تحديث أسعار الدواجن اليوم.. تعرف على أسعار البيض والكتاكيت اليوم    قطع مياه الشرب 8 ساعات عن بعض المناطق بأسوان    الخارجية الأمريكية: بلينكن يتوجه إلى مصر وإسرائيل وقطر والأردن الأسبوع المقبل    باريس تسلم كييف طائرات ميراج المقاتلة.. زيلينسكى أمام البرلمان الفرنسى: أوروبا لا تنعم بالسلام.. وروسيا تتهم ماكرون بتأجيج التوترات    منتخب مصر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة غينيا بيساو    ضبط 1010 طربة حشيش و35 كيلو هروين بالبحيرة    «السياحة» تعلن الانتهاء من رقمنة 78 متحفاً وموقعاً أثرياً    فحص 1099 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    ظهور مميز للراحل جميل برسوم في فيلم أهل الكهف (فيديو)    القاهرة الإخبارية: آليات الاحتلال تحاصر القرية السويدية واشتباكات برفح الفلسطينية    الإفتاء تكشف فضل يوم النحر ولماذا سمي بيوم الحج الأكبر    جهود وزيرة التضامن في أسبوع، تنمية الأسرة والحد من الزيادة السكانية أبرزها (إنفوجراف)    مصرع شخصين أثناء التنقيب عن آثار في البحيرة    محافظ كفرالشيخ يتابع جهود الزراعة للمحاصيل الصيفية وندوات توعوية للمزارعين    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    د.أيمن عاشور: سنقوم لأول مرة بمتابعة الخريجين لمعرفة مدى حاجة سوق العمل لكل تخصص    تعديلات قانون الإيجار القديم 2024 للشقق السكنية والمحلات    أحكام الأضحية.. ما هي مستحبات الذبح؟    مصرع طفل صعقًا بالكهرباء داخل محل في المنيا    مسؤول حماية مدنية فى السويس يقدم نصائح لتجنب حرائق الطقس شديد الحرارة    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    بالأسماء.. إصابة 17 شخصًا في حادث تصادم بالبحيرة    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    بوتين: أوروبا عاجزة عن حماية نفسها أمام الضربات النووية على عكس روسيا والولايات المتحدة    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    استطلاع: غالبية الألمان تحولوا إلى رفض العدوان الإسرائيلي على غزة    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    أوقفوا الانتساب الموجه    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    ميسي يعترف: ذهبت إلى طبيب نفسي.. ولا أحب رؤيتي    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    الزمالك يقترح إلغاء الدوري    محمد صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في ليفربول بموسم 2023-2024    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مفاجأة.. دولة عربية تعلن إجازة عيد الأضحى يومين فقط    الأوقاف تفتتح 25 مساجد.. اليوم الجمعة    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تكون الفظاظة أسلوباً للحياة
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 03 - 2013


ماذا حدث للمصريين؟
إنه السؤال الدائم الذى لم أجد له إجابة إلى الآن.
لا شك أن الكل يلاحظ فى أى درك نتدنى، وإلى أى مدى وصلنا بكل أطيافنا، وأنا أقولها، وأعنيها، كل الأطياف تشترك بدرجات متفاوتة فى أصل المشكلة، المشكلة الأخلاقية. ولست أعنى هنا فقط البلطجة، والتخريب، والتحرش الذى صارت تنضح به شوارعنا، وفعاليات ما ينسب زورا وبهتانا للثورة فهذه أمور قتلت بحثا، وكتبت عنها مرارا، وسأكتب بإذن الله طالما ظلت قائمة. لكننى أتحدث هنا عن أخلاق المصرى، وأكرر التساؤل الذى أخشى أن يظل معلقا إلى الأبد منذ أن أطلقه الأستاذ جلال أمين فى كتابه المعنون بهذا السؤال: ماذا حدث للمصريين؟ لماذا صارت الفظاظة هى الأصل فى الناس إلا من رحم الله؟
أين ذهب الأدب، والذوق، والكياسة، واللياقة، واللباقة، ولين الجانب، والمجاملة اللطيفة، والكلمة الطيبة، والبسمة المشرقة، وحسن الظن، وسائر تلك المعانى «التاريخية»؟!
هل ذهب كل ذلك أدراج الرياح، وجعله الصراع السياسى، والتحزب، والاستقطاب هباء منثورا تذروه عواصف الكراهية، والغل التى تؤجج فى كل لحظة؟ نعم هناك مشكلة حقيقية.. مشكلة أخلاقية.
كلنا يلحظ هذا فيمن حوله، بل أحيانا فى نفسه، وأقرب الناس إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
البعض يربط ذلك التغير الأخلاقى بالثورة، وما يصحب الثورات دوما من تبدلات جذرية فى تفكير، وطبائع الشعوب التى تتعرض لتلك اللحظات الفارقة.
والبعض يربطها بالانفتاح الإعلامى الرهيب، وعاصفة المكلمات الليلية التى تتحول كثيرا إلى ما يشبه حلبات مصارعة، ترسخ تلك الحالة العنيفة لدى الوجدان المصرى، الذى يتابعها كل ليلة بشغف، والبعض يحيلها لحالة الاحتقان، والاستقطاب الناشئ عن المنافسة السياسية التى تعد إلى حد كبير جديدة ومستحدثة على شعب تعود أن هناك من يضع صوته بالنيابة عنه، ويزور إرادته عنوة وقهرا، ويرى البعض أن الظروف الاقتصادية الطاحنة تلعب دورا، بينما يفسر ذلك آخرون بحالة التضخم التواصلى عبر شبكة الإنترنت، وأنا أعتقد أن كل ذلك مجتمعا قد أزال غباراً عن أشياء كامنة، فبرزت إلى السطح لكنه لم يستحدثها من العدم. يبدو أن هذه الآفات كانت موجودة بالفعل فى الأعماق، وكانت فقط تنتظر ما يحفزها للظهور وقد وجدته.. شبكات التواصل الاجتماعى على سبيل المثال لعبت دوراً كبيراً فى تلك المشكلة، إن مجرد إحساس المرء بقدرته على السباب، والإهانة من خلف لوحة المفاتيح يعطيه نوعاً من الشجاعة الكاذبة، واللذة الخفية، والإحساس بنصر زائف، ورخيص، وإنى لأعلم أناسا فى غاية الخجل، وربما الانطواء خارج ال«فيس بوك» و«تويتر»، بينما تجدهم على هذه الشبكات فرسان البذاءة، وإن كانت البذاءة ليس لها فرسان. إنها شجاعة من خلف الشاشات، واحتماء بالكيبورد، وأخلاق ضباع تنضح بالخسة والنذالة، ثم بدأت تلك الشجاعة، وإن شئت فسمها الوقاحة، تتخذ منحنى جديدا، فمع كثرة الاحتكاك، والتعامل مع الفظاظة، وسوء الأدب بدأ البعض يفقدون قدرتهم على التفريق بين الواقع الافتراضى، والواقع الحقيقى، وامتدت الوقاحة، والفظاظة لتصير بالتدريج سمة فى مجتمعاتنا، وشوارعنا، ومنتدياتنا العامة، والخاصة.. صارت الآداب والأخلاقيات التى نشأنا عليها لدى الكثيرين ضعفا، وقلة حيلة. صحيح أن كثيرا من المصريين لا علاقة لهم بمواقع التواصل الاجتماعى، وربما لا علاقة لهم بالإنترنت نفسه، لكن نسبة لا بأس بها تكفى لتتأثر بهذه الطبائع الجديدة، نسبة حرجة طبيعتها الشبابية تجعلها قادرة على التأثير فيمن حولها ممن لم يباشر بنفسه تلك الوسائل الحديثة، لكن ريحها قد تسرب إلى أنفه، وعقله من خلال التعامل مع من يباشرونها.
المشكلة أن الحياة الحقيقية ليس فيها حظر أو ما يعرف ب«البلوك»، وهو الوسيلة التى يتعامل بها رواد تلك المواقع مع من يضايقونهم ويؤذونهم بألفاظهم وفظاظتهم!
فى الحياة الواقعية سنظل نعيش معا، ولابد أن نسمع لبعض وأن نتعلم كيف نتعايش، ونواجه هذا المنحنى الحاد والخطير، الذى يحتاج منا جميعا وقفة حاسمة، قبل أن نجد حياتنا وقد تحولت إلى صفحة «فيس بوك» بذيئة، وتصير الفظاظة أسلوبا للحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.