قاطعته: وابن حى العباسية.. محمد عوض.. متى أدركته مهنة الفن.. كما كان يقال فى الماضي.. عن أبناء العائلات عندما يتجهون للفن؟ قال: خلال تواجده فى كلية الأداب.. قام بتكوين فرقة مسرحية، يشاركه فيها الفنان سعيد عبد الغني.. تحت إشراف الكاتب أنيس منصور، الذى كان يدرس له مادة الفلسفة، لتقديم مسرحيات الريحاني.. على إستاد الجامعة أمام 12 ألف طالب وطالبة تقريبًا، وعلى المقابل هناك فرقة أخرى.. تحت إشراف المخرج جلال الشرقاوي.. والمخرج كرم مطاوع، تقدم نوعية خاصة من المسرحيات الجادة.. لا تحقق نفس النجاح والاقبال الجماهيري، هما يمثلا كلية الحقوق.. وعوض يمثل بفرقته كلية الأداب.. وبين الفرقتين.. فرقة ثالثة تقدم مسرحيات باللغة الإنجليزية.. بطلة الفرقة أمى قوت القلوب عبد الوهاب مازن، لا يحضر عروض هذه الفرقة إلا الدكاترة والأساتذة.. وفى الصفوف الخلفية يجلس محمد عوض لمشاهدة شقيقة زميلته الدكتورة رجاء مازن. “حدث مختلف” لماذا قلت لي.. إن المسرح قبل عوض فى الجامعة كان حدث عادى وبعده أصبح حدث مختلف؟ التميز دائمًا فكرة.. والفكرة التى خرجت منه تحديدًا ولم يفكر أحد فيها قبله، مشاركة نجمات الريحاني؛ المسرحيات التى تقدم على مسرح الجامعة، كل نجمات الريحانى تقريبًا فى مقدمتهن العظيمة مارى منيب.. شاركت معه على مسرح الجامعة بين عدد من الجمهور من طلاب الجامعات لا يمكن أن يتحقق وجوده فى مسرح الريحاني؛ المحدود بعدد مقاعد، مثل أى مسرح، لكن فى الجامعة كان أحيانًا يصل العدد إلى 15 الف. تدخلت من جديد فى الحوار.. لماذا الريحانى تحديدًا؟ رد: بالمناسبة يوم التخرج من كلية الأداب، تم تعينه فى مسرح الريحاني.. بعد توصية من الفنانة مارى منيب، للفنان بديع خيري، الذى يقرر أن يتبناه.. هنا تكتشف إن بداية عمله.. تقديم كل أعمال نجيب الريحاني، التى حققت نجاحًا والتى فشلت، سواء فى مرحلة تواجده فى الجامعة.. أو فى أثناء عمله فى مسرح الريحاني، وكانت هناك مفارقات فنية.. إن مسرحية “حكم قراقوش” حققت فشل رهيب عندما كان يقوم ببطولتها العظيم نجيب الريحاني.. وعلى المقابل على مسرح الجامعة حققت نجاح جماهيرى مذهل.. عندما قدمها محمد عوض على مسرح الجامعة.. أيضًا فى هذه المرحلة الهامة فى تاريخه وبداياته.. كان يحل محل الفنان عادل خيرى عندما كان يتعرض للمرض، وفى اليوم الذى يعرض فيه بديلًا ل عادل خيري.. يحقق نفس النجاح، ويحصل على تصفيق جمهور عادل خيري. وماذا بعد الريحاني.. ؟ دخل فرقة “ساعة لقلبك” .. ومسرح التليفزيون.. أول مسرحية .. (جلفدان هانم) بسببه يتم تغير قوانين مسرح التليفزيون، المسرحيات كانت تعرض ثلاث أيام، بعد الاقبال الجماهيرى على المسرحية تم مد العرض ثلاث شهور، وتدخل د. عبد القادر حاتم، وزير الثقافة والإرشاد القومي، لتعديل أجره إلى 400 جنيه.. أعلى أجر تقاضاه ممثل فى مسرح التليفزيون. “جلفدان هانم” ممكن نذكر الأجيال الجديدة بمسرحية “جلفدان هانم”؟ “جلفدان هانم”، تحولت إلى فكرة إشتراكية، تناسب الأجواء السياسية والمناخ السائد، وتدعو إلى “من يعرق.. يكسب”، كما حدث مع بطل المسرحية “عاطف الأشموني.. مؤلف الجنة البائسة”، قام بتأليف المسرحية.. وأخر قام بشرائها منه وحصل هو على المجد والشهرة والفلوس! المسرحية تريد أن تقول: “الفلوس من حق الشقيان”، لدرجة إن البعض وصف المسرحية إنها “منفستو” سياسى داخل عمل مسرحى يقدم الضحك.. دون أن تكون “منفستو” سياسي، وكانت هذه المسرحية تعرض على دار الأوبرا القديمة، أوبرا الطبقة البرجوازية.. مع “جلفدان هانم” أصبحت هدفًا للفقراء من أجل التثقيف.. ويتحول مع “جلفدان هانم” إلى نجم شعبي.. رغم إن من المفاجأت إنه كان يرفض الاشتراك فى هذه المسرحية، بسبب المساحة الضئيلة للكوميديا فى النص المسرحي، لكن تمسك المخرج والممثل العبقرى عبد المنعم مدبولى به هو الذى جعله يقبل فى النهاية.. لتتحول “جلفدان هانم” إلى أيقونته المسرحية!. ماذا تغير فى ترتيبه الفنى بين النجوم بعد “جلفدان هانم”؟ يكفى أن تعرف إن شخصية “سكرتير المحامي” التى قدمها الفنان عادل إمام.. والتى قال فيها العبارة سبب شهرته “بلد شهادات” هذه الشخصية التى كانت فتحة خير على عادل أمام. تدخلت.. ولماذا لم يقدمها “أستاذ عوض”؟ بعد “جلفدان هانم” تحول إلى نجم.. لا تقل نجوميته عن فؤاد المهندس.. بل أصبح النجم الأول، وأول ممثل يحصل على أجر 400 جنيه، لم يعد مقبولًا أن يقدم دور على المسرح بهذه المساحة، رغم إنه هو كان المرشح الأول وقام بعمل بروفات على الشخصية بالملابس. “نجاح غير مسبوق” لماذا بين كل جملة وأخرى تقول:”التميز كان عدوه الأول”؟ هذا الرجل صنع نجاحا غير مسبوق.. فى عمر غير مسبوق، فى سن 24 عامًا يحقق أعلى إيرادات فى المسرح، هناك مقولة معروفة، من يحقق النجاح مبكرًا يصبح العداء له مستحكمًا، بداياته فى المسرح مثلًا “جلفدان هانم، أصل وصورة، مطرب العواطف” نجاح ساحق.. بدون منافس! ثم تأتى المسرحية.. التى كانت الإيراد الأول فى الستينات “نمرة 2 يكسب”، التى وضعته على القمة بدون منافس، ونجاحه غير المسبوق لم يتوقف عند إنه ممثل ناجح.. فى عام 1962.. فى عام 1986، أصبح صاحب فرقة، بعد أن كانت العظيمة مارى منيب تتبرع له بمكان فى “دولابها” الخاص فى حجرتها فى فرقة الريحاني، خصوصًا إن حجرة الريحاني.. مغلقة منذ رحيله وممنوع أن يدخلها أحد. أشعر من كلامك أن الفنانة الكبيرة مارى منيب تبنت محمد عوض فنيًا فى بداياته؟ حقيقي.. كل بطلات فرقة الريحاني.. تقريبًا “مارى منيب، سعاد حسين، عقيلة راتب” ساعدوه فى بداياته وشبه تبنوه فنيًا، بعد أن عاشوا معه نجاحا فنيا وجماهيريا على مسرح الجامعة عندما كان يستعين بواحدة منهن.. فى المسرحيات التى يقدمها، وعشن نجاحا مختلفا عن المسرح. بمعنى.. ممكن تفسر لى نجاح غير نجاح المسرح؟ العرض المسرحى بين الشباب المتوهج بالطاقة والحيوية.. يختلف عن العرض أمام جمهور البدل.. والفروير.. محمد عوض فى قمة نجاحه المسرحي، كان يخصص أيام للعرض بين الجنود والعساكر فى الجيش، كان يقول لنا “ضحك العساكر يختلف عن ضحك البهوات.. أصحاب الكرافتات”.. كان يبحث عن ضحك مختلف يمنحه شحنة وطاقة إيجابية. قبل أن ننتقل للسينما.. ونجاحاته.. الكبيرة.. اريد أن أجد عندك تفسير.. للتراجع المرعب الذى حدث فى نجوميته.. هل بسبب نجاحه المبكر.. هل فشل فى إدارة موهبته؟ تدخل قائلًا: محمد عوض مثل أسماء أخرى.. وضعت أسماءهم على قوائم سوداء فى عصر الرئيس السادات بعد رحيل الرئيس عبد الناصر، سواء فنانين أو إعلاميين، وبدأت عملية تغيبهم إعلاميًا.. وعدم التركيز عليهم.. هو كان واحد من هؤلاء.. دفع ثمن إيمانه بالرئيس عبد الناصر، وثمن إن نجاحه وتوهجه الفنى ارتبط بالحقبة الناصرية.. أستطيع أن أقول إنه تعرض لحكم بالإعدام الفني!!. ولكن يقال.. إنه ضحية (المضحكون الجدد) أبطال مدرسة المشاغبين.. الذين غيروا خريطة الكوميديا فى مصر؟ تدخل قائلًا: “غير حقيقي.. تاريخيًا وثابت بالأرقام.. فى أثناء عرض مسرحية “مدرسة المشاغبين” كانت تعرض مسرحية أخرى بطولة محمد عوض وفؤاد المهندس وشويكار.. اسمها “هالو دولي”.. كانت الأولى فى السوق.. ومكسرة الدنيا، والمشاغبين بعدها فى المرتبة الثانية.. فى تحقيق الإيرادات. ولماذا لم تستمر.. ولماذا لم نسمع عنها؟ فؤاد المهندس رفض تصويرها تليفزيونيًا، وشويكار.. أخذت المسرحية.. وقامت بعرضها فى الكويت.. بأبطال من الكويت!. أريد تفاصيل أكثر عن هذه القصة..؟ بعتذر.. هذه القصة تحديدًا بكل ما بها من تفاصيل والدى كان لا يتكلم فيها، ويرفض الحديث عنها للصحافة، دعنا نحترم رغبته.. ولكن حتى تعرف الأجيال الجديدة أبطال “هالو دولي” محمد عوض فؤاد المهندس شويكار، محمد صبحي، نسرين، زيزى البدراوي. وبالمناسبة مسرحية “مراتى تقريبًا” لم يتم تصويرها.. أيضًا لاسباب غامضة. “نجم سينمائي” تكلمنا كثيرًا فى المسرح.. أستاذ عوض كان نجم سينمائي.. تدخل.. قائلًا: فعلًا بدأ مشوار البطولات السينمائية.. فى نفس الوقت الذى حقق نجاحه المسرحي.. بعد مسرحيته “جلفدان هانم”، عمل تقريبًا مع أكبر مخرجين السينما المصرية، حقق نجاحات على مستوى الإيرادات.. مذهلة، صنعت منه نجم أول للشباك، فى السوق المحلى المصرى وعلى مستوى التوزيع الخارجي، فى الدول العربية، كانت الأفلام.. يتم بيعها باسم محمد عوض على الأفيشات. لماذا فى تصريحات منشوره لاحظت أنه يتوقف كثيرًا عند فيلم “السيرك”؟ هذا الفيلم فى مشواره السينمائي.. يمثل محطة سينمائية هامة جدًا، بسببه حصل على جائزة أحسن ممثل، وتم تكريمه من الرئيس جمال عبد الناصر، نجاح الفيلم لم يكن نجاحًا جماهيريًا فقط ولكن أيضًا نجاح على المستوى الفني.. فيلم قصة صلاح أبو سيف.. إخراج عاطف سالم.. يشاركه البطولة حسن يوسف وسميرة أحمد، هدى سلطان، المنتجة المنفذة للفيلم الفنانة الكبيرة مديحة يسري. سمعتك فى أحد الحوارات التليفزيونية.. تقول: “إنه إرتكب خطيئة الفنان اسماعيل ياسين فى عز نجوميته”.. ممكن تشرح لي؟ حقيقي.. أحيانًا كان يقبل المشاركة الشرفية فى أفلام.. لنجوم وأسماء كبيرة.. من أجل أن يتم بيع الفيلم فى السوق الخارجي.. لأن هناك حقبة سينمائية فى الستينات وبداية السبعينات، كان اسمه هو الأول فى التوزيع الخارجي، ولم يكن يشغله الأجر أو ترتيب اسمه على الأفيش، وهذا كان يفعله تحديدًا مع صديقه الصدوق “رشدى أباظة”، كما كان يفعل إسماعيل ياسين مع كمال الشناوي. تكلمنا عن أسباب الإنكسارة المسرحية.. هل عندك تفسير للتراجع السينمائى؟ بعد النجاح الكبير.. الذى حققه فيلم “اخواته البنات” مع المخرج هنرى بركات.. دخل فيلم “شيلنى واشيلك” مع المخرج على بدرخان، الفيلم للأسف كان لايحمل الطابع الكوميدي.. ودار مؤخرًا حوار بينى وبين أستاذى المخرج على بدرخان.. وإعترف لي.. إنه كان على خطأ عندما نصح عوض بعدم تقديم الكوميديا فى فيلم “شيلنى وأشيلك”!. “القاهرة 80” فى كواليس مسرحية “القاهرة 80” كثيرًا ما التقيت بالوالدة الفاضلة تحمل حقيبة أستاذ عوض.. هذه السيدة المحترمة، كانت لا تجيد طهى الطعام.. ولكنها تعلمته من أجله، كان فى بيتنا اثنين طباخين، ولكن لا يمكن الإعتماد عليهما، لأن بيتنا مفتوح بإستمرار لأصدقاءه، لابد أن تكون مستعدة حتى لو فى منتصف الليل، هذا البيت كان يضم كل المختلفين فى الأراء والتوجهات السياسية.. الشيوعى صلاح أبوسيف والأمريكى الفكر حسام الدين مصطفى.. وأحمد مظهر الناصري، بيتنا كان برلمان فني، وهى مطالبة بخدمة كل هؤلاء بحب ورضى.. لزوجها الحبيب الذى إرتبطت معه بقصة حب وهو لم يبدأ مشوار النجومية بعد، وأمنت بموهبته.. وقبلت الزواج منه.. وعندما رحل عن الحياة.. رفضت الحياة.. ورحلت بعده ب 40 يوما، هذه السيدة قوت القلوب عبد الوهاب مازن.. كانت خريجة كلية الأداب قسم اللغة الإنجليزية.. وتقلدت منصب وكيل أول وزارة السياحة!.