انفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال احتفالية وطن السلام    تعليم القاهرة تعلن بدء تسجيل الطلاب في دوري مدارس مصر 2025    هل الوقت مناسب لشراء السيارات؟ خبير يجيب    ترامب: حماس لم تعد كل جثث الرهائن بعد وقد يكون ذلك مرتبطا بنزع سلاحها    نقابة الصحفيين الفلسطينية تطالب بتوفير الحماية للصحفيات الفلسطينيات    نائب بالشيوخ: كلمة الرئيس حملت رسائل تعكس جوهر الدولة القائم على السلام    صفقات الدفاع البريطاني تتحول لمحرك استثماري محلي| تقرير    نابولي يهزم إنتر ميلان بثلاثية ويتصدر جدول ترتيب الكالتشيو    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء على طفلة بالفيوم.. وضبط المتهم «غير متزن نفسيًا»    في احتفالية مصر وطن السلام.. رموز المجتمع يشيدون بدور الرئيس السيسي في إرساء السلام    بعد مشاركته في احتفالية «وطن السلام».. طرح بوستر «كارثة طبيعية» بطولة محمد سلام    محمد سلام يخطف الأنظار ويتصدر التريند بعد ظهوره المؤثر في احتفالية «مصر وطن السلام»    عمرو أديب: «نفسي موضوع غزة يخلص عشان أقول للدكتور مدبولي يالا بقى زود المرتبات»    تعليق قوي من أحمد سالم على احتفالية وطن السلام بمشاركة الرئيس السيسي    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    اكتشف أفضل مصادر البروتين لبناء جسم صحي    حبس تشكيل عصابي لقيامهم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار بالتبين    تعليق غريب من أحمد الجنايني بعد زواجه من منة شلبي    حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    وزير خارجية السودان: نقف خلف مصر في قيادة القارة نحو مستقبل أكثر إشراقًا    جمارك السلوم تمنع تهريب نقد مصري وأدوية بشرية    إصابة طالبين إثر تصادم دراجة بخارية في قنا    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    أمين استثمار الزهور: نستهدف مواكبة التطورات الاقتصادية والاستدامة المالية    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    «أحلام».. سينما عظيمة تولد من تفاصيل يومية بسيطة الفيلم يتناول حرية التعبير عن الذات فى مواجهة التقاليد    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    مسئول إسرائيلي: هناك تقدم بمحادثات إعادة رفات المحتجزين    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    هل تصل قراءة الفاتحة إلى الميت؟.. عالم أزهري يجيب    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    الوداد المغربي يحدد خططه لتجهيز حكيم زياش    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات مجلس النواب 2025    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    نجم بتروجت: أتمنى تتويج بطل جديد بالدوري.. والثلاثي الكبار هم الأقرب للقب    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    قبل مباراة الكلاسيكو.. دينا الشربينى وعمرو يوسف ودرة أبرز مشجعى برشلونة    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الدانمارك
الجنة والجحيم
نشر في أخبار الأدب يوم 31 - 07 - 2010

عندما أحاور أديبا مبدعا يتملكني فضول الأديب وليس الصحفي، أن اكتشف عالمه، ورؤيته وعاداته، خاصة اذا كان الاديب كبيرا، راسخا، أو يمت إلي ثقافة مغايرة. كنت افكر عند قطع الطريق المؤدي إلي المطعم المطل علي القناة الشهيرة لمدينة كوبنهاجن في عبارة قالها شاعر عراقي صديق يقيم في الدانمرك منذ سنوات عديدة كلاجيء سياسي، أنه لو قرأ الشعر الدانماركي قبل طلب اللجوء لما أقدم، عبارته تلك جعلتني أتابع ما تيسر من ترجمات هذا الشعر إلي العربية، وإلي الانجليزية، عندئذ ادركت معني تلك العبارة، فالاحساس عميق جدا بالوحدة الانسانية، بالبرودة، بالموت، انه انعكاس طبيعي للطبيعة القاسية. درجة البرودة القارسة، الليل الطويل معظم شهور السنة، الغريب أن البرد الروسي قاس أيضا. لكنه لم ينعكس في الأدب بهذه الحدة التي نجدها في ادب بلاد الشمال، ربما لأن تلك البلاد تقع علي الحافة. حافة المعمور من الأرض، إنها آخر حد العمار كما كان يقول القدماء، يليها القطب الشمالي، تلك الاصفاع الجليدية اللانهائية.
عندما أقتربت من المقهي والمطعم معا أسرعت الخطي. الفراغات الداخلية دافئة، طلعت معطفي وعلقته إلي المشجب، قبل أن اتجه إلي المائدة التي تجلس إليها كريستين توروب أهم أديبة روائية في الدانمارك الآن، بصحبتها الصديقة مني عبدالعظيم انيس والتي تربطها علاقة قوية بكريستين، رغم انها تجاوزت الستين بشهور (مولودة عام 2491) الا أنها تبدو في الاربعينيات، هادئة الحضور، يألف الانسان حضورها بسرعة، روايتها الاولي ترجمت إلي لغات عديدة، وتحولت إلي فيلم سينمائي. ولأن الرواية تدور حول منطقة فقيرة في كوبنهاجن بها الدعارة سألتها بدهشة، هل توجد دعارة في بلد يعرف الحرية الجنسية، من يذهب إلي هناك؟، فوجئت بإجابتها المختصرة، الدالة.
- كلهم يذهبون..
لقد عرفت هذه المنطقة من خلال إقامتها عدة سنوات.. جاءت كريستين من الريف مثل العديدين الذين يقصدون المدينة بحثا عن الرزق، عن فرص أكثر ربحا علي المستويين المادي والمعنوي، ولأنها تنتمي إلي أصول فقيرة أقامت في حي فقير تقع فيه منطقة الدعارة الرخيصة، يقيم مثلها في غرف أو مساكن صغيرة، موظفون صغار، طلبة، عمال. وإلي جوارهم العاهرات، أي سوق الدعارة، هذه الإقامة في المنطقة لاتقابل باستنكار من الآخرين، من هنا عرفت كريستين الحياة السرية للمدينة عن قرب، أقامت في بداية السبعينيات لعدة سنوات، ثم انتقلت إلي منطقة أخري، في بداية الثمانينات عادت إلي المنطقة لتلقي نظرة عليها من الخارج، في بداية السبعينيات صدرت لها الرواية الاولي (بيبي)، لكنها لم تنتشر، وزعت ألفي نسخة فقط، لكن الرواية التي دفعت بها إلي الشهرة صدرت في اوائل الثمانينات وفيها صورت احوال تلك المنطقة، وباعت الطبعة الاولي ثلاثين الف نسخة، وبعد ان تحولت الرواية إلي فيلم تجاوز توزيعها المائة الف نسخة، الرواية اسمها (الجنة والجحيم) وفيها تصف الحي الذي تدار فيه الدعارة.
أسأل نفس السؤال الذي أوجهه إلي المبدعين الأجانب، هل تمارس مهنة أخري أم إنها تعيش من كتابتها؟
تؤكد كريستين أنها تعيش من العائد المادي لمؤلفاتها، أن كتبها تدر عليها دخلاً يوفر لها حياة مريحة، بل أن هذا بدأ منذ صدور روايتها الثانية في بداية الثمانينات، منذ ذلك الحين هي متفرغة تماما للأدب.
بالطبع تذكرت أحوالنا في وطننا العربي، حيث لايوجد أديب يمكنه أن يعيش من عائد أدبه، شاعراً كان أو روائيا، حتي نجيب محفوظ إلي ما قبل نوبل، لابد من مهنة أخري للانفاق علي الأدب، وهاأنذا بعد ما يقرب من نصف قرن متواصل مضطر لانفاق معظم الوقت لأوفر ساعتين أو ثلاث لكتابة القصة والرواية، بدون الدخول في تفاصيل يمكنني القول أنني مازلت أنفق علي الأدب حتي الآن وهذا موضوع يطول الحديث فيه.
ما هي أحوال الاديب الدانماركي؟
الرواية الناجحة تبيع من ثلاثين إلي خمسين ألف نسخة، عدد الذين يتكلمون الدانماركية حوالي خمسة ملايين ونصف، هذا الرقم يمكن أن يوفر مبلغاً جيداً كل عام يستطيع الأديب أن يعيش منه. بالطبع هناك هيئات تراقب التوزيع وتحمي حقوق المؤلف، إذا تحولت الرواية أو القصة أو القصيدة إلي أي وسيلة أخري يتقاضي المؤلف حقوقاً جيدة، كأن تتحول إلي الفن الإذاعي، أو المرئي. سواء كان ذلك في التليفزيون أو السينما، أو المسرح، إلي هنا والأمر يبدو عادياً، لكن ما كان بالنسبة لي مثل العجائب ما عرفته عن حقوق المكتبات.
