محكمة جنايات أمن الدولة العليا (طوارئ) مذكرة بدفاع السيد/ هانى نظير عزيز بصفته: متظلم ضد وزير الداخلية بصفته : متظلم ضده فى التظلم من قرار الاعتقال الجنائى المقيد تحت رقم 423 لسنة 2009 والمحدد لنظره جلسة يوم السبت الموافق 7/2/2009 الوقائع: بتاريخ 3/10/2008 قام المواطن "هانى نظير عزيز" بتسليم نفسه الى قسم شرطة نجع حمادى، رغم عدم ارتكابه أى فعل مؤثم قانونا، إنما كان فعله هذا حتى يتم الإفراج عن أخويه الذين تم القبض عليهما دون مبرر أو سبب قانونى واحتجازهما فى قسم شرطة نجع حمادى. وحيث أن المتظلم لم يرتكب ثمة فعل يعاقب عليه القانون، فلم توجه إليه ثمة اتهام، ولم تحرك ضده ثمة دعاوى جنائية، وما كان من أتباع المتظلم ضده سوى، إصدار قرار باعتقاله، اعتقال جنائى، وهو ما تبين عندما قام وكيل المتظلم بتقديم أكثر من تظم تم رفضه لأن المتظلم قد صدر ضده قرار اعتقال جنائى وليس سياسى. وقد تقدمنا بتظلم آخر من قرار الاعتقال قيد برقم 2516 لسنة 2008، وتحدد لنظر التظلم جلسة 23/11/2008 أمام محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ"، وقد قضت المحكمة بقبول التظلم، والإفراج عن المدون هانى نظير عزيز، وحيث أنه وفقا لقانون الطوارئ يحق للجهة الإدارية الاعتراض على قرار المحكمة بالإفراج ومن ثم يعرض أمر المعتقل مرة أخرى أمام دائرة قضائية أخرى، وفى حالة ما إذا قضت المحكمة بتأييد قرار الإفراج يكون الإفراج عن المعتقل وجوبى وفورى. وبالفعل قام وزير الداخلية بالاعتراض على قرار الإفراج، وتحدد لنظر الاعتراض جلسة 14/12/2008 أمام دائرة قضائية أخرى، وقد قررت المحكمة قبول الاعتراض شكلا ، وفى الموضوع بتأييد قرار الإفراج. وهو ما يتعين معه وفقا لقانون الطوارئ الإفراج عنه وجوبيا، إلا أن وزارة الداخلية لم تنفذ هذا القرار بل قامت بترحيل المدون "هانى نظير عزيز" من معتقل برج العرب إلى مقر أمن الدولة ب"ميرغم" الإسكندرية، ثم الى مقر أمن الدولة بقنا ، لتصدر ضده قرارا جديداً بالاعتقال، ثم قامت بترحيله مرة أخرى إلى سجن برج العرب وكأنه لم يحدث شيئا، وبذلك تلتف وزارة الداخلية على قرارات القضاء مرة أخرى وهى طريقة تتعامل بها لتضمن بها استمرار تقييد حرية من تريد له ذلك دون التقيد بالقانون أو بأحكام قضائية. ثم أصدرت ضده قرار اعتقال آخر، وهو ما نتظلم منه أمام عدالة المحكمة. الدفاع مخالفة قرار الاعتقال لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية القرار الإدارى باعتقال السيد/ هانى نظير عزيز قد صدر بالمخالفة لقانون الطوارئ ذاته والدستور المصرى وكذلك للمواثيق الدولية التى صدقت عليها مصر واعتبرت جزء متمما للتشريع الداخلى وفقا لنص المادة 151 من الدستور المصرى. مخالفة قرار الاعتقال للحق فى الحرية الشخصية وسلامة الجسد تنص المادة 9 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على : "1 - لكل فرد الحق فى الحرية والسلامة الشخصية ، ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفى لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه . 2 - يجب إبلاغ كل من يقبض عليه بأسباب ذلك عند حدوثه كما يجب إبلاغه فورا بأية تهمة توجه إليه. 3 - يجب تقديم المقبوض عليه أو الموقوف بتهمة جزائية فورا أمام القاضى أو أى موظف أخر مخول قانونيا بممارسة صلاحيات قضائية ويكون من حق المقبوض عليه أو الموقوف أن يقدم إلى المحاكمة خلال زمن معقول أو أن يفرج عنه، ولا يكون إيقاف الأشخاص رهن المحاكمة تحت الحراسة قاعدة عامة ولكن يمكن إخضاع الإفراج للضمانات التى تكفل المثول أمام المحكمة فى أية مرحلة أخرى من الإجراءات القضائية، وتنفيذ الحكم إذا تطلب الأمر ذلك. 4 - يحق لكل من يحرم من حريته نتيجة إلقاء القبض أو الإيقاف مباشرة الإجراءات أمام المحكمة لكى تقرر دون إبطاء بشأن قانونية إيقافه والأمر بالإفراج عنه إذا كان الإيقاف غير قانوني. 5 - لكل من كان ضحية القبض عليه أو إيقافه بشكل غير قانونى الحق فى تعويض قابل للتنفيذ". والدستور المصرى حافل بالنصوص التى تحمى الحرية الشخصية وسلامة الجسد تنص المادة (41) :من الدستور المصرى على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يحوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون . ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي." كما تنص المادة (42) منه على: "كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا كما لا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون . وكل قول ثابت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شئ ما تقدم أو التهديد بشئ منه ولا يعول عليه ." كما تنص المادة (57) على: " كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء ." ومن جماع النصوص الدستورية السابقة يتضح أن المشرع الدستورى قد أولى اهتمام خاصاً بالحرية الشخصية وتقييد حرية الأشخاص ووضع قيوداً على السلطة فى تقيد حرية الأشخاص بل وجعل الاعتداء على الحرية الشخصية جريمة لا تسقط بالتقادم وكفل لكل من تعرض للاعتداء على حريته تعويضا عادلا، بالإضافة إلى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والذى وقعت عليه مصر وأصبح جزءا من تشريعها الداخلي. إلا أن وزارة الداخلية ضربت – كما هى عادتها – بكل القوانين والنصوص الدستورية عرض الحائط، منتهكه بذلك مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات. ثانيا: بطلان قرار الاعتقال لانتفاء مبرراته أن أغلب حالات الاعتقال فى مصر، تتم خارج إطار الشرعية والقانون، اعتماداً على إحساس الجهات الأمنية ، بأنها محصنة برضا السلطة السياسية عن تجاوزاتها أن قانون الطوارئ أعطى لرئيس الجمهورية بصفة أصلية أو من يقوم مقامه سلطة ممارسة بنود القانون من اعتقالات أو تدابير أخري، وحسب المادة 117 فإن لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه فقط، حق تفويض آخرين فى اختصاصاته، وبالتالى فليس من حق الوزير تفويض ضباط أو إدارات داخل وزارته للقيام بهذه المهمة. وبخلاف هذا، فإن قرارات الاعتقال يفترض - قانوناً- أن تصدر مسببة، وأن يعرف المعتقل هذه الأسباب، وأن يتمكن من الاتصال بمن يريد، وهى كلها حقوق يكفلها القانون، ولم تتحقق فى الواقع. كذلك وجود قرارات اعتقال بيد الإدارات الأمنية يؤدى ، إلى الاعتقال المفتوح، فعند التظلم من قرار الاعتقال أمام محكمة أمن الدولة العليا بدرجتيها، وصدور قرار منها بالإفراج عن المعتقل، يظهر فوراً قرار اعتقال جديد لتبدأ دورة لا نهائية من الاعتقال المفتوح، وفى أحيان أخرى يتم القبض على الشخص لفترات طويلة فى أماكن غير معلومة قبل أن يصدر له