المرض النفسى مثل أى مرض عضوى، يمكن أن يصيب أى فرد، لكن فى أحيان كثيرة قد يكون فى بيتنا مريض نفسى ولا ندرى، حتى يتحول إلى مرض مزمن يؤثر على حياة المريض ومن حوله ويحولها إلى جحيم، ومن خلال هذا الباب "فى العيادة النفسية"، سنتعرف على العديد من الأمراض النفسية المنتشرة فى مجتمعنا، وكيفية التعرف عليها واكتشافها مبكرا وعلاجها. "الفوبيا"، أو الرهاب كما يطلق عليه بالعربية، وهو خوف مستمر من شىء يعتبر غير مؤذٍ ويتبع هذا الخوف رغبة عارمة بتجنب ذلك الشىء. وأنواعه عديدة ومنها رهاب الأماكن المفتوحة الذى سنتناوله بالحديث اليوم، ويمكن تعريفه بأنه خوف المصاب من التواجد بمفرده فى مكان ما، كمركز تسوق، أو أى مكان عام. وأعراض هذا المرض تتمثل فى: - خوف غير مبرر من شىء. - تتملك المصاب فكرة ملحة بتجنب ما يخاف منه ويفعل المستحيل فى سبيل تحقيق ذلك. - فشل المريض بالقيام بمهامه اليومية الاعتيادية بسبب الخوف. - الإصابة بأعراض الهلع عند مواجهة المريض ما يخاف منه. ترجع العديد من الدراسات التى أجريت على هذا المرض أسبابه إلى أن هناك ارتباطا قويا بين هذا المرض ونشأة الطفل. كما أن الخلل فى كيمياء المخ وعوامل الوراثة والتعرض لصدمة نفسية قد تكون من أسباب الإصابة. وهذا المرض إذا ترك دون علاج قد يؤدى إلى العزلة الاجتماعية للمريض مما يدمر حياته الخاصة والمهنية. كما يؤدى إلى الإصابة بالاكتئاب. ويصف الدكتور طارق عكاشة أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إحدى الحالات قائلا جاءت إلى العيادة سيدة تبلغ من العمر 28 عاماً ولها توأمان سيدخلان المدرسة خلال شهور، وهى حبيسة المنزل ولا تستطيع التسوق أو الخروج بمفردها. ولكن تفجرت الأزمة مع دخول الأطفال إلى المدارس وبدأت الخلافات بينها وبين زوجها، على من سيقل الطفلين للمدرسة وبدأ الزوج يفقد أعصابه ويوجه لزوجته إهانات شديدة حولت حياتها إلى جحيم. وبالطبع معظم الأزواج فى مصر يفضلون عدم خروج زوجاتهم....!!! ولكن عندما تأزمت الحالة والزوج مشغول فى عمله وأصبحت زوجته غير قادرة على الإتيان بأعبائها خارج المنزل أصبح ذلك يشكل بالنسبة له عبئا كبيرا. وإذا ضغط عليها للخروج تصاب الزوجة بالدوخة وتتسارع ضربات قلبها، وسرعة فى التنفس وتنميل فى الجسد وإحساس بالإغماء مما يجعلها تعود ثانية إلى المنزل. وكان كل المحيطين بها يعتقدون أن هذا نوع من الدلع وعدم القدرة على تحمل المسئولية. ولكن عندما شخصت الحالة بأنها "رهاب الساحة" (الخوف من الأماكن المفتوحة)، وشرحت للزوج أنه مرض نفسى يتواكب معه القلق والخوف ويقال عنه باللغة الإنجليزية House Bound أى حبيسة المنزل، شعرت الزوجة براحة كبيرة لهذا التفسير والتوصل لأسباب المشكلة. وفى البلاد الغربية، حيث يعمل كل من المرأة والرجل ولا يوجد أحد يساعد بالمنزل يعتبر من أخطر وأشد الأمراض النفسية التى تؤدى إلى شلل حياة المرأة. وتتراوح نسبة الإصابة بهذا المرض إلى حوالى 4- 8% من مجموع أى شعب ونسبته فى السيدات أكثر من الرجال. والعلاج الأساسى لمثل هذه الحالة يعتمد على العلاج السلوكى عن طريق التحصين البطىء، حيث يبدأ خروج المريض بصحبة شخص آخر فى مكان غير متسع عدة مرات، ثم فى مكان أوسع عدة مرات أخرى، ثم يبدأ المريض الخروج تدريجياً بمفرده فى أماكن محددة، ويتدرج حتى الخروج فى الأماكن المفتوحة. ونساعد المريض أحيانا بعقار مهدئ وأحيانا بدون أى عقاقير. أما العلاج الدوائى للتحكم فى الأعراض النفسية والجسدية بواسطة مضادات القلق والاكتئاب، فله تأثيره الواضح والذى يضمن عودة المريضة إلى حياتها الطبيعية بشكل أسرع.