بارني كان كلبا مدللا, وكان هذا يكفيه, لكن الحظ, فيما يبدو, حالفه, علي نحو غريب وعجيب. فبينما كان الرئيس, ذات يوم, في ذروة نزقه, وعنفوان حماقته, نصب كلبه مستشارا خاصا له. وذلك من فرط ولعه به. وأصبح من حق بارني أن يدلي بذيله في دلو الأزمات والمشكلات التي تواجه الرئيس. لا ينطوي هذا الكلام علي مزاح أو تطاول علي مقام الرئيس, وانما يعبر تعبيرا صادقا, وأن كان صادما عن حالة جورج بوش الابن ابان السنوات المضطربة لرئاسته البائسة. ذلك أن مشروعه في غزو العراق واحتلاله منذ3002 عندما تعثر, وتهشمت قواته في كمائن الموت التي نصبتها لها المقاومة العراقية, وأصبح الانتصار متعذرا بل ومستحيلا, تعالت الانتقادات ضد سياساته الحمقاء. وقفز نفر من المستشارين والأصدقاء من سفينته التي كانت توشك علي الغوص في المستنقع العراقي. لكن بوش الابن كان مصمما علي مواصلة حربه في العراق. وقال قولا ينم عن حماقة لا مثيل لها: سأبقي في العراق حتي لو لم يؤيدني سوي زوجتي لورا وكلبي بارني. وكان هذا ما كشفته صحيفة الهيرالدتربيون الأمريكية في مقال نشرته في أكتوبر.6002 وكانت مجلة تايم الأمريكية قد نشرت صورة علي صفحة كاملة لبوش وكلبه وهما يدخلان معا إلي المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. وجاء ذلك في عددها السنوي في مستهل عام.5002 يلوح تصريح بوش وصورته الآن في الأفق, بمناسبة حلول الذكري العاشرة لهجمات11 سبتمبر1002 وقتها خلع علي نفسه لقب رئيس زمن الحرب. وهاجمت قواته أفغانستان. وبينما كانت المعارك ماتزال مستمرة, اختلق أكذوبة امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل, وأطلق قواته لغزو العراق واحتلاله. وكان مجلس حربه يتألف من عصبة المحافظين الجدد الذين وضعوا برنامج القرن الأمريكي. وأكدوا ضرورة هيمنة أمريكا علي العالم. وكان غزو العراق مدخلا لذلك, عبر السيطرة علي بترول الشرق الأوسط, والتحكم في بلدان آسيا وأوروبا التي تعتمدعلي امداداته. وكان التصور الذي صار فخا ان شعب العراق سيستقبل جيش بوش بالزهور حتي يخلصه من الطاغية وهو ما لم يحدث فإذا كان الشعب قد ضاق ذرعا باستبداد صدام, إلا أنه هب لمقاومة الاحتلال. وحتي الآن لم ينقشع غبار الحرب في أفغانستان والعراق وقد أدت حروب بوش إلي اضطراب الاقتصاد الأمريكي علي نحو ما يبدو في عجز الموازنة وتفاقم معدل البطالة, وزاد الطين بلة اطلاق بوش الرأسمالية المتوحشة من عقالها.. وهو ما أدي إلي انهيار النظام المالي العالمي بسبب ممارسات رأسمالية الكازينو. وبهذا اكتمل المشهد الكئيب لرئاسته. وعند حلول الذكري العاشرة لهجمات سبتمبر يردد الخبثاء ان جمعية الرفق بالحيوان تعتزم تقديم شكوي ضد بوش الابن لأنه زج بكلبه بارني في مأزق عصيب فقد أصبح أضحوكة بين الكلاب. ولم يعد ممكنا للروائي المبدع جورج أورويل ان ينصفه فقد كتب رائعته السياسية الرمزية مزرعة الحيوانات من وقت طويل مضي. المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي