في حياة كل مبدع نص أو نصوص أولي ،لم يطلع عليها احد ،وابتداء من هذا العدد تنشر أخبار الأدب لقاءات مع المبدعين حول كتباتهم الأولي ،بالتناوب مع المكتبة. أول نصوص كتبها الشاعر عبد المنعم رمضان لم تكن شعرا، ولا نثرا، وإنما كانت قواميس يعدها عن لاعبي الكرة. الكتب لم تكن تدخل بيتهم. والطفل عبد المنعم متعلق بكرة القدم. كان يلصق صورة اللاعب ويكتب تحتها تعريفا به. بحكم الثقافة الإسلامية للبيت كانت الخطوة الثانية في مشوار الكتابة هي إعداد دائرة معارف إسلامية، حرف الألف يكتب فيه مادة "أبو بكر"، وحرف العين يكتب فيه مواد "عمر" و"عثمان" و"علي" علي سبيل المثال. أما في الإعدادية فقد كتب عبد المنعم رمضان رواية. لا يذكر اسمها، ولكنها كانت عن بنت أحبها اسمها "هانم". كانا يجلسان معا ويتخيلان سويا أنهما زوجان، ولكنه لم ير من جسدها سوي قدميها التي تحوي كل منهما ستة أصابع، أما الجسد الأنثوي الكامل فلم يعرفه غير من فتاة أخري، هذه التفاصيل كلها أوردها عبد المنعم في روايته المهداة إلي "هانم ذات الأصابع الستة". لم يقرأ أحد هذه الرواية. كتاباته كانت سرية في هذه المرحلة، كتبها سرا في الوقت الذي كان يفترض أن يستذكر دروسه فيه. في المرحلة الثانوية بدأ عبد المنعم تردده علي مكتبة المدرسة. واستعار ديواني المازني وابن خفاجة الأندلسي. لم يفهم الكثير من شعر ابن خفاجة ولكنه استعان به لجمع قائمة من الكلمات المكتوبة علي نفس القافية، وهذا ساعده في كتابة الشعر في تلك الفترة. لا يتذكر الكثير مما كان ينظمه، يتذكر فقط بيتا أو بيتا ونصف: "في عينك الخضراء أنكرها، بيارة الملح/ أغفو علي غصني وأذكرها"، يضحك ويقول : لا أذكر بقية البيت، ولكنه كان ينتهي بحرف الحاء بالتأكيد. المرأة بعد أن كانت ملهما في الرواية أصبحت ملهما في الشعر. وفي هذه المرحلة كان عبد المنعم يستوحي قصائده من قصائد نزار قباني التي يكتبها لنجاة الصغيرة: "هذا فتح علاقتي بنزار قباني الذي لا أزال أحبه حتي الآن." أعطي رمضان بعضا من هذه القصائد للشاعر عبد المعطي حجازي وقتها، وكان يعمل في روز اليوسف، فكتب عنه مقالا، قال فيه: "عبد المنعم رمضان أحمد حسن الذي سوف أضطر لاختصار اسمه إلي عبد المنعم رمضان." وفي الأسبوع التالي قام عبد المنعم بزيارة حجازي في روز اليوسف والتقي عنده بالفنان جورج بهجوري لأول مرة. أشار البهجوري إلي عبد المنعم وسأل حجازي: هذا هو الشاعر الذي اختزلت اسمه؟ أما والد عبد المنعم رمضان فقد غضب من ابنه عندما قرأ مقال حجازي ولم يجد اسم العائلة "عبيد" في المقال. وهذا كان له تأثير فيما بعد، القصائد الأولي التي نشرها رمضان في جرائد البيان الكويتية والطليعة الأدبية والثقافة العراقيتين، كانت موقعة باسم "عبد المنعم رمضان عبيد." في البداية كان الأهل يفرحون بنشر القصائد، ولكن الآثار السلبية بدأت تظهر بعد هذا، ومنها ابتعاد ابنهم الصغير عن الدين والصوم والصلاة، كما لم يعد يدخل امتحاناته الدراسية.