الضغوط التى مارستها جماعات الضغط اليهودية فى أمريكا جعلت وسائل الإعلام الأمريكية تتساءل عن أسباب تراجع إدارة أوباما عن مشاركة الولاياتالمتحدة فى مؤتمر الأممالمتحدة لمناهضة العنصرية الذى أطلق عليه اسم "دربان 2"، والمزمع عقده فى الفترة من 20 إلى 25 أبريل القادم بجنيف فى سويسرا، على الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية السابق فى الرابع عشر من فبراير الماضى حضورها الجلسات التحضيرية للمؤتمر. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أرسلت بالفعل فريقاً إلى جنيف لحضور الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الأسبوع الماضى، ولكن ذلك الفريق أعلن أمس أن مسودة التصريح الختامى للمؤتمر تعد مماثلة لمسودة 2001 والذى قاطعته الإدارة الأمريكية السابقة، بسبب محاولات إصدار قرار يربط بين الصهيونية والعنصرى، وهو ما يعد أمراً غير مقبول. فقد ذكرت صحيفة (الهيرالد تريبيون) أن إسرائيل التى أعلنت منذ فبراير الماضى مقاطعتها للمؤتمر ضغطت بشدة على الولاياتالمتحدة لتقاطع المؤتمر عن طريق جماعات الضغط الأمريكية المؤيدة لإسرائيل. وأشارت الهيرالدتربيون إلى تأكيدات لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية فى أعقاب إعلان المقاطعة الأمريكية أن قرار أوباما بعدم إرسال وفد للمشاركة فى ذلك المؤتمر يعد الاختيار الصحيح، ويؤكد على التزام الولاياتالمتحدة الثابت لمكافحة التعصب والعنصرية بجميع أشكالها وفى كل الأماكن، وذكر مركز سيمون فيسنتال ذا الميول الصهيونية أيضاً أن القرار يعد إشارة قوية للمجتمع الدولى أن إدارة أوباما ترفض الموافقة على انتهاك حقوق الإنسان فى دول مثل ليبيا وإيران، فى إشارة إلى الدول الأكثر تأييداً لنصوص المؤتمر. أما صحيفة النيويورك تايمز فتوقعت عدم مشاركة العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة فى المؤتمر، وأشارت إلى أن كندا أعلنت بالفعل عدم مشاركتها فى المؤتمر، لأن الاجتماعات التحضيرية المبدئية أكدت مخاوفهم من وجود تحيز واضح ضد إسرائيل فى الحدث الدولى. وذكرت صحيفة الواشنطن بوست أن مسئولى الأممالمتحدة كانوا قد طالبوا إدارة أوباما بالمشاركة فى المؤتمر المقرر عقده فى أبريل القادم، قائلين إن انتخاب أول رئيس أمريكى من أصول أفريقية من شأنه أن يعطى الولاياتالمتحدة الفرصة لتلهم كل الأقليات الأخرى فى كل دول العالم من خلال مشاركتها فى ذلك المؤتمر، وستبرز أيضاً تطور الولاياتالمتحدة منذ إلغاء العبودية ومنح الأمريكيين السود الحقوق المدنية. بينما أكدت صحيفة الهيرالد تريبيون أن المسئولين الأمريكيين يمارسون ضغوطاً شديدة على الدول الأوروبية لتقاطع المؤتمر فى حالة عدم إعادة النظر فى نصوص المؤتمر الختامية، وقد أعلنت فرنسا وهولندا بالفعل إعادة التفكير بشأن مشاركتهم فى المؤتمر بسبب تلك النصوص. وصرح روبرت وود المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية على هذا القرار بقوله "للأسف.. مستندات المؤتمر التى تفاوضنا حولها ذهبت من السيئ إلى الأسوأ، وأن نسخة المسودة الحالية لنصوص المؤتمر لا يمكن إصلاحها"، وأضاف قائلاً: بسبب ذلك لن تدخل الولاياتالمتحدة فى أية مفاوضات إضافية بخصوص مثل تلك النصوص، ولن تشارك فى مؤتمر مبنى على تلك الأسس". وأوضح وود فى تصريحات رسمية بأن الولاياتالمتحدة لن تشارك فى المؤتمر إلا فى حالة عدم ذكر نصوصها النهائية لأية دولة، وعدم استخدام وجود أى صراع كوسيلة لانتقاد أية دولة، ومنع شمول النصوص موقف إدانة اتجاه بعض الدول، وألا تتناول مسألة التعويضات عن الرق والعبودية، فى إشارة واضحة عن ذكر وإدانة إسرائيل بسبب ممارساتها ضد الفلسطينيين، والولاياتالمتحدة إبان فترة العنصرية. جاء قرار مقاطعة المؤتمر مفاجئاً فى الأوساط السياسية العالمية، خاصة أن الصحف الأمريكية كانت تشير وقت الإعلان السابق عن المشاركة فى الجلسات التحضيرية للمؤتمر بأنه دليلاً على اختلاف إدارة أوباما عن سابقته التى قاطعت مؤتمر مناهضة العنصرية "دربان" الذى انعقد بجنوب أفريقيا عام 2001 قبل أحداث 11 سبتمبر احتجاجا على الجهود المبذولة لتمرير قرار يساوى بين الصهيونية والعنصرية. وعلى الرغم من مقاطعة الولاياتالمتحدة للمؤتمر، فقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستشارك كمراقب فى اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، والتى قاطعتها الإدارة الأمريكية السابقة بسبب النقد الدائم الموجه لإسرائيل، بينما أعلن مسئولون أمريكيون أن الإدارة الحالية لم تقرر بعد أن كانت ستشارك مستقبلاً كعضو فى المجلس أم ستكتفى بدور المراقب فقط.