اضطرت الشركات الأجنبية العاملة فى مصر إلى تقليص نفقاتها، ووقف خطط التنمية الجديدة مما أدى إلى تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعى، بسبب تراكم مديونية الهيئة العامة للبترول للشركات الأجنبية، حيث تواجه مصر حاليا أزمة كبيرة أفقدتها القدرة على الوفاء بالالتزامات نحو عقود الغاز المبرمة. ومن المتوقع وجود فجوة فى حجم الكهرباء المولدة من المحطات والاستهلاك المحلى خلال الصيف المقبل والتى من المقرر أن تتجاوز حاجز 3.5 ألف ميجاوات. وكانت وزارة البترول قد أعدت خطة خمسية للأعوام 2012-2017 لإمداد محطات إنتاج الكهرباء باحتياجاتها من الطاقة على أساس معدل زيادة سنوية فى استهلاك هذه المحطات من الغاز قدرها 6%، وقد ثبت عدم وجود إمكانية الوفاء بالزيادة المطلوبة فى احتياجات محطات إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعى لمواجهة الزيادة فى أحمالها بنسبة 10.3%، خلال صيف 2012، عما كانت فيما تقدر وزارة الكهرباء زيادة الطلب على الكهرباء ب10.3% سنويا. وتواجه فكرة لجوء قطاع البترول إلى الاقتراض الخارجى لسداد مديونيات الشريك الأجنبى، انتقادات كبيرة، وكما تزايدت فى الفترة الأخيرة حالة من الجدل حول مستقبل الإنتاج والاستهلاك المصرى من الغاز الطبيعى، والآثار المحتملة لما يمكن أن يسمى بأزمة الطاقة المستقبلية على مجمل الاقتصاد المصرى مستقبلا، وفى الوقت الذى يتساءل فيه البعض عن طبيعة كميات التصدير، وعما إذا كانت عمليات تصدير الغاز قائمة كما يؤكدها وزير البترول، رغم تأكيدات المسئولين بالشركة القابضة للغازات والذين يؤكدون وقف التصدير إلى الأردن منذ أسبوع نتيجة لتراجع عمليات الإنتاج، وارتفاع حجم الاستهلاك بالسوق المحلى ومحطات الكهرباء. وقال المهندس محمد شعيب الرئيس السابق للشركة القابضة للغاز (إيجاس) إن الحل الأمثل لمشكلة نقص الطاقة فى مصر هو الاتجاه للاستيراد الغاز الطبيعى، خاصة وأنه يعد الوقود الأرخص، مقارنة باستيراد المازوت والذى يصل سعر استيراد المليون وحدة حرارية بريطانية ب18 دولار، بالإضافة إلى أن اللوجستيات فى مصر لا تتحمل استيراد كميات إضافية منه. وأكد شعيب أن تراجع إنتاج الغاز هو وضع طبيعى، حيث إنه من الطبيعى إذا انخفضت عمليات التنمية ينخفض معها الإنتاج، لافتا إلى تأخر تنفيذ العديد من المشروعات نتيجة لتراكم مديونيات قطاع البترول المتراكمة، مع تباطؤ فى الاستثمار فمن المؤكد أن يؤثر على حجم الإنتاج وتقل معدلات إنتاج الغاز عن العام الماضى. فيما انتقد الخبير النفطى المهندس، مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق، لجوء قطاع البترول إلى الاقتراض الخارجية لسداد مديونيات الشريك الأجنبى بعد وقف العديد من الشركات تنفيذ مشروعات التنمية فى ظل تراكم مديونياتها لدى قطاع البترول، والتى نتج عنها تراجع كبير فى معدلات إنتاج الغاز الطبيعى، وأفقد القطاع قدرته على الوفاء بعقوده. وقال يوسف إن البنوك المحلية ترفض تمويل مشروعات البتروكيماويات والتى تعتمد على الغاز الطبيعى، كما أنها تخشى فكرة تمويل مشاريع استكشاف الغاز والبترول، حيث تعتبرها من المشروعات المحفوفة بالمخاطر ويصعب على البنوك العاملة فى السوق المشاركة فيها. وصرح مصدر بوزارة البترول أن بنود التعاقد فى عقود تصدير الغاز لم تكن بالمرونة الكافية لاستيعاب التطور الكبير فى الأسواق العالمية للطاقة بل كانت فى معظمها جامدة نسبيا لا تسمح بالتغيير حيث إنه لم يكن من المتوقع حدوث ذلك التطور الهائل فى الأسواق العالمية، ونتيجة ذلك نشأت عدة خلافات بين الدول المصدرة والمستوردة . وكان خطاب موجه من الشركة القابضة للغازات "إيجاس" وجه إلى شركات توصيل الغاز الطبيعى قال إن عوامل خارجة عن إرادتنا مثل حالة عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى المستمرة، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الناجمة عنها، أدت إلى صعوبات تشغيلية وانخفاض حاد غير متوقع فى الغاز الطبيعى المتاح".