حثت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم، الأربعاء، فى بيان لها كلا من رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة على إظهار الإرادة السياسية اللازمة للتعامل مع ملف إصلاح الأجهزة الأمنية بجدية، وذلك بعد أن تجاهلته الحكومات الانتقالية المتعاقبة، ما أدى إلى تدهور أداء جهاز الشرطة. وقالت المبادرة المصرية إن عهد وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم شهد عودة ممارسات التعذيب والقتل العشوائى بمعدلات مرتفعة للغاية، كما شهد حالات كثيرة من الاحتكاكات بين الشرطة وفئات مختلفة من المجتمع، بالإضافة إلى تدهور فى مستوى الأمن العام. وطالبت المبادرة المصرية الوزارة الجديدة بإعادة أجندة هيكلة الشرطة وإصلاح القطاع الأمنى وجعلها على رأس أولويات عمل الحكومة بعد أن أسقطها تماما الوزير محمد إبراهيم من أولويات عمل وزارته. وقال كريم مدحت عنارة، الباحث فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لن تعود الثقة بين المواطنين والشرطة إذا استمرت الشرطة فى اتباع نفس سياسات العنف المفرط، وطالما لا توجد خطوات جادة وعملية منظمة لإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية تضطلع بها هيئات مدنية مستقلة، وبدون الشروع فى تغيير الإطار الإدارى والقانونى الحاكم لعمل رجال الشرطة، ووضع ضوابط لاستخدام القوة والأسلحة". وتابع عنارة: "رصدنا فى سبعة أشهر فقط، هى فترة إدارة الوزير محمد إبراهيم، ارتفاعا ملحوظا فى حالات التعذيب والقتل العشوائى على يد رجال الشرطة، فى حين رصدنا تقاعس الشرطة وفشلها فى حماية الأرواح فى حوادث خطيرة مثل استاد بورسعيد واعتصام وزارة الدفاع، ما أدى إلى مقتل العشرات من المواطنين". ووفقا لرصد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فقد شهدت فترة تولى محمد إبراهيم لوزارة الداخلية وفاة شخصين على الأقل أثناء احتجازهما داخل أقسام الشرطة فى ظروف تشير إلى تعرضهما للتعذيب: الأولى كانت لمريض نفسى تعرض للتعذيب فى قسم الشرابية يوم 6 ديسمبر، وعثر عليه أشخاص أسفل كبرى الساحل فى اليوم التالى، وتم نقله إلى المستشفى حتى توفى فى مارس 2012 متأثرا بجراحه، والثانية حالة تعذيب أفضت إلى الموت فى قسم مصر القديمة فى يوليو 2012، وفى 26 يونيو، وهو اليوم العالمى للتضامن مع ضحايا التعذيب، تعرض المواطن وحيد مصطفى السيد من مدينة بدر للتعذيب والضرب بالبنادق وهتك عرضه فى منزله، وفى حضور زوجته من ضابط مباحث قسم بدر، وفقا لرصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف. وتابع: كما سقط ثمانية قتلى على الأقل نتيجة إطلاق الرصاص العشوائى من رجال الشرطة فى كمائن الشرطة وفى أماكن أخرى فى حالات لجأت الشرطة فيها إلى إطلاق الرصاص رغم عدم وجود ضرورة وفى الكثير من الحالات فى غياب أى تهديد من أى طرف، وتعددت حالات إطلاق النار على السيارات فى كمائن الشرطة المرورية لمجرد الاشتباه، وهو ما قد يكون مرتبطا بالتصريحات التى أطلقها الوزير محمد إبراهيم فى بداية توليه الوزارة والتى حث فيها رجال الشرطة على إطلاق النار "فى مقتل" فى حالات الاشتباه. ومن بين الحالات التى قامت المبادرة المصرية بتوثيقها حادثة نقطة شرطة النهضة والتى قتل فيها الشاب شكرى أبو السعود فى منتصف ديسمبر 2011، بعد أن طارده ضابط الكمين وقتله بست رصاصات، وهى القضية المتداولة الآن أمام محكمة جنايات شمال القاهرة، وحالة الشاب تامر الصعيدى الذى قتل فى شهر مايو 2012 برصاص أمين شرطة أمام مبنى مؤسسة الأهرام بوسط القاهرة وفى وضح النهار بعد أن أخلت النيابة سبيله، وهى الحالة التى دفعت الأهالى الغاضبين إلى مطاردة أمين الشرطة ومحاصرة مبنى الأهرام الذى اختبأ فيه إلى أن تطور الأمر إلى مواجهة مع قوات الشرطة العسكرية. واستطرد: يضاف إلى كل تلك الحالات تقاعس الشرطة عن حماية الأطباء مع تزايد حالات التعدى على المستشفيات وارتفاع صيحات الاستغاثة من الأطباء للتدخل لحمايتهم من الاعتداءات بلا جدوى، وهو ما دفع العديد من الأطباء والعاملين بالمستشفيات للإضراب وتعليق العمل تحديدا خلال الشهرين الأخيرين. وأضاف: مع ارتفاع وتيرة العنف وعودة الانتهاكات بمعدلات عالية تزايدت الاحتكاكات بين رجال الشرطة والعديد من فئات المجتمع، فقد رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى عهد الوزير الأخير العشرات من حالات العنف المتبادل والاحتجاج خارج أقسام الشرطة على ممارسات رجال الأمن، ومن بين هذه الحالات واقعتان شهيرتان نتج عنهما احتكاكات عنيفة وواسعة بين المحامين ورجال الشرطة فى الشهر الأخير فى كل من قسم شرطة دمنهور بالبحيرة وقسم أول مدينة نصر بالقاهرة، وفى تلك الحادثة الأخيرة شهدنا كيف بدأت الأحداث بضرب وإهانة محام داخل القسم ثم رفض تحرير محضر بالضرب، ثم ضرب وإهانة زملائه من المحامين من مجلس نقابة المحامين، انتهاء بتظاهر العشرات من المحامين خارج القسم ومحاصرته لأيام ولجوء السلطات لقوات الأمن المركزى لفض التظاهر. وتابع عنارة: "إن هذا السجل الحافل من العنف والقتل والفشل والتقاعس يظهر حاجة الحكومة إلى اتخاذ خطوات حقيقية للتعامل بجدية مع مقترحات إعادة هيكلة وزارة الداخلية والتى طرحتها منظمات المجتمع المدنى من قبل، وتم تقديمها فى صورة مشروع قانون إلى لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب قبل حله. وكان من شأن هذا القانون الذى تقدم به نواب من مجلس الشعب أن ينشئ لجنة مستقلة لإعادة هيكلة جهاز الشرطة، تقوم بمسح أوضاع وزارة الداخلية واقتراح للهيكلة الجديدة وعملية فحص سجلات الضباط لتقييمهم وتقرير استمرارهم فى الوزارة من عدمه"