"يُجمّرك" الشيء يعني هذا الفعل أن إدارة الجمارك قامت بتقييمه ماليا، وحددت الرسوم المقررة وفقاً لنسبة محددة من القيمة المالية المدفوعة فيه، هذا ليس تعريفا معجميا للعملية وإنما هو محاولة لفهم كيفية التعامل مع الجمارك، هنا نحاول تناول كل ما يرتبط بعملية أو فعل الجمركة عند التعامل مع الفن. رقابة علي جدار بساحة التاون هاوس، وسط العاصمة المصرية، كتبْ العديد من الفنانين عن مشاكل رقابية واجهتهم، وسط هذا الرصد لمشاكل تتعلق بالرقابة علي الفن سجلت الفنانة هدي لطفي حكاية مع "الجمارك". كان ذلك ضمن أنشطة مهرجان وسط البلد للفنون المعاصر "D-CAF"، وتحديداً في مارس عام 2012. كانت لطفي تستعد للمشاركة بمعرض بالبحرين، وحينما تمّ شحن الأعمال الفنية بدأت الصعوبات. وقد سبق أن تناولت أخبار الأدب هذه الواقعة بتاريخ 16 أبريل 2012. "تحكي الفنانة كيف أرادت المشاركة في معرض جماعي في البحرين في أوائل 2005، وبدأت في اجراءات شحن أعمالها الفنية التي كانت عبارة عن قوالب تشبه الأحذية وعليها نقوش عربية، ولكن موظفي الجمارك تستوقفهم النقوش التي يظنون أنها آيات قرآنية فيبلغون الجهات الأمنية، خاصة وأن مكتب النقل الذي يتولي عملية الشحن يمتلكه مسيحيون، وبالتالي وجدت لطفي نفسها أمام تهمة ازدراء الإسلام، ومحاولة الوقيعة بين المسلمين والمسحيين، وبعد مقابلات واتصالات تتمكن هدي من الخروج، لكن لا يتم السماح لعملها بالسفر". تكشف الواقعة عن نظرة هذه الإدارة للفن، وممارستها لسلطة رقابية، في بعض الأحيان، علي اللوحات الفنية، حيث تمّ منع سفر أعمال فنية لتخوف الموظفين من غموض يرتبط بهذه الأعمال الفنية، نقوش علي قوالب أحذية، حسبما فسروها، مما قد يتضمن إساءة ما، أو جريمة تتعلق بإزدراء الدين الإسلامي عقوبتها الحبس من ستة أشهر إلي خمس سنوات حسب القوانين المصرية. كما تتمتع الجمارك بصلاحيات واسعة فيما يخص السماح بسفر أو منع الأعمال الفنية، ليس لأسباب رقابية كما في الواقعة السابقة فقط، وإنما لكون اللوحة/ العمل الفني منتجا يجب أن يتمّ تحصيل الرسوم الجمركية من المسافر الذي يحمله. ليس طابع بريد أو حجر كريم أو كانفاه يكشف تأمل القواعد العامة لتفسير نظام التنسيق الخاص بإدارات الجمارك في مصر عن وجود لائحة محددة للتعامل مع اللوحات الفنية، حيث تحدد البنود طرق وضع التعريفة أو الرسوم الجمركية المطلوبة في حالة دخول/خروج لوحة. نجد في القسم الحادي والعشرين، من نظام تحديد البنود، والمعنوّن ب"تحف فنية، قطع للمجموعات وقطع أثرية"، ذكراً لطريقة تعامل الدولة مع هذه الأعمال، وكيفية تقييم الجمارك لعمل فني، ما جاء بهذا القسم يضع أوصافا دقيقة، مثل تحديد أن المقصود من هذا البند التحف الفنية، وهو ما يتم تحديده بدقة أكثر في لائحة البنود، حيث نجد إشارة أن هذه القواعد العامة لا تشمل مجموعات الطوابع البريدية أو الأحجار الكريمة، وكذلك ما ينسج بطريقة الكانفاه..هل هناك أي تشابه بين اللوحات وأعمال الكانفاه!؟ كيف يدخل "الفن" للبلاد الجمارك جهة إدارية تتعامل مع كل شيء، كل ما يمكن شحنه، ويباع ويشتري بالمال، وبالتالي يجوز تحصيل الرسوم الجمركية في حالة سفره. يخضع كل هذا لسلطات إدارة الجمارك، لهذا كان من المهم التعرّف علي تعريف الدولة، ممثلة هنا في الجمارك، للفن وهو ما "صنعه الفنان بيده"، حيث تحدد الوثيقة أن العمل الفني، بشكل عام وبتصور يبدو بديهيا، الفن هو المُعد ب"يد الفنان". كما يحدد هذا "البند" الأعمال الفنية بأنها "تعتبر صورا أصلية محفورة (جرافير) وصورا أصلية مطبوعة بالضغط وصورا أصلية مطبوعة بالحجر (ليتوغرافيا) بالمعني المقصود في البند 97.02 تلك الصور المسحوبة مباشرة بالأسود والأبيض أو الألوان، من لوحة أو أكثر، أعدها الفنان كليا بيده. بغض النظر عن الطريقة أو المواد التي استعملها الفنان بإستثناء الطرق الآلية أو الآلية الفوتوغرافية". يعد الوصف السابق تلخيصاً مقصورا لتاريخ الفن، ليكون مجرد "مواد مختلفة" يستخدمها الفنان ب "طرق متعددة"، بلا تفهم لأسباب ذلك، لكن النص القانوني لا يخالف التصور الأعم الذي صكته إدارة الجمارك بأن الفن هو ما تصنعه "يد الفنان"، ونتيجة لهذه التعريفات العامة والفضفاضة كان واجبا أن يكون هناك أعمال يتم إستثناؤها، وهي الأعمال التي يصنعها شخص غير "فنان"، إن جاز هذا التعبير. سنجد في البند نفسه أنه لا يتم التعامل مع "الأصناف المنحوتة التي لها طابع تجاري المنتجة بالجملة أو بالقولبة أو بأيدي الصناع حتي وإن كانت هذه المصنوعات قد صممت أو أبدعت من قِبل فنانين"..أي أن ما ينتج ب"الجملة"، ويتوافر منه أكثر من نسخة واحدة، ليس فناً، أي أن اللوحة المستنسخة، مثل لوحات الليثوجراف المستنسخة من العمل الأصلي، والتي تكون محددة بعدد معين من النسخ المتطابقة، ليست فناً ولا تحصل رسوم علي دخولها للبلاد، حسبما تحدد لائحة الجمارك. لكن كيف يتمّ تحديد قيمة الرسوم الجمركية لعملٍ فني؟ تشير لوائح القوانين والبنود بأن الرسوم المقرر تحصيلها في حالة دخول عمل فني تصل إلي 30٪ من القيمة الأصلية لهذا العمل، ويضاف إليها نسبة أخري تحصل بشكل منفصل كضريبة مبيعات تقدر ب 10٪. بينما لا تتجاوز الرسوم المقررة للقطع الأثرية، مثلا، والتي يتجاوز عمرها المائة عام، نسبة 20٪ من القيمة الأصلية للأثر! حمّاة مال الدولة تأتي أهمية "الفاتورة" بأنها الوثيقة المحددة للقيمة المالية، ونتيجة لقيمة الفاتورة تحدد الرسوم، لكن موظف الجمارك أحيانا ما يتشكك في دقة هذه الوثيقة، ومدي تعبيرها عن القيمة الحقيقية للعمل، وقد سبق أن نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، في أبريل من العام الماضي، خبراً تداولته عدة صحف مصرية حول لوحة لهنري مارتن (زيت علي قماش) دون تحديد بقية المواصفات. تشير "الفاتورة" الخاصة باللوحة لقيمة تصل إلي 200 ألف جنيه مصري فقط، لأنها مُسنسخة (وإن كانت وصفت في الخبر بأنها مُقلدة). تشككت سلطات الجمارك بهذه الفاتورة حيث جاء بالخبر أنه "تمّ تشكيل لجنة من وزارة الثقافة لفحص اللوحة بقرية البضائع وتقدير قيمتها الحقيقية، وتبين أن اللوحة نسخة أصلية تعود لعام 1905 مرسومة بالزيت علي قماش ، وإنه تم شراؤها بمبلغ 11 مليونا و500 ألف جنيه مصري من قاعة "سوثبي" للمزايدات بالولايات المتحدةالأمريكية".. هكذا تمّ حجز اللوحة، ورفضت الجمارك دخولها إلا بعد سداد الرسوم الجمركية كاملة، حوالي 737 ألف جنيه، حسبما جاء في الخبر الذي نشرته عدة جرائد مصرية منها جريدة الشروق. حسناً، هكذا حصلت الجمارك الرسوم عن لوحة "هنري مارتن" الغامضة، ولكن كيف يمكن التعرّف علي القيمة الأصلية للوحة. كما لم يوضح الخبر كيفية التعامل مع الفن وسبل سفره حسب اللوائح الحكومية، حيث كان التركيز علي جاذبية الأرقام فقط، ودخول خزانة الدولة أموالا إضافية لشجاعة وتفاني رجال الجمارك الأبطال، بل إن بعض المواقع الإخبارية أضافت للقصة بعض الإثارة بنشر اسم صاحب اللوحة، علي طريقة نشر أخبار الجريمة المثيرة دون أن تخبر القارئ بطرق جمّركة الفن، أو الجهات المعتمدة لتقييم لوحة، وقيمتها، وطبيعة لجنة وزارة الثقافة المشار إليها في نص الخبر. حينما تحدثتُ مع الخبير القانوني لدي إدارة الجمارك حسام الدين حمزة حول هذه الواقعة أكد أن الجمارك وضعت دراسات لتحديد قيمة الأعمال نتيجة لحادث جمركة لوحة مارتن. بعد البحث عن هذا العمل يتضح أن أحدث الأعمال المباعة عبر قاعة المزايدات بنيويورك لهذا الرسام تحمل عنوان "LA JOIE DE VIVER"، وتقع في مساحة (200.7* 470.5)، ويعود تاريخ إنتاجها للعام 1905، لكن للوصول لمعلومات أدق عن اللوحة، سنكتشف أن الفنان المقصود هو الفرنسي Henri-Jean Guillaume Martin (1860-1943). اللوحة المُعبرة عن البهجة، حسب عنوانها الفرنسي، تجسد جولة لرجل وامرأة في مراعي خضراء، بينما يتقدمهما زوج من الماعز، يعزف الرجل الموسيقي، وتبدو المراعي خضراء في يوم صيفي مشمس. "الموناليزا" في الجمارك لفهم أكثر لآلية التعامل مع اللوحات تحدثتُ مع مدير إدارة ميناء القاهرة الجوي، ورئيس الإدارة العامة للأسعار، سعيد خليل، الذي أكد أن اللوحات الواردة تحدد الرسوم الجمركية عند دخولها للبلاد، بينما لا تتطلب اللوحات الصادرة، التي يحملها المسافرون عند مغادرتهم للبلاد دفع أية رسوم جمركية ويوضح:" حينما يدخل البلاد مسافرا ومعه لوحة فنية يتمّ تحصيل الرسوم المقررة، 30٪ من القيمة الأصلية، وضريبة مبيعات كذلك، بينما لا يتم تحصيل أية رسوم علي اللوحات المستنسخة عند دخولها". يشدد خليل علي ألا تكون هذه اللوحات المغادرة "أثرية"، حيث يقول: "لا نسمح بخروج اللوحات الأصلية النادرة أو التي يعود تاريخ رسمها لمائة عام، وكذلك اللوحات التي رسمها فنان مشهور مثلا، هذه الأعمال يجب أن تبقي بالبلد"، وحينما سألته عن المقصود بفنان مشهور، أوضح لي:"أن تكون اللوحة المسافرة هي الموناليزا"، لم أفهم ما الذي كان يقصده، لأن أي مسافر سيغادر مطار القاهرة حاملا معه النسخة الأصلية من عمل دافنشي، فهذا المسافر مطلوب دوليا بالتأكيد لسرقته اللوفر! وقائع مغادرة لوحة للأراضي المصرية كيف يكون خروج عمل فني، مع مقتنيه أو مع مُبدعه للمشاركة في معرض خارج البلاد؟ للإجابة علي هذا التساؤل طلب مني "خليل" أن أمُهله يوما حتي يتأكد من بعض النقاط، وبعدما تأكد أوضح لي أن المُثمِن، وهو الموظف الذي يحدد الرسوم الجمركية، إذا تشكك أن هذه اللوحة لفنان مشهور، وأنها غالية الثمن، فإنه يطلب عرضها علي لجنة المعاينة التابعة لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة بعد أن يحرر طلباً موقعا للجنة. لكن حينما يتطلب الأمر سفر لوحات للمشاركة بمعرض ما خارج البلاد فيجب أن تكون هناك موافقة من القطاع كذلك، فحسبما يؤكد إبراهيم عبد الرحمن صاحب جاليري بيكاسو، أن "الموافقة الرسمية علي كل لوحة ضرورية، خاصة أن 80٪ من جمارك العالم لن تسمح بدخول لوحات هذا المعرض دون وجود الأختام الرسمية علي ظهر كل لوحة"..هكذا لن تسافر لوحات المعرض إلا إذا مرّت علي لجنة لفحصها، وحسب موقع القطاع الحكومي"تعد إدارة المعاينات بوصفها الإدارة المسئولة عن منح التصاريح الخاصة بسفر الأعمال الفنية سواء المراد تسفيرها للعرض بالخارج أو الأعمال المحجوزة بالمطارات والموانئ أو الأعمال المراد تصديرها للخارج". كما يأتي ضمن الأوراق المطلوبة، في حالة المشاركة بمعرض، شهادة موافقة من الفنان وصور فوتوغرافية لكل لوحة، والدعوة الخاصة بالمشاركة، في هذه الحالة ستقدم إدارة المعاينات خطابين الأول موجه لمدير عام جمرك ميناء القاهرة الجوي، والآخر موجه لمدير إدارة التصاريح بوزارة الداخلية، وسيكون علي المُثمِن أن يخير الفنان بين الحصول علي تصريح خروج نهائي أم مؤقت، والأول يكون إذا كانت اللوحات لن تعود مرة أخري للبلاد، أما التصريح المؤقت إذا كانت هناك لوحات لن تباع ويحتمّل عودتها. حتي لا تزوّر الشهادة حينما طلبت من إبراهيم عبد الرحمن، صاحب "جاليري بيكاسو"، رؤية شهادة بيع لوحة بدا متردداً، وقد زاد هذا التردد حينما طلبت منه تصويرها، ولم يوافق إلا حينما قام بوضع علامات بقلمه في المساحة المحددة لوضع اسم المشتري. تردد وتأشيرات قلم عبد الرحمن كانت تخوفاً من استخدام الشهادة في عملية تزوير محتملة، حيث تعد هذه الشهادة وثيقة ملكية للعمل الفني، يقدمها الجاليري لصاحب أي لوحة فنية لتأكيد الملكية. بينما تحدد قيمة لوحة، إذا لم تكن مباعة بواحدة من قاعات العرض، شهادة موّقعة من مُثمن أو ناقد معترف به وله دراية بتاريخ الفنانين. تكون هذه الشهادة مصحوبة بصورة العمل، ويؤكد الناقد فيها أنها أصلية، ويحدد قيمتها. تحمل شهادة الجاليري شعاره، وتوقيع مالكه والمسئول القانوني عنه، إلي جانب المواصفات الخاصة باللوحة، مثل الخامات المستخدمة بها وحجمها، وعام إنتاجها وقيمتها المالية، كما تحتوي هذه الشهادة علي اسم المشتري بالطبع. تعد هذه الشهادة وثيقة رسمية، لكن إبراهيم عبد الرحمن يؤكد أن مالك اللوحة يفضل أن يحمل معه شهادات أخري حينما يسافر تجنباً لأية شكوك، حيث يوضح صاحب "بيكاسو" أن الجمارك تطلب شهادات من قطاع الفنون التشكيلية لأنها صادرة عن جهة رسمية، لكنه يقول: " يفضل أن تلعب نقابة الفنون التشكيلية هذا الدور بدلاً من القطاع الحكومي، وسيكون هذا الإجراء من شأنه تسهيل عملية الاقتناء فيما بعد، سيكون ذلك بمثابة تأريخ للعمل، وتأكيد علي أصليته لمجرد وجود ختم النقابة، وهذه مسئوليتها لأنها الجهة المسئولة عن الفنان ودعمه وحماية حقوقه، وستأخذ النقابة كذلك رسوما مقابل هذا بما يوفر لها دعما مالياً". كان هناك ختم رسمي يزين ظهر اللوحة في السابق، بما يفيد بأن هذا العمل متداول، وقد سبق له المشاركة بمعرض خارج البلاد، كما كان ذلك يساهم في رفع قيمتها المالية. لوحات ممنوعة من السفر في بعض الأحيان يعود إبراهيم عبد الرحمن من باريس ومعه لوحات لجورج البهجوري، دون أن تواجهه أية مشكلات...