بعد مرورعدة أيام علي زيارة رئيس وزراء تركيا, رجب طيب أردوغان إلي مصر وفي ظل الشهية التركية لإقامة علاقات مع دول الربيع العربي, يقوم د. وجدي زيد, أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة والمستشار الثقافي السابق لمصر في تركيا. في حواره للأهرام بتحليل وتقييم للزيارة الهامة ونقاط القوة و الضعف فيها. وبعيدا عن الترحيب الرسمي والانبهار الشعبي, ينبه د. وجدي إلي ضرورة قيام العلاقات المستقبلية بين البلدين علي أسس من التكافؤ والندية وفي إطار مصلحة الطرفين. ما هوتقييمكم للزيارة التركية لمصر في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخها؟ أري أن للزيارة جوانب إيجابية وأخري سلبية فلقد جاءت في ظروف صعبة تمر بها المنطقة في ظل عدة ثورات وبالتحديد الثورة المصرية وجزء من هدفها هو الدفع والدعم السياسي لكل من تركيا ومصر خاصة في علاقة تركيا بإسرائيل وعلاقة مصر بتركيا. لكنها أتت ودولاب العمل في الدولة المصرية لم يستقر بعد والبيت المصري مازال مرتبكا لم يحدد أولولياته. وهو ما اتضح في غياب بعض الوزارات والمجالات عن مناقشات الطرفين ومنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الإقتصاد المصرية اللتين لم تحددا ماذا نريد في علاقتنا المستقبلية مع تركيا. فهي دولة استطاعت ان تقيم نهضتها الصناعية والتجارية علي أساس التعليم والبحث العلمي وكنت أتمني أن يكون هذا الموضوع علي رأس أولويات المباحثات المشتركة وأن يبحث وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري كيف يمكن نقل التجربة العلمية التركية إلي مصر وكيف استطاعت الجامعات الاهلية أن تقيم هذه النهضة العلمية التي تفخر بها تركيا. لنعرف كيف استطاعوا بناء 137 جامعة في الفترة من 1982 وحتي 2010 وكيف يخططون لإنشاء 500 جامعة قبل نهاية 2020 والأهم كيف استطاع رجال الأعمال الأتراك المساهمة في عملية تنمية وتطوير البحوث داخل المؤسسات العلمية. وكذلك الإستفادة من كون تركيا لديها اتفاقيات علمية بين معظم جامعاتها وخاصة الاهلية وبين جامعات العالم المتقدم في أوروبا و امريكا, وكنت أرجو ان تتم مناقشة امكانية أن تكون مصر طرف ثالث في هذة الإتفاقيات. ما هي مجالات التعاون الأخري بين مصرو تركيا ولم يتضمنها جدول أعمال الزيارة؟ المحليات, مجال هام نجحت فيه تركيا و شهد بذلك الكثيرون وكنت اتمني ان يتفق الجانبان علي تنظيم زيارات ميدانية تقوم بها مجالس المحافظات ومجالس المدن والقري للإستفادة من التجربة التركية الناجحة في هذا المجال الهام. بصفتكم مستشارا ثقافيا سابقا في تركيا حدثنا كيف يري الشعب والشارع التركي مصر والمصريين؟ في تركيا هناك اتجاهان أولهما يحمل نظرة بها قدر من الشك والريبة وعدم التفاؤل للعلاقات مع العرب بصفة عامة وينتج ذلك عن خلفية تاريخية يراها كل من الطرفين التركي والعربي غير مشجعة. فالكثير من الأتراك يرون أن الإلتصاق بالعرب يؤدي إلي الرجعية ويعوق النهضة وهنا يحضرني مثلا يتردد هناك وهو ذيل الغرب ولا رأس العرب. فهم يرون انهم وقفوا بجانب العرب مئات السنين لحماية الإسلام والمسلمين وكانت نتيجة ذلك الخيانة وعلي الجانب الآخر يري العرب أن الدولة العثمانية كانت سببا مباشرا لتدهورهم لسنوات طويلة. ميراث تاريخي سلبي شجعته الحكومات العربية الإستبدادية التي كانت تدعم هذا الإتجاه السلبي في العلاقات مع تركيا, مما لم يساعد الأتراك علي تغيير هذه النظرة. أما الإتجاه الثاني وهوالبرجماتي المغلف بدفء المشاعر نحو الماضي ونحو الإسلام ومفاده أن الإقتصاد والتطورلا يجب أن يستبعد أي تعاون مع العرب ويقود ذلك الإتجاه العلمانيون داخل حزب العدالة والتنمية ويستجيب له الرأي العام الإسلامي في تركيا الآن وقد شجع هذا الإتجاه قيام ثورات الربيع العربي ومن بينها ثورة مصر. ماذا عن مشكلة التواصل اللغوي بين البلدين؟ هناك مشكلة في المجتمع التركي ان الكثيرين لا يعرفون لغة ثانية وانه قد انقطعت الصلة بينهم وبين اللغة العربية منذ أيام أتاتورك حتي أتي حزب العدالة والتنمية وبدأ يدرك المشكلة وضرورة حلها وخاصة في اطار الاتجاه نحوالتعاون العربي. وهوما يدعو لإرسال أساتذة للغة العربية من مصر لتعليمهم اللغة العربية فهي لغة القرآن التي يدين به اكثر من 99% من الشعب التركي, فلماذا لا يتم الاتفاق بين الجانبين لإرسال عدد من الاساتذة المصريين الي هناك كخطوة اولي في طريق التعاون العلمي والثقافي؟ كيف يمكن توطيد أواصر العلاقات الثقافية بين البلدين ؟ نعم العلاقات الثقافية هي النسيج والمعبر لكل الأواصرالأخري السياسية والاقتصادية وغيرها وهي المدخل لأي علاقة ناجحة بين البلدين. فنحن بحاجة إلي ترجمة كتب كبارالمؤلفين الي التركية وكذلك شباب الكتاب والشعراء. وأيضا لأعمال مسرحية مصرية تعرض علي المسرح التركي ومثلها من الجانب التركي لتعرض عندنا. واود ان اذكر بضرورة الاهتمام بالبعثات بين البلدين لان عددها قليل جدا ولا يفي بغرض تبادل الخبرة والمعرفة. ويضيف أنه من الضروري إحياء الجوانب الإيجابية في التاريخ المشترك مثل فكرة الاوقاف المستوحاة من الدولة العثمانية لكن الاتراك بذكائهم استطاعوا تطويرها والاستفادة منها واصبح لها دور ثقافي واجتماعي كبير بينما توقف في مصر دورها الفعلي وتعرضت للسرقة والنهب. وهنا أود أن احذر من أحادية التأثير وهو ما يتجلي في غزوالمسلسلات التركية لبيوتنا بينما لا نري مسلسلات مصرية مترجمة ومقدمة للجمهور التركي وهو ما يضر بالعلاقة لانه سوف يجعل هناك طرفا أقوي من الآخر وبالتالي يؤثر في الجوانب الأخري السياسية والاقتصادية. ماذا عن العلاقات الثقافية بين مصر وتركيا فترة توليك مهمة المستشار الثقافي وماهي الصعوبات التي واجهتك؟ كان دوري صعبا في تركيا للتقريب بين الثقافتين لكني قمت باسستضافة بعض الفنانين والكتاب والرسامين المصريين وكذلك عقد9 اتفاقيات علمية بين ثلاث جامعات مصرية وتركيا وحين جاء موعد التوقيع الثاني لاتفاقية تبادل علمي والتي واكبت تصنيع أول طائرة لجامعة اسطنبول الفنية (تكنيكل ينيفرستي), ارسلت لجنة علمية من مصر وأوقفت الاتفاقيات بأوامر من وزير التعليم العالي د. هاني هلال وأجبرت وقتها علي الإستقالة. ولكن في ظل التغيير الذي يحدث في مصر ماذا تتوقع لمستقبل العلاقات المصرية التركية؟ أطالب بإعادة النظر فيما انتهت اليه اللقاءات الأخيرة بين الجانبين والتحضير العلمي الممنهج لإتفاقيات حقيقية تخاطب صالح البلدين علي نحوعادل يضمن استقرار وعمق استمرار العلاقات. وان يذهب الجانب المصري الي تركيا بعد استقرار دولاب العمل السياسي في الدولة, بأجندة بها المتطلبات الكاملة في علاقتنا بتركيا مع الاقرار بالاحترام الكامل لدور هذه الدولة في المنطقة ودعمها للثورة لكنني اتمني أن تمتد طهارة الثورة لتشمل أيضا العلاقة المشتركة مع تركيا والتي وان كانت تعتمد علي السوق المصرية لاستيعاب المنتجات التركية وعلي اتفاقيات للتعاون المختلفة الا انها يجب ألا تنحرف عن مسار الندية والمنفعة المتبادلة.