قرار اعتقال. هل اعتقال شخص وحرمانه من حريته الشخصية التى حماها القانون والدستور، يكون دون سبب مبرر، أو سند لذلك، هل يتم الأمر بطريقة عشوائية، ووفقا لأهواء شخصية؟.. الإجابة بالنفى القاطع، فقرارات الاعتقال تصدر وفقا لقانون الطوارئ، وهو قانون استثنائى، فلا يجوز القياس عليه، أو التوسع فيه. وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن "الشرعية تنتهك إذا ما اعتقل الفرد أو احتجز على أُسس غير منصوص عليها بوضوح فى التشريع المحلي"، وبعبارة أخرى يجب أن تكون أُسس الاعتقال والاحتجاز "منصوصا عليها قانون". وفيما يتعلق بمعنى عبارة " الاعتقال التعسفي" الواردة فى المادة (19) الفقرة 1 بينت اللجنة ما يلي: لا ينبغى مساواة "التعسف" بما هو "ضد القانون " بل يجب أن يفسر تفسيرًا أوسع على نحو يشمل عناصر انتفاء السلامة والعدالة والافتقار إلى إمكانية التنبؤ بالشيء وإتباع الأصول المرعية. وهذا يعنى أن الحبس التحفظى لا يجب أن يكون مشروعا فقط بل معقولا فى الظروف السائد ة. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون الحبس التحفظى ضروريا فى جميع الأحوال من أجل منع هروب الشخص على سبيل المثال أو تجنب التلاعب بالأدلة أو العودة إلى الإجرام". بعبارة أخرى، لا ينبغى للحبس التحفظى عملا باعتقال مشروع أن يقتصر على مجرد كونه "مشروعًا" ولكن أيضًا "معقولا" و"ضروريا" فى كافة الظروف للأغراض السابق ذكره وعلى الدولة الطرف المعنية أن تبين أن هذه العوامل موجودة فى الحالة بعينها. وقرار الاعتقال الجنائى الصادر ضد المعتقل/ هانى نظير عزيز "المتظلم" يفتقر الى سب أو مسوغ قانونى، حيث يتخذ المتظلم ضده من قانون الطوارئ، ذريعة لإضفاء المشروعية على قرارات الاعتقال التعسفية التى يصدرها. وتهدر حق المواطنين فى الحرية الشخصية وسلامة الجسد، فما هى الدواعى الأمنية التى تم اعتقال المتظلم من اجلها، وما هى الأفعال المؤثمة التى ارتكبها حتى يجب ردعه. حيث لم يسبق اتهام المتظلم فى أى واقعة جنائية أو الحكم عليه بعقوبة سواء سالبة للحرية، أو غرامة مالية ، فصحيفة الأحوال الجنائية الخاصة بالمتظلم خير دليل على ذلك. فما هى الأسباب الداعية الى اعتقال مواطن حر، لم يأتى بأفعال مؤثمة قانونيا أو حتى أخلاقيا، ولا تحوم حوله الشبهات؟ فقد صدر ضده قرار اعتقال جنائى، وتم معاملته مثل معتادى ومحترفى الإجرام. والى متى يتمكن المتظلم ضده وأتباعه من الالتفاف حول القرارات القضائية، التى قضت بالإفراج عن المتظلم بصفة نهائية من قبل، وإصدار قرار اعتقال آخر، لتقييد حريته. وهو ما يستبين منه تعسف المتظلم ضده تجاه المتظلم، وان قرار الاعتقال الصادر ضد المتظلم تعسفيا، ولا يستند الى مبرر أو مسوغ قانونى. والتساؤل الذى يطرح نفسه، هل كون المتظلم مدون وناشط الكترونى سببا كافيا لاعتقاله جنائيا، واعتباره ذو خطورة على الأمن، ويجب ردعه وتقييد حريته مع الخارجين على القانون ، رغم أن الدستور المصرى يكفل حرية الرأى والتعبير. حيث تنص المادة 47 من الدستور المصرى على أن: "حرية الرأى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقوة أو بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى" لذلك نلتمس من عدالة المحكمة اصدار قرارها العادل بالافراج عن المتظلم. وكيلة المتظلم هدى نصرالله