"دماء أبوللو". زين عبد الهادي "دماء أبوللو" هي العمل الروائي الرابع للأكاديمي البورسعيدي د0 زين عبد الهادي وكيل آداب حلوان، وذلك بعد رواياته الثلاث: "المواسم" ، "التساهيل في نزع الهلاليل" و "مرح الفئران"0 وقد صدرت "دماء أبوللو" في طبعتها الأولي عن دار "ميريت" للنشر عام 2007م في مئتين وعشر صفحات، وقد قسمها مؤلفها إلي ثلاثة مقاطع كبيرة، الأول بعنوان: "عصر الجينات"، وفيه يتناول السارد مرحلة التكوين والنشأة حيث المولد في مدينة بورسعيد، والمقطع الثاني، بعنوان: "خيار هرقل"، حيث سيرة الراوي في المدينة بعد عدوان 67 وأحداث الهجرة والشتات، أما المقطع الثالث والأخير فكان أشبه بفصل من التوقف والتأمل والمراجعة، ومحاولة البحث عن إجابات لأسئلة كثيرة واكبت السيرة الذاتية في مرحلة الطفولة والصبا00 أسئلة لم تكن الذات قادرة في تلك الفترة علي تفسيرها أو الإجابة عنها0 يمهد المؤلف لروايته بمفتتح يقول فيه: "الأسطورة كالماء00 هي كل شيء"، والأسطورة التي يعنيها هي أسطورة "أبوللو" إله النور والجمال عند اليونان (الإغريق) القدماء، وعلي ضوء مضمون الأسطورة من ناحية ومنطلقات الراوي من ناحية أخري، نستطيع القول بأنه مفتتح غني الدلالة، مكتنز المعاني والإيحاءات0 إن المفتتح يشير إلي جذور الراوي وظروف مولده علي حافة الماء عند بحيرة المنزلة أثناء هجرة 56، ويشير إلي بورسعيد بنت البحر والقناة، مهوي فؤاده، وينبوع ذكرياته، بورسعيد التي شكلت الأساطير جزءا كبيرا من وجدانها الشعبي وخيالها الأدبي، حيث عاشت الآلهة والجنيات علي شواطئها منذ القدم، من الفرما في أقصي الشمال الغربي وحتي التنيس في أقصي الجنوب الغربي0 إن أسطورة "أبوللو" المجنح، الملهم، كانت بالفعل مدخل الرواية ومرتكزها الروائي والفني. لقد سرت روح: أسطورة أبوللو "في نسغ بناء الرواية وعبر طبقاته ومكوناته وشخوصه، خاصة شخصية الراوي، فأبوللو أول من تفتحت عليه عين ووعي الراوي منذ أن حكا عنه _ له ولزملائه _ الأستاذ عوض الحارتي مدرس التاريخ بالمدرسة الابتدائية0 ومنذ ذلك الحين هام الراوي بالأسطورة حبا وألهبت خياله الطفولي، كما تعلق بها وجدانيا وإنسانيا، فعاش طفولته الأولي بها، ورأي مدينته بعيون أبوللو وصارت الأسطورة محور اهتمامه وحديثه مع أهله وأصدقائه جميعا حتي ضاق الكثير منهم بإقحامه لأبوللو في كل شأن وأمر0 تدور أحداث الرواية في مدينة بورسعيد وعلي شواطئها، خاصة في منطقة المساكن الشعبية الواقعة غرب المدينة التي تضم سبع مجموعات سكنية (المنطقة من الأولي إلي السابعة) وكلها قريبة من الشاطئ وبعض أحداث الرواية تقع في بيئة ريفية أثناء الهجرة وهي قليلة. 3-الجنس الروائي: تنمي الرواية لنوع من روايات السيرة الذاتية ويسمي "رواية التكوين"، وهي الرواية التي تصور التحولات العاطفية والنفسية والفكرية التي تنتهي ببطل شاب قد صقلته أحداث الحياة. »المستبقي« لحسين عبدالرحيم وهي الرواية الثالثة للمؤلف والتي يتمم بها ثلاثية روائية حول مدينته بورسعيد، وكانت الأولي "عربة تجرها خيول" عام 2000م، والثانية "ساحل للرياح" عام 2004م، وقد صدرتا عن الهيئة العامة للكتاب، وأما الثالثة "المستبقي"، فقد صدرت عن "ميريت" أوائل عام 2007م0 وتبدأ بتقديم الراوي لنفسه، فهو "محمود طلخان"، البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاما، يقطن بحي المعادي بالقاهرة، يعمل معاونا إداريا بمستشفي "أحمد ماهر" التخصصي، وهو من مواليد بورسعيد، لكن ظروف عمله تضطره للعمل والإقامة في القاهرة منذ الثمانينيات تقريبا0 ويبدأ الراوي الفصول الأولي بطرف من سيرته الذاتية، مركزا علي طبيعة عمله ومشاكل المستشفي الذي يعمل به، ويعرض لمظاهر الفساد والتسيب التي تجري بداخلها واصطدامه - بسبب ذلك - بإدراه المستشفي، وينقل الراوي ذلك بعين خبيرة مدربة، وفي أثناء ذلك يزيد قلق الراوي مكالمتان هاتفيتان تأتيانه، إحداهما من شرطة المسطحات المائية بالقاهرة، والأخري من بورسعيد، حيث يستدعيه إبراهيم أبو حجة ويستحثه علي الحضور، وكلتا المكالمتين تتعلقان بقضية اختفاء الأب "محمود طلخان" الكبير، وظروف مصرعه، واختلاف الأقاويل في موته، وهل مات منتحرا، أم مقتولا؟ وهي المسألة التي تشغل بال الابن (الراوي) وتؤرقه ليل نهار0 ويترك الراوي هذا الخيط ليتذكر صفحة من حياته في بورسعيد، ومع ذكريات شباب منطقته في حي العرب وعن السهر والتجوال في مقاهي بورسعيد وشوارعها، ثم يعود كرة أخري ليتناول شيئا من سيرة "المستبقي"، الأب، محمود طلخان الكبير، مسترجعا أحداثا مهمَّة جرت في 56 و 67 وما أعقبهما من تهجير، ثم يأتي السرد بعد ذلك بأصوات الآخرين من المعارف والأصدقاء عن ذكريات قريبة وأخري بعيدة، تتعلق بشخوص الأصوات الساردة وعلاقاتهم بالراوي0 بعدها تتوقف الأصوات عن السرد، ليأخذ بزمامه الراوي ساردًا عن قضية المعلم "ضاحي رشوان" عضو مجلس الأمة والقبض عليه بتهمة الاتجار في المخدرات، وذلك علي مدار فصلين، يعود الراوي بعدها ليسرد عن الصغيرة الأمل "ريم"، ثم الفصل الخامس والعشرين بصوت "عبده فلاش" أحد أصدقاء الراوي، ممهدا للفصل الأخير الذي تعود فيه قضية الأب بقوة ليرجح الراوي ما قيل عن القبض علي الأب في مظاهرات يناير 1977 وتعرضه للتعذيب علي يد "أمن الدولة"، ثم التخلص منه بالقتل0 ويلمح الراوي إلي تورط صديقه إبراهيم أبو حجة في المسألة ومعرفته بكل التفاصيل، ويسوق في ذلك إشارات وتلميحات، وينهي الفصل الأخير بمشهد انتحار إبراهيم ويبدو هذا القتل (الروائي) وكأنه انتقام لمقتل الأب خضوعا لأحد الأقوال المزعومة الكثيرة التي قيلت في موته. 2- صور المدينة في الرواية: تجلت المدينة في الرواية علي ثلاث صور: 1-المدينة الحلم 2-المدينة (الحرة) 3-بورسعيد 1956م أخيرا: هذه التجربة الروائية: وفيها يترك المؤلف عالمه الأثير في روايتيه "عربة تجرها خيول" و "ساحل للرياح" ويهبط من عوالم الخيال والفنتازيا إلي أرض الواقع الخشن ، ملتحما به وبشخوصه، وينعكس ذلك علي تجربته اللغوية، حيث الانتقال من أجواء الحكي العربي القديم وروح هذا الحكي، إلي التعامل باللغة في مستواها الحيادي، سواء أكانت عامية أم فصحي0 "حي الإفرنج" لسامح الجباس وهي الرواية الأولي للمؤلف، وقد أصدرها عن دار العين للنشر بالقاهرة عام 2007، وذلك بعد مجموعته القصصية "المواطن المثالي" عام 2006م0 والرواية مؤلفة من قسمين: الأول: بعنوان "المدينة" والآخر بعنوان "الناس"0 وبصفة عامة، فالرواية تري المدينة بعيون أجيال أخري جديدة، أجيال ما بعد المنطقة الحرة، وهي تري رؤية واقعية مجردة متجاوزة الكثير من التناولات والرؤي السابقة للمدينة روائيا0 إن الراوي يسرد عن بورسعيد التي عاشها هو وليست التي عاشها مثلا أبوه أو جده0 فبورسعيد تلك لم يرها ولم يعشها، وبالتالي هو معني ومهموم ببورسعيد التي يحياها بمشاكلها وأزماتها وتعقيداتها، وبوجه الخصوص منذ أن صارت منطقة حرة واختلط فيها الحابل بالنابل0 يتم تناول المدينة في الرواية من خلال شريحة سكانية تقطن حي الإفرنج، وهي شريحة متنوعة الأصول والجذور، مختلفة الروي، متباينة المصائر، وإن جمعهم تطلع وطموح واحد، وهو التمايز الاجتماعي والانتساب سكنيا لحي الإفرنج0 وتقع جل أحداث الرواية في حي العرب حيث تسكنه شرائح من الطبقة المتوسطة والفقيرة0