومشاجرات بين الأهالي والمعلمين) قل لي بربك: متي وأين حصل هذا من قبل!؟.. والأمر الثاني عنوان في نفس الصحيفة (انتعاش سوق الدروس الخصوصية بعد إضراب المعلمين), وهي التي بلغت حصيلتها أكثر من 18 مليارا من الجنيهات يتحملها أولياء الأمور, ولسنا ندري أين نذهب!! ورجائي من قيادات نقابة المعلمين المستقلة وهم يعرفون مودتي وتقديري لجهودهم, أن يخففوا الوطأ, ويدعون جميع المعلمين الي العودة الي حرمهم المدرسي, فالعافية درجات كما يقال, ولكل حادث حديث حين لا يتم تحقيق كل الوعود. وفي مقالي التالي سأدعو بمشيئة الله أولياء الأمور وغيرهم ممن يريدون تطهير التعليم من الدروس الخصوصية الي مسيرة مليونية, فهل تشاركون معنا يا نقابة؟ المزيد من مقالات حامد عمار