في مسألة سرقة متحف ملوي، هل كان اخناتون مقصودا بذاته. لكن لماذا يستهدف الإخوان آثار اخناتون؟ لأن هناك عداء يهوديا معلوما لاخناتون وعبادته بشكل عام، والآن، وبعد كل ما قيل عن علاقة الإخوان بالكيان الصهيوني فليس مستبعدا علي الإطلاق أن ينفذوا مخطط حلفائهم! وبغض النظر عن وجاهة هذه الفكرة من عدمه فإن الآثار التي فقدت من متحف ملوي أغلبها من منطقة تونا الجبل، والأشمونين، وكلاهما له دور بارز في تاريخ مصر القديمة، حيث نشأ الارتباط باسم أحد أهم الرموز المصرية (تحوت) أوجحوتي وفق النطق اليوناني، بصفته رمز الحكمة والفكر والكتابة. هذا الموقع في تاريخ مصر القديمة كان قلعة فكرية قصده الباحثون عن العلم من مختلف دول العالم القديم من أجل البحث عن المعرفة، لدرجة أنّ فلاسفة اليونان أطلقوا عليه اسم هرموبولس نسبة ل (هرمس) المرادف الإغريقي ل (تحوت) كما أنه قريب جدًا من موقع يهتم به أبناء العالم المتحضر في عصرنا الحالي، أي مدينة أخيتاتون التي أخذت تسمية عربية (تل العمارنة) وهي المدينة التي اختارها أخناتون لنشر ديانته الجديدة المؤسسة علي فكرة الإله الواحد. كما أنّ (تونا الجبل) قريبة جدًا من مقابر أسر الدولة الوسطي في (بني حسن) التي (تمتلك خصوصية متميزة بجدارياتها الفنية رفيعة المستوي وموقعها الجغرافي الرائع. وهذه المنطقة أيضًا ذات تراث قبطي / مسيحي، له أهمية خاصة، لارتباطه برحلة العائلة المقدسة إلي مصر، وأقدم الأناجيل في العالم. كما أنّ موقع تونا الجبل له صلات بمدينة (أخميم) التي اشتهرتْ بعلمائها وفلاسفتها خاصة بعد الإسلام) الرواية الرسمية لم تحفل بهذا كله، والأداء يمكن وصفه بالتصاعدي، بدأ بإنكار ونفي كالعادة، ثم تأكد الخبر علي لسان الوزير نفسه أثناء زيارته للمتحف المصري -رغم أن المتحف المسروق في المنيا!- لم يتحدث الوزير عن أي وسائل للحماية واعتبر الحادثة مجرد سرقة بالمصادفة، قال انه نظرا لوجود متحف ملوي بجوار الوحدة المحلية للمدينة ومواجهته لنقطة الشرطة، اعتصم بعض المتظاهرين داخل حديقة المتحف مساء الأربعاء ثم قيام البعض منهم بكسر بوابته الداخلية وتخريب محتوياته وسرقة بعضها، بالإضافة إلي سرقة محتويات المكاتب الإدارية بالمتحف وإتلاف كاميرات المراقبة، وذلك بعد الاعتداء علي أفراد الحراسة المكلفة بتأمين المتحف. في اليوم التالي تصاعدت اللهجة قليلا حيث قال أحمد شرف، رئيس قطاع المتاحف، إن أنصار جماعة الإخوان المسلمين دمروا متحف ملوي تماما، موضحا أنهم بعد سرقة ألف وخمسين قطعة من أصل ألف تسعة وثمانين قطعة مساء الأربعاء، ظلوا بالمتحف طوال الليل حتي صباح الخميس تركوا المتحف وعادوا إليه مساء الخميس ليشعلوا النيران في حديقته وما تبقي من الأساس المكتبي بالمتحف. شرف قال أيضا إن أنصار مرسي قاموا بتدمير ما تبقي من آثار لم يستطيعوا حملها ثم رحلوا في صباح الخميس وعادوا في النهار أثناء عمل اللجنة الأثرية المكلفة بجرد المتحف، وبدأوا بإطلاق الأعيرة النارية علي اللجنة وهو ما دفع اللجنة لإنهاء عملها بسرعة والخروج من المتحف خوفا من إصابة أحدهم خاصة بعد قتل أنصار المعزول لأحد العاملين بالمتحف صباح الخميس أثناء محاولة دخوله. بعدها وربما في إطار مطالبة بعض الجهات بمخاطبة الإعلام الدولي عن جرائم الإخوان أدركت الوزارة أن هناك جهات دولية يمكن مخاطبتها في هذا الأمر فأصدرت بيانا قالت فيه إنها تعد تقريرا مفصلا مدعماً بالصور عن حالة المتحف لإرساله إلي الدكتور محمد سامح عمرو المندوب الدائم لمصر لدي منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" ليقوم بدوره بالاتصالات اللازمة مع القطاع الثقافي بالمنظمة، وبصفة خاصة الخبراء المعنيين باتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن الاعتداء علي الممتلكات الثقافية وسرقة وتهريب الآثار لتوضح للرأي العام ما فعلته تلك الجماعات بآثار مصر شأنها شأن ما فعلوه بالعديد من الكنائس والمنشآت التاريخية بالعديد من المحافظات، وعرض ما اقترفوه في حق الممتلكات الأثرية المصرية علي المحافل الثقافية. قالت الوزارة أيضا انه سيتم إرسال تقرير آخر موثق بالصور للقطع الأثرية المسروقة من متحف ملوي إلي المجلس الدولي للمتاحف (الايكوم) لوضعها علي القائمة الحمراء علي وجه السرعة، موضحة أن قائمة الطوارئ الحمراء تهدف إلي مساعدة رجال الجمارك والشرطة علي التعرف علي القطع المصرية المسروقة والتي تحميها التشريعات القومية، ويشجع ذلك أيضا المتاحف ودور المزادات وتجار وجامعي القطع الفنية علي عدم الشروع في حيازة أي قطعة أثرية. كما سيتم إبلاغ الإنتربول الدولي ورجال الجمارك بهذه القائمة لنشر بياناتها في المزادات والمتاحف والمعارض الدولية لعدم التعامل مع تلك الآثار التي تمتلكها مصر. بقي أن نقول إن مجلس مدينة ملوي فكر سنة 1961 في إنشاء متحف اقليمي للآثار يضم آثار تونا الجبل والأشمونيين، وافتتحه محافظ المنيا في 23 يوليو 1962 به 4 قاعات علي طابقين بالإضافة للحديقة المتحفية. ومن أهم معروضاته الطائر ايبس (أبو منجل) رمز تحوت اله الحكمة والمعرفة، وتماثيل وتوابيت حجرية وخشبية وممياوات وأقنعة وأدوات زينه.