المكتبات العامة التي يتجاوز عددها الثلاثين ألفاً في الدانمارك، تقتني نسخاً من الكتاب، طبعا هذا عادي، ويدعم توزيع الكتب، لكن المثير والمدهش أن المؤلف يتقاضي حقوقاً عن كل مرة تعار فيها النسخة إلي القاريء، أي كلما استعار أحد القراء الكتاب ليطالعه ويعيده يتم تسجيل مبلغ يجمع في نهاية العام ليضاف إلي ميزانية الأديب، هذا لم أجده في أي بلد آخر، بالطبع هناك حقوق علي الوسائط الحديثة مثل الكتاب الالكتروني، وشبكة الاتصالات الدولية (انترنت)، ولو قام ناقد باقتباس جزء من العمل يزيد عن حد معين فلابد أن يدفع للمؤلف، ولو أجري صحفي حواراً مع أديب سواء كان لجريدة، أو لإذاعة. أو لتليفزيون فلابد من مقابل، وهذا المقابل ليس رمزياً، بل مرتفع، كذلك يتقاضي الأديب حقوقاً عن المشاركة في الندوات العامة والخاصة.
من الطبيعي بعد هذا كله أن تبدو كريستين هادئة، غير قلقة، رغم ان عدد رواياتها لايتجاوز أصابع اليد الواحدة، كانت تجسيداً حقيقياً لما سمعته دائما عن نجاح كتاب واحد. الذي يكفي ليصبح الكاتب في حالة تفرغ لأدب، طبعا هناك عنصر آخر لم أذكره وهو الجوائز، لقد نالت روايتا »بيبي« و»الجنة والجحيم« عدة جوائز دانماركية وعالمية، أعود لأستفسر من كريستين عن بداياتها؟ أتوقف عن المقارنة بين أحوالي وأحوالها لأن المقارنة غير قائمة أصلاً.
تقول كريستين إنها نشأت في الريف حيث الثقافة السائدة شفهية، فالناس تحكي، وتتحدث بالأمثال والأشعار المتوارثة أكثر من الكتابة، لذلك واجهتها مشكلة عندما بدأت محاولات الكتابة في منتصف الستينات، بدأت بالقصائد الشعرية، فيما بعد أصبحت هذه القصائد موضوعات لقصصها، وأجزاء من رواياتها، من خلال الشعر تعلمت كيف تكتب أدباً، كيف تعبر عن المشاعر والواقع بالكتابة وليس بالحكي، وهنا أسألها عما اذا كانوا يعرفون مشكلة اللغتين في الدانماركية، لغة الحياة اليومية ، ولغة الكتابة، كحالنا في العربية؟
تؤكد أن الازدواجية موجودة، ثمة لغة شفوية، وثمة لغة كتابة، الوضع مقارب للعامية والفصحي عندنا في العربية، لكنها تقول إنها واجهت مشكلة أخري، وهي البحث عن أسلوب خاص بها، أسلوب يمكنها من كتابة المحكي، العادي، اليومي، الشفاهي، بلغة أدبية، بحيث أن القاريء يمكنه مطالعة لغة أدبية لكنها محملة بتقاليد اللغة اليومية، الشفوية.
هنا فكرت في خصوصية الكتابة العربية، واختلافها من منطقة إلي أخري، أو ما أطلق عليه أساتذتنا أحمد ضيف وأمين الخولي إقليمية الأدب، وتذكرت البحث القيم للأديب التونسي البشير بن سلامة عن نظرية الايقاع في الفصحي، ومحاولاتي المستمرة لاستخدام ايقاعات العامية في الفصحي، حقا.. تختلف اللغات، ولكن الهموم الإبداعية تتشابه.
تقول كريستين أن الكتابة تجرد اللغة الشفهية من امكانيات عديدة. مثل الايماءات، والايقاعات. الحركات المصاحبة للحديث، تعبيرات الوجه، الكتابة تحرم اللغة من هذا كله، لذلك كان همها اثناء السنوات الأولي الوصول إلي أسلوب خاص، لقد ساعدها الشعر في البداية علي تحقيق ذلك.
تحدثني كريستين عن روايتها التي تدور أحداثها في حي الدعارة، وهنا اسألها عن حدود الفقر في الدانمارك، المعروف أن مستوي المعيشة من أعلي المستويات في العالم. ولكن تكاليف الحياة أيضا مرتفعة جداً، بعض النساء يعشن بمفردهن ويعلن طفلاً أو اثنين، ولايعملن، الضمان الاجتماعي لايكفي. تطلع البعض من الفقيرات إلي اقتناء ما يعرضه المجتمع الاستهلاكي، كل هذه أسباب تدفع بالإناث إلي سوق الدعارة، في فترة الدراسة يكون عادياً بالنسبة للناس فقر الطلبة، وتكون تكاليف الحياة أقل، لكن مع العمل وقلة المرتبات وكثرة الطموحات تظهر الحاجة إلي المال، هناك نوعان من الدعارة، الدعارة التقليدية، أي تعتمد المرأة علي جسدها في تكسب معاشها، وهناك من يذهبن مرتين أو ثلاث إلي الحي لزيادة دخلهن.
سكتت كريستين لحظات. ثم قالت إن الدانماركيات يواجهن منافسة قوية الآن من الإناث القادمات من الدول الاشتراكية سابقاً. إنهن علي درجة عالية من الجمال وأرخص سعرًا.
قلت: هل تفكرين في رواية أخري عنهن؟
قالت: طبعا.
سكتت قليلا وأضافت: وهناك دعارة الذكور..
عندئذ تطلعت إليها دهشاً. وفي هذه المرة سكت أنا!
قالت كريستين أن كوبنهاجن مركز لتجارة الرقيق الأبيض الآن، توجد مافيا تنظم عمليات استيراد الفتيات من شرق اوروبا والاتحاد السوفيتي، أن الدعارة ثاني نشاط مهم بعد تجارة المخدرات الرائجة جدا الآن، والتي يمكن أن نجدها في كل مكان، مما يساعد علي انتشار الدعارة بشكل واسع ووجود رجال لهم ميول شاذة أو خاصة، لقد انتعشت الدعارة من جميع الأنواع بعد سقوط جدار برلين، إلغاء الحواجز بين الأقطار الاوروبية جعل تهريب الفتيات الصغيرات من شرق اوروبا أسهل.
تقول كريستين إنها عالجت مشكلة ادمان المخدرات أيضاً في روايتها »الجنة والجحيم«.
لكن كريستين كتبت عن الأسر التي تعيش في الريف أربع روايات، لقد ولدت في الريف خلال الحرب العالمية الثانية، ومثلها كعدد كبير من أبناء الريف هاجرت إلي المدينة، بالنسبة لها كانت أول انثي في عائلتها تتلقي تعليماً جامعياً. أن الوصول إلي الجامعة أمر نادر جدا بالنسبة لابناء الأسر الفقيرة، فليس كل من يتعلم في المرحلة الثانوية يصل إلي الجامعة، رغم أن كريستين تعيش منذ ثلاثين عاماً في كوبنهاجن، لكنها ماتزال تعيش في المدينة كمغتربة، وهذا شعور الكثير من ابناء الريف الذين جاءوا إلي العاصمة.
تعلق الصديقة مني أنيس قائلة:
مثل الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي في ديوانه »مدينة بلا قلب«..
تؤكد كريستين أنها عندما جاءت إلي كوبنهاجن كان تظل صامتة طوال الوقت، لانها تخجل من الحديث باللهجة الريفية التي تثير سخرية سكان العاصمة، تصورت أن هذا الشعور كان خاصاً بجيلها، لكنها فوجئت مؤخراً بنفس الشعور لدي طالبة صغيرة قدمت من الريف، في روايتها الأخيرة مشهد لفتاة قادمة من الريف إلي كوبنهاجن وتدرب نفسها علي الحديث بلهجة العاصمة مثل المذيعين في الراديو والتليفزيون، تقول كريستين انها لم تغير لهجتها فقط عند قدومها إلي المدينة، لكنها غيرت أيضا من عاداتها، من تصرفاتها. هذا التحول يمد الكاتب بمواقف كثيرة تفجر المفارقات والسخرية، كانت تتأمل طريقة الناس في تناول الطعام. في التحية، في عبور الطريق.
أسأل عن امكانية الانتقال الطبقي في الدانمارك، من الأقل إلي الاكثر ثراء؟
تقول إنه التعليم، أو الابداع، في الدانمارك يكون الانتقال الطبقي من خلال التعليم أسهل من بلاد أوروبية أخري، التعليم في الدانمارك مجاني، طبعا الكتاب والفنانون الأمر ميسور لهم.
أسأل عن اللغات التي تتقنها وتقرأ بها؟
تقول كريستين انها تتكلم وتكتب باللغات الاسكندنافية الثلاث (النرويجية، السويدية) وتتقن الانجليزية، وإلي حد ما الفرنسية.
أما عن اللغات التي ترجمت إليها أعمالها فهي الفرنسية، والألمانية، والاسبانية، وبالطبع النرويجية والسويدية، انها تعيش بهدوء ألآن، وعائد كتبها العشرة يوفر لها مستوي رفيعاً من الحياة، وهي.. راضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.