كان صوت الزغاريد يتصاعد من ميكروفون المسجد.. كان العريس يضع يده فى يد والد العروس والمأذون يقول وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان.. كان صوت صابر ينطق بالفرح وهو يقول وأنا قبلت زواجها.. وقف الجميع وبدأت المباركات والتبريكات واصطف الحضور يقبلون العريس ويهنئون والد العروس. بصوت جهورى ملأ أرجاء القاعة نادى حاجب المحكمة على الأسماء.. وقف صابر أمام القاضى.. كان محامى الزوجة يطالب بضم الأولاد لحضانة أمهم حسب القانون الجديد والزوج يعترض لأن سن أولاده تجاوز سن حضانة أمهم.. تنحنح القاضى وهو يقول أولادك يا صابر فى سن حضانة النساء حسب القانون. اتسعت عينا صابر وهو يقول "قانون إيه يا سعادة البيه..؟؟ قانون الأسرة يا سيد صابر.. أنت ماتعرفوش..؟؟!! أنا ما ليش دعوة بقانون الأسرة يا سعادة الباشا..!! أنت انهبلت يا صابر أمال لك دعوة بإيه..؟؟!!" كانت علامات الغضب تكسو وجه صابر وهو يقول "أنا ليا دعوة بأبو حنيفة".. قال القاضى أبو حنيفة "مين يا راجل أنت..؟؟" الإمام أبو حنيفة النعمان يا سعادة البيه..!! نظر القاضى له بدهشة وهو يقول وإيه دخل الإمام أبو حنيفة بموضوعنا..؟؟ إزاى يا سعادة البيه إحنا اتجوزنا على مذهبه..!! إحنا مالناش دعوة بأبو حنيفة يا صابر إحنا لنا دعوة بقانون الأسرة اللى عمله علماء الأزهر". كاد عقل صابر أن ينفجر من الصداع الذى أمسك برأسه.. تحامل على نفسه وعلامات الألم تبدو واضحة على ملامح وجهه وهو يقول الزواج عقد "يا سعادة البيه وأنا متجوز على مذهب الإمام أبو حنيفة ماتجوزتش على مذهب قانون الأسرة ولا على مذهب مجلس علماء الأزهر". والعقد شريعة المتعاقدين..!! كاد القاضى أن يقول له الكلام ده تقوله فى المحكمة ولكنه تدارك الأمر قبل أن ينطق بها.. فقد تذكر أنه القاضى وأنهم فى المحكمة. كانت عينا القاضى تتحاشى النظر لعينى صابر وهو يقول.. حكمت المحكمة برفض ضم الأولاد لحضانة الأب وذلك استناداً لقانون الأسرة وإلزامه بدفع المصروفات وأتعاب المحاماة. كانت الزغاريد تملأ المكان وصابر يضع يده فى يد والد العروس والمأذون يقول وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان..لم يشعر صابر بنفسه إلا وهو يزيح المنديل بعصبية ويترك يد والد العروس وهو يقول.. لأ..!! اتسعت عينا الشيخ وهو يقول: "لأ إيه يا أستاذ..؟؟!! يعنى لازم يا عم الشيخ أبو حنيفة..؟؟ ما كله محصل بعضه..؟؟ رد الشيخ بضيق وهو ينظر إليه نظرة حانقة.. هو ده اللى إحنا متعودين عليه وطول عمرنا بنجوز الناس كده..!! يعنى الموضوع فنجرة بق.. طيب أنا مش عايز أتجوز على مذهب الإمام أبو حنيفة.. بعيون متسعة وصوت غاضب قال له.. أمال عايز تتجوز على مذهب مين..؟؟!! ماتفرقش يا عم الشيخ.. ماتفرقش إزاى قالها والد العروس..!!" نظر إليه صابر وهو يقول: "بقولك إيه يا حاج خليك بره الموضوع ده". تجمع الناس حولهم وتعالى صوت اللغط.. قال عم العروس هو فيه إيه بالظبط ياصابر فهمنا إيه العبارة..!!؟؟ أنت عاوز تبوظ الجوازة ولا إيه..؟؟!! قطع الحديث صوت المأذون خلصنا يا أستاذ واريا فرح تانى.. أنا مش فاضى.. عاوز تتجوز على مذهب مين..!! تنحنح صابر وسعل وهو يقول.. أنا عاوز أتجوز على مذهب..؟؟ على مذهب..؟؟ بصوت خافت متردد قال.. أنا عاوز أتجوز على مذهب أم حسين. كانت هذه الكلمات آخر ما سمع فى هذا العرس فقد قامت معركة حامية الوطيس بدأت بتشابك بين أولاد عم العروس وأبناء خالة العريس. جلس صابر يتناول كوب الشربات فى انتظار حضور المأذون لعرس إحدى بنات زميل له من زملاء العمل.. كانت أصوات الزغاريد عالية والمأذون يقول وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان.. وقبل أن يرد العريس تفاجأ الجميع برجل يشتعل رأسه شيباً وهو يقهقه ضاحكاً بهيستريا كمن فقد عقله وهو يضرب كفاً بكف.. أبو حنيفة.. أبو حنيفة.. ويعاود القهقهة.. طيب ماتخليها على مذهب أم علاء ولا أم جمال.. ولا أقولك خليها على مذهب أم حسين..!!