القراء المصريون يجمعون بين طلاوة الصوت وحُسن الخلق، فالقرآن الكريم أسلوب حياة ومنهاج طريق، وليس مجرد وسيلة لكسب القوت، يعرفون أفضال سابقيهم من القراء الكبار وعلماء القراءات الأفذاذ الذين شهد لهم العالم الإسلامي كله وانحني أمامهم القراء الآخرون واستقبلهم الرؤساء، وكان هذا الحوار الرمضاني مع الشيخ محمد صالح حشاد، شيخ عموم المقارئ المصرية والأمين العام لنقابة القراء، ونقيب قراء الإسكندرية، وأحد أشهر المُحكمين الدوليين في علوم القراءات: ما أشهر المواقف التي تعرضت لها مع شيخ المقارئ السابق؟ - الحقيقة أنني أشتاق إلي لقاءاتي مع أستاذ القراء الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، الذي كان أحد أهم علماء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، ليس لأنه كان صديقي وأستاذي فقط، بل لأن القراء كلهم مدينون له بالعلم، وقد تخرج في مدرسته عدد كبير من القراء الموجودين الآن، كما تعلم منه أيضًا أساتذة القراءات والمفسرون، وشيخ عموم المقارئ من المناصب الرفيعة التي لا تُوجد سوي في مصر، وتولي هذا المنصب قبلي الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف وكان عالمًا متخصصًا في القراءات، يملك ناصية هذا العلم، وقد رافقته في عام 2000 إلي مدينة نيويورك بالولايات المتحدةالأمريكية للقراءة بالمركز الإسلامي بمنهاتن، حيث نصلي العشاء بالتبادل، وبعد العودة إلي الاستراحة نتناقش في علوم القرآن والقراءات، وحتي المقامات الموسيقية التي لا تخل بالأداء القرآني، فكنت أجده عالمًا شاملًا، وفوق ذلك صاحب خلق رفيع، ومن الطرائف التي أذكرها وقتها أنه انتشرت شائعة تقول إن القيامة ستقوم في أول يوم من السنة، فكان الشيخ عبد الحكيم يُداعبني ويقول: بعد هذا العمر هنموت في أمريكا يا شيخ حشاد! تدعيم المقارئ ما أهم المطالب العاجلة التي تقدمت بها إلي وزارة الأوقاف؟ - الحقيقة أن وزير الأوقاف يُساندنا كثيرًا، غير أننا نطالب بإجراء مسابقة عامة بين حفظة القرآن الكريم بمصر كلها لاختيار الأنسب من بينهم لندعم به المقارئ وقراء السورة بالمساجد الكبري، بما يُسهم في تفريخ أجيال جديدة من القراء والمُحفظين لتبقي مصر رائدة في مجال حفظ القرآن الكريم، خاصة أن هناك منافسات شديدة من بعض الدول العربية والإسلامية. هل تمتلك نقابة القراء الوسائل التي تردع أي خروج علي أحكام التلاوة من بعض القراء؟ - ضبط إيقاع القراء غير الملتزمين يجري الآن علي قدم وساق، وذلك يتم عن طريق استدعاء القارئ غير الملتزم إلي مقر نقابة القراء وإسداء النصح والتوجيه له ليلتزم بالأداء الصحيح والجيد للقرآن الكريم، وفي هذا الصدد تم استدعاء بعض هؤلاء القراء مؤخرًا وتوجيه النصح لهم، كما أن قانون النقابة ينص في مادته الأولي علي الحفاظ علي أحكام التلاوة الصحيحة، أما سلطة النقابة فتتمثل عند إسقاط عضوية القارئ غير الملتزم بأحكام التلاوة، وهذا كل ما يمكننا عمله في الوقت الحاضر، كما أنه، ولله الحمد، نحن نتكلم عن حالات بسيطة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ومجموع القراء ملتزمون بالأحكام، ولا تزال المدرسة القرآنية المصرية في التلاوة والتجويد بخير وتحتل دائما المقدمة. لماذا لا تطالب النقابة بحق الضبطية القضائية ولو بالتعاون مع جهات أخري؟ - نقابة القراء الآن بصدد إجراء تعديلات علي قانون إنشائها، وقد انشغل البرلمان بالتعديلات الدستورية الأخيرة ولم يكن من المتاح التقدم إليه وقتها، ويتصدر هذه التعديلات منح بعض أعضاء النقابة حق الضبطية القضائية بالتعاون مع الجهات المسئولة كما يحدث الآن في وزارة الأوقاف مع خطباء المكافأة غير الملتزمين بخطة الوزارة وتعليماتها في هذا الصدد، والقارئ غير الملتزم ليس أقل خطورة من الخطيب غير الملتزم لأنه يقرأ القرآن دون التزام بأحكامه وضوابطه. هل توجد خطة لإنشاء مقارئ خاصة بالفتيات والسيدات؟ - هذا الطرح غير مسبوق، فمنذ إنشاء المقارئ من أكثر من مائة عام لم يتم تخصيص مقارئ للفتيات والسيدات، ولكن مع وجود فتيات كثيرات يحفظن القرآن الكريم ويقرأن حتي القراءات العشر فلا مانع من طرح هذه الفكرة من جانب نقابة القراء علي وزارة الأوقاف لوضعها في خطة الوزارة. مكافآت المقارئ يشتكي العاملون بالمقارئ من تدني المكافآت بصورة كبيرة.. ماذا فعلتم تجاه ذلك؟ - تقدمت بالفعل كثيرًا إلي وزارة الأوقاف التي استجابت ورفعت مكافآت أعضاء المقارئ والمحفظين، ولكننا لا نزال نطالب الأوقاف بالنظر في رفع قيمة المكافآت التي تصرف للأعضاء وشيوخ المقارئ وقراء السورة، ونؤكد علي قراء السورة، لأن المكافأة التي تصرف لهم لا تتوافق مع الجهد المبذول، خاصة أن الغالبية العظمي من قراء السورة بالمساجد من الحفظة المُجدين وليست لهم مصادر دخل أخري، ونثق تمامًا أن د. مختار جمعة لن يتأخر أبدًا عن أهل القرآن. هل توجد خطة للتوسع في المقارئ الحالية لتشمل مساجد أكثر من الموجودة الآن؟ - نعم هناك مقترحات تعمل عليها مشيخة عموم المقارئ، ثم ستنقل هذه المقترحات إلي وزير الأوقاف، لأن انتشار المقارئ في المساجد يعطي فرصة كبيرة لرواد هذه المساجد لحضور هذه المقارئ باعتبارها حلقات قرآنية تفيد المستمع وتعطيه الخبرة التي يتمكن بها من قراءة القرآن الكريم بأحكامه ومخارجه الصحيحة. كيف تتم الرقابة علي المقارئ بحيث لا نضمن ألا يتسرب إليها أي فكر متطرف؟ - حفظ القرآن الكريم يحفظ صاحبه من تسرب أي فكر متطرف، لأن الإنسان عندما يكرمه الله بحفظ القرآن الكريم يحفظه بذلك من أن ينجرف لأي تيارات تريد أن تغير مساره، كما أن حفظه للقرآن يجعله يرد أي فكر جديد إلي كتاب الله وإلي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، ودائمًا يتسم حفظة القرآن بالفكر الوسطي الذي مرده الكتاب والسنة.. ونحن نتابع عمل المقارئ بصورة دائمة وتوجد رقابة محكمة علي المقرئين والمستمعين بحيث نمنع أي انجراف إلي غير الهدف المرجو منها.