يا تري هل تحققت نبؤة بيكار ، عندما كتب في الكتالوج الأول لصالون الشباب عام 1989، أن فكرة إقامة مهرجان سنوي للشباب دون الخامسة والثلاثين من البوادر التي سيكون لها أعظم الآثار علي مستقبل الفن في مصر. الآن وبعد 25 عاما .. ماذا قدم هذا الصالون للحركة التشكيلية، وما الاخفاقات التي حدثت له؟ من خلال تجربتي في البحث عن هذا السؤال سواء بالتفتيش في أوراق الصالون ، أو الحديث المباشر مع عدد من الفنانين والمسئولين، لاحظت غياب التوثيق الدقيق لهذا الحدث، بل للأسف الأمر تعدي الغياب إلي ذكر وقائع غير حقيقية ، وهذا ما تضمنه علي سبيل المثال الكاتلوج الخاص ب ( اليوبيل الفضي لصالون الشباب)، حيث قدم الناقد صلاح بيصار دراسة بعنوان "صالون الشباب .. 25 عاما من الإبداع وتوثب الحركة التشكيلية المصرية من السكونية إلي التمرد"، حيث لاحظت ورود معلومة غير صحيحة وللأسف قطاع الفنون التشكيلية مصدرها وليس صاحب الدراسة وهي أن عبد المنعم عبد السميع فاز بالجائزة الكبري في أولي دورات الصالون ، والحقيقة أنه لم تكن هناك جائزة كبري في هذه الدورة، بل هو أحد الفائزين بجوائز النحت التشجيعية .. وحاولت الوصول لهذا الفنان ، إلا أنني لم أتمكن، لا سيما أن كثيراً من الفنانين لم يعرفوا عنه شيئا. الأمر الثاني في إطار التوثيق المنقوص، هو عدم استكمال القطاع توثيق كل دورات الصالون، لوفاة الناقد الذي تحمل ذلك في الجزءين الأخيرين، حيث أصدر القطاع ثلاثة أجزاء، كل جزء يشمل توثيق لخمس دورات، من حيث عدد المشتركين وفروع التسابق، والكتابات النقدية والصحفية التي صاحبت كل دورة، ولكن هذا المجهود توقف ولم يعد لدينا توثيقا لآخر عشر دورات، فالجزء الأول من الموسوعة أشرف عليها د.صبحي الشاروني ، والجزءان الثاني والثالث الناقد الراحل محمد حمزة، حيث توقفت الموسوعة بعد وفاته.. والسؤال هنا هل صالون الشباب عمل فردي أم مؤسسي؟؟، نقلت هذا السؤال للمسئول الحالي عن القطاع د. أحمد عبد الغني، الذي أكد علي ضرورة سرعة استكمال هذه الموسوعة، لأننا بالفعل في عمل مؤسسي، لا يتوقف بوفاة أي شخص مهما كانت قيمته. وبعيدا عن التوثيق شبه الغائب ، هناك ظاهرة ربما تحتاج لدراسة مستقلة بعد ذلك تتعلق بأمرين، الأول أنه في دورة من الدورات فاز الفنان هشام نوار بجائزة الصالون في العمل المركب وفي الدورة التالية وجدت لجنة الفرز أن عمله لا يستحق أن يعرض من الأساس .. وهذا الأمر انطبق علي العشرات من المبدعين ، حيث يسمح لهم بالعرض وفي الدورة التالية لا يدخلون الصالون أساسا، الأمر الثاني خاص بانسحاب فنانين من علي الساحة بعدما حصلوا علي جوائز من الصالون، وهذا الأمر ينطبق مثلا علي النحات عبد المنعم عبد السميع، وعلي الفنان طارق المشد الفائز بجائزة التصوير لعام 1989، لكنه اختفي من علي الساحة الفنية منذ عام 1990 ولا أحد يعرف عنه شيئا. وربما أيضا- تكون الملحوظة الجديرة بالتسجيل، أنه إلي هذه اللحظة لم تحسم الحركة التشكيلية حدود التأثير والتأثر المسموح بها، وهل هذا التأثير والتأثر الذي كان مباحا في بداية الحركة .. مباحا إلي الآن .. هذه القضية تثار بين الحين والآخر في صالون الشباب.. لكن في مرة ندين الفنان وفي أخري نبرأه ، فمثلا في عام 2002 قررت لجنة التحكيم سحب جائزة التجهيز في الفراغ من الفنان هيثم محمد عبد الحفيظ بعد أن اكتشفت الفنانة ريم حسن المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، أن هذا العمل منقول حرفيا من أعمال الفنان الألماني جونتر أوكر، وأرسلت مذكرة بذلك للفنان حازم المستكاوي مدير متحف الفن الحديث وعضو لجنة التحكيم، وأرفقت نسخة من الكتالوج ، الذي يضم هذا العمل وشاهدته في أحد معارض أوكر بقاعة الفنون بميونخ عامم 1993 ، وبالفعل تم سحب العمل. وفي هذا العام تقدمت الفنانة د.أحلام فكري بمذكرة ضد العمل الفائز بجائزة القومسير، حيث رأت فيه تشابها مع عمل الفنانة الألمانية تمارا مولر، إلا أن هذه المرة حدث انقسام بين قرار لجنة التحكيم التي رأت أن عمل الفنانة شيماء صبحي تأثر بالفعل بعمل الفنانة الألمانية، لكن الأمر لا يصل لدرجة السرقة الفنية، في حين أصدر القطاع بيانا، يميل فيه إلي أن الفنانة شيماء اقتبست من الفنانة الألمانية، لكنه سيحترم قرار لجنة التحكيم ولاسيما أن الجائزة شرفية وتعبر عن وجهة نظر القوميسير، وليست من الجوائز الممنوحة من القطاع. وفكرة سحب الجوائز أو ابقائها، تمثل جزءا من تراث هذا الصالون، ففي العام 2003 قرر د. أحمد نوار رئيس قطاع الفنون التشكيلية وقتها، إلغاء قرار لجنة التحكيم- بعد إعلان أسماء الفائزين- والخاص بابتكار جائزة شرفية للجنة، حيث قام كل محكم باختيار فنان وأعطاه جائزة، وقد استندت عدم موافقته علي هذا الإجراء إلي أمرين، الأول عدم إدراج هذه الجوائز في الفروع التنظيمية للاشتراك في الصالون، الثاني أن فكرتها ذاتها هي فكرة الجوائز الشرفية التي يمنحها الصالون بالفعل. في هذا الملف حاولنا رصد مثل هذه الظواهر، وتأثيرها في مسيرة الصالون، وكذلك الاقتراب من الملامح الرئيسية لهذا الحدث الفني، محاولين- قدر الامكان- الإمساك بالظواهر الأساسية التي أفرزها الصالون عبر دوراته المختلفة. قد يكون من المفيد - كذلك- أن نذكر بعض الأرقام المتباينة بين الصالون الأول والأخير أشترك في صالون الشباب الأول 190 فنانا ، وبلغ عدد المعروضات 322 عملا فنيا ، وبلغ مجموع الجوائز المالية في صالون الشباب الأول 27 ألفا وخمسمائة جنيه ، منها خمس جوائز رئيسية، قيمة كل منها 3000 جنيه ثم 25 جائزة تقديرية قيمة كل منها 500 جنيه ، وقد اقتصرت المجالات علي التصوير والنحت والرسم والحفر والعمل الفني المركب. وتم تشكيل لجنة واحدة للفرز والتحكيم وكانت تضم (حسين بيكار) رئيسا، صبري منصور أمين اللجنة، وأحمد عبد الوهاب، وحازم فتح الله، وصالح رضا، ومجدي قناوي،وحسن عثمان، وكمال الجويلي،ومحمود بقشيش ، ونعيم عطية (أعضاء) أما صالون الشباب الخامس والعشرون 2014، شارك فيه 310 فنانين، وبلغ عدد المعروضات 330 عملا، وبلغ مجموع الجوائز 120 ألف جنيه بعد حجب الجائزة الكبري وقيمتها 20 ألف جنيه وجوائز النقد الفني وقيمتها ستة آلاف جنيه، فضلاً عن جائزة سيراميكا رويال وقيمتها 20 ألفا جنيه تم توزيعها علي أربعة فائزين ، وكذلك قيام البنك التجاري الدولي (CIB) باقتناء 37 عملاً بقيمة إجمالية 262.500 جنيه تشجيعاً منه للفنانين المتميزين. وقد زادت عدد المجالات لتصل إلي عشرة مجالات تضم التصوير والرسم والجرافيك والنحت والخزف والحفر والتصوير الضوئي والكمبيوتر جرافيك والعمل الفني المركب والميديا والبيرفورمانس. كما زاد عدد مواقع العرض لأول مرة في تاريخ الصالون لتضم قصر الفنون، وقاعة الباب، وساحة متحف الفن المصري الحديث، ومركز سينما الجزيرة (المواقع الأربعة بساحة دار الأوبرا)، بالإضافة إلي قاعة نهضة مصر وقاعة إيزيس والحديقة الثقافية بمركز محمود مختار الثقافي، ويستمر عرضه لمدة شهر. وتولي د. خالد حافظ مهمة القوميسير، وتكونت لجنة التحكيم من د. حازم المستكاوي رئيسا وعضوية: سعيد بدر، حنان الشيخ، هيثم نوار، وائل درويش، بينما تشكلت لجنة الفرز من: ناجي فريد، خالد حافظ، وهشام نوار.