أسدل الستار علي فاعليات الدورة السابعة عشرة من مهرجان موازين الغنائي الدولي بالمغرب، مساء السبت الماضي بدورة واجهت العديد من التحديات أهمها دعوات المقاطعة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وانعكست بشكل ما أوبآخر علي حفلات بعض النجوم إلا أنها لم تظهر نتائجها علي حفلات الفنانين المغاربة بساحة سلا المخصصة للفن الشعبي، ولم تؤثر علي جمهور المراهقين الذي كان يحتشد بالالاف يوميًا في ساحة السويسي المخصصة لحفلات النجوم العالميين. الحقيقة أن مهرجان موازين بعد 17 عامًا من انطلاقه يجد نفسه أمام معضلة تتلخص في البحث عن أصوات عربية مختلفة تشارك في المهرجان بدلًا من الأسماء المكررة مثل كاظم الساهر ونانسي عجرم وأحلام وملحم زين وغيرهم، هذه هي المعضلة الحقيقية وليس المقاطعة التي لم تحقق أي نتيجة فعلية علي الأرض في حفلات النجوم »المطلوبين» من الجمهور. في حفلات مسرح السويسي المخصص للبرنامج الأجنبي حقق حفل النجم العالمي برونومارس حضورًا جماهيريا غير مسبوق خاصة أنها المرة الاولي التي يغني فيها النجم العالمي بالمغرب، هذه في حد ذاته ميزة وراء نجاح المهرجان خلال السنوات الماضية ألا وهي قدرته علي استقطاب نجوم يغنون لأول مرة علي أرض المغرب وربما في الوطن العربي . بنفس المنطق شهد حفل المطرب لويس فونزي صاحب أغنية »ديسباسيتو» حضورًا كبيرًا خاصة أنه كان في يوم الختام الذي عادة مايشهد انتعاشة في شوارع الرباط لتزامنه مع العطلة الاسبوعية، علي الناحية الأخري كانت الحفلات الشعبية علي مسرح ساحة سلا كامل العدد أغلب أيام المهرجان وهومايفسر حقيقة المقاطعة التي لم تكن في الغالب سياسية بل كانت مزاجية فنية، وكأن الجمهور قرر مقاطعة الأصوات التي لا تتماشي مع مزاجه بينما انتصر لمهرجانه الموسيقي الأهم عبر الفن الشعبي الأقرب لمزاج وجمهور المغرب وربما أغلب الدول العربية. هذا تجلي في حد ذاته خلال حفل المطرب عبد العزيز ستاتي أحد أشهر نجوم الأغنية الشعبية أوما يعرف بفن »الجرة» في المغرب حيث حضر حفله علي شاطي بحر سلا ما يقرب من 80 ألف متفرج تفاعلوا ورقصوا علي الايقاعات الشعبية المغربية حتي الساعات الأولي من الصباح وسط حالة عامة تؤكد أن موازين نجح ولكن عبر الأغنية الشعبية، وهوماتكرر أيضًا في حفل مطرب الراي الشهير »الدوزي» الذي حقق حضورا كبيرا في حفله بمسرح النهضة . أيام المهرجان شهدت عدة حفلات ناجحة أيضًا منها حفل المطربة الجزائرية سعاد ماسي في مسرح محمد الخامس والذي حقق حضورا كبيرًا مقارنة بحفل ماجدة الرومي بنفس المسرح، وكذلك حققت حفلات مسرح »أبي الرقراق» المخصص للموسيقي الافريقية نجاحا كبيرًا خاصة وأن جمهوره من شريحة مختلفة تحرص علي متابعة هذا اللون الفني . الحضور المصري في دور هذا العام كان مميزًا إلي حد كبير يتصدره حفل محمد حماقي الذي تأكدت شعبيته بشكل كبير في المغرب علي غرار مشاركته في برنامج »ذا فويس»، حفل حماقي شهد حضورا غفيرا من المراهقين والشباب الذين رددوا معه أغانيه، في نفس الحفل قدمت المطربة الشعبية بوسي فقرة مميزة تعد فرصة التعارف الاولي بينها وبين جمهور المغرب ؛المفاجأة الحقيقية كانت أحمد شيبة الذي بدا الجمهور المغربي وقد حفظ اغنيته الشهيرة »اه لولعبت يازهر» عن ظهر قلب، وتفاعل الجمهور مع شيبة بشكل كبير خاصة عندما قدم فاصلا من أغاني أحمد عدوية الساكن في وجدان المغاربة منذ زمن بعيد .المشهد الأكثر اثارة للجدل في موازين كان بطولة النجمة الاماراتية أحلام التي وضعت كل المطربين في مأزق حقيقي عندما أعلنت تبرعها بأجرها تضامنا مع المقاطعة ؛ فاعتذرت نانسي عجرم عن المؤتمر الصحفي بسبب خوفها من توجيه اسئلة لها حول موقف أحلام، وكذلك فعل صابر الرباعي الذي اكدت مصادر مقربة منه استياءه الكبير من موقف احلام الذي كان من الأفضل إعلانه عقب انتهاء المهرجان ..تصرف أحلام الذي لم يخرج عن كونه »شودعائي» لها وضع ادارة المهرجان في حرج، كيف تغني فنانة في مهرجان تعترف ان هناك حملة ضده؟! ولكن الفنانة التي تبرعت بأجرها احضرت معها فرقة ضخمة مكونة من 75 عازفا ومعهم عشرة مساعدين لها في زفة أسطورية كعادتها . انتهي مهرجان موازين والحقيقة الوحيدة الأكيدة أن المقاطعة لم تنجح، وأن غياب الجمهور عن بعض الحفلات كان مقياسا حقيقيًا لشعبية صاحب الحفل، وأيضًا الحضور الكبير في حفلات اخري كان شهادة نجاح لصاحبه، ولكن ظلت الأغنية الشعبية هي الحصان الرابح دائمًا وكأن الجمهور العربي والمغربي ينتصر للأغنية الشعبية أينما كانت، وهذه في حد ذاتها علامة استفهام تحتاج للبحث والدراسة.