أكد علماء الأوقاف بمساجد الإسكندرية على أن الإسلام دين سماحة ومحبة صادقة لكل الناس وأنه يمد يده بالخير للجميع، وأن الوسطية السمحاء هى جوهره فى كل المعاملات. جاء ذلك من خلال مائة أمسية دينية نظمتها مديرية أوقاف الإسكندرية، عقب صلاة المغرب بمختلف مساجد المحافظة تحت إشراف، محمد العجمى وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، وبحضور قيادات الدعوة ومديرى الإدارات الفرعية. وأكد علماء الأوقاف على أن الوسطية هى الخيار العدل من كل شيء، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير، ولا مبالغة ولا ميوعة، وكل ذلك متضمن في قوله تعالى في وصفه لأمة المسلمين: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾، أي: خيارا عدولا، يرجع الناس إليكم في أحكامهم، ويقبسون من أخلاقكم، ويأتسون بهديكم، فأنتم حَكَم عليهم: محتجون عليهم في الدنيا، وشهداء عليهم في الآخرة. وفي الحديث: "أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ" متفق عليه. ويقتضي من المسلم أن يعبد الله بعلم، وأن يحذر مكائد الشيطان الذي يُحيد عن الطريق المستقيم، ويُزيغ عن الهدي القاصد، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ الدِّينَ يَغْلِبْهُ" صحيح الجامع. وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا" البخاري. وقال الأوزاعي رحمه الله: "ما من أَمْرٍ أَمَرَ اللهُ به، إلا عارض الشيطانُ فيه بخصلتين، ولا يبالى أيهما أصاب: الغلو، أو التقصير". كما أوضح أئمة ودعاة الأوقاف أن الوسطية تتجلى فى البعد عن التشدد والغلو فالإسلام دين يدعو إلى التوسط والاعتدال ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مغبة الغلو في العبادة بما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم فقال: "أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا" البخاري. وفي الحديث الآخر: "إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ" صحيح الجامع. وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أشار علماء الأوقاف إلى وسطية الإسلام في مجال التشريع، نجد ديننا وسطا بين طرفين: طرفٍ كلف النفوس ما لا تطيق، حتى جعلوا تعمد إضناء الجسد بالجوع والعطش عبادة، والمشي بدون نعل قربى، والمكوث تحت حرارة الشمس مجاهدة، والاستنكافَ عن الطيبات تربية، والله تعالى يقول: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ" متفق عليه. قال ابن حجر رحمه الله: "لا يتعمقْ أحد في الأعمال الدينيَّة، ويتركِ الرفق، إلا عجز وانقطع، فَيُغْلَب". واختتم دعاة الأسكندرية الأمسيات الدينية بالتأكيد على وسطية الإسلام في مجال الحقوق والحريات، فلن تجد أعظم من الإٍسلام وسطية واعتدالا، فللرجل حقوقه، وللمرأة حقوقها، وللزوج حقوقه، وللزوجة حقوقها، وللآباء حقوقهم، وللأبناء حقوقهم، وللإخوة حقوقهم، وللأقارب حقوقهم، وللجيران حقوقهم، كل ذلك في إطار من التوازن، يضمن تماسك المجتمع، ويحقق التكامل بين أفراده. قال تعالى: ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]. وأقر النبي صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما: "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ" البخاري.