أي أن هناك حالات يسمح بها بدخول اللوحات دون "تصريح دخول" وبلا "جمركة". ويقول صاحب الجاليري:"عادة لا يتم إيقافي، خاصة أن جواز سفري يثبت أنني صاحب قاعة خاصة لعرض وبيع اللوحات الفنية.. أظن أن المشاكل لا تحدث إلا إذا كان لديهم بعض الشكوك". بينما لا تحصل الجمارك رسوما من حاملي اللوحات عند مغادرة البلاد، إلا أن هناك أمراً آخر تحرص علي ضبطه. عند خروج لوحة أحياناً لا يسمح بسفرها ويوضح رئيس قطاع الفنون التشكيلية أحمد عبد الغني أسباب ذلك بقوله:"إذا كان العمل المسافر نادرا، وأقصد بنادر أنه لواحد من الفنانين الرواد، لا نسمح بسفره". يضع عبد الغني لائحة جديدة لضبط عملية سفر اللوحات، وقد بعث لوزارة الآثار لتمّده باللوائح الخاصة بها من أجل الاسترشاد بخبراتها، خاصة في حالات سفر الأعمال باعتبار القطاع الجهة المنوط بها إصدار تقارير السماح بالسفر، و"حماية تراث الفن المصري" كذلك. القطاع يملك، إذا أقرّ للجمارك، سلطة منع لوحة من السفر، خاصة أنه الجهة المعتمدة في حالة وجود شكوك حول كوّن اللوحة "أصلية أو أثرية". كما يشير رئيسه إلي مشكلات تحدث مع ورثة الفنانين، خاصة عندما يحمل الوريث معه لوحات أصلية، وتتزايد المشكلة حينما يكون هذا الفنان من الرواد، ويوضح: "القطاع يريد الحفاظ علي هذا التراث بأن يكون مملوكاً للقطاع أو يتم إهداؤه للعرض بأحد المتاحف ليظل داخل البلاد". يوضح عبد الغني أن لجنة المطار التابعة للقطاع أحيانا ما يتمّ طلب معاينتها لعمل فني من جانب الجمارك لوجود بعض الشكوك لدي مُثمني التفتيش الجمركي، لكنه يقول:"في الغالب لا يكون هناك مانع من سفره، لكن في بعض الأحيان يحمل أحد المسافرين معه مستنسخا من عمل نادر، وهذا يمثل خطورة بأن نسخاً منه قد تباع في الخارج مما يؤثر علي قيمة العمل الأصلي حتي لو كان مملوكاً لأحد المتاحف". يبدو هذا كمبالغة، كوّن من يريد التزوير لن ينتظر المستنسخ القادم من مصر، لكن عبد الغني يؤكد:"نحاول نضبط عملية الخروج حتي نحمي التراث"! لعبة حظ يعترف عبد الغني أن هناك العديد من الأمور التي تحتاج لضبط، حيث يوضح :"نتوقف عند بعض الأوصاف ونحن نُعدّ اللائحة، مثلا لو طالبنا بمنع سفر الأعمال النادرة للرواد، ربما يثير ذلك جدلا حول من هو الرائد؟ لهذا نميل لأوصاف عامة بعض الشيء مثل أعمال تمثل تاريخ الفن المصري، خاصة أن دورنا حماية هذه الأعمال، والتي يكتشف أنها موجودة بالصدفة حينما يتشكك رجال الجمارك في كوّن العمل المسافر له قيمة، ولا يوجد قانون يساعدنا في حماية هذه الأعمال ومنع بيعها أو سفرها". في النهاية لا تبدو عملية جمّركة الفن كعمل ينظمه القانون، وإنما مثل لعبة حظ يتحول فيها حدث حمل مسافر لعمل فني لمغامر، قد يخرج من الجمارك مصطحبا لوحته أو يصبح شخصا مُخِلا بالتراث الفني المصري، وذلك حسب قوة شكوك رجال الجمارك ومحاولات قطاع الفنون التشكيلية لحماية تراثنا الفني المعاصر.