أسقف جنوب سيناء ووفد كتدرائية السمائيين يهنئون المحافظ بعيد الأضحى    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    محافظ القليوبية يشهد إزالة حالات مخالفة بطوخ    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    تراجع فرص وقف إطلاق النار مع تمسك نتنياهو باستمرار الحرب    ضغط دولى على إسرائيل لوقف «حرب التجويع»    يورو 2024| موراتا يتقدم لإسبانيا في شباك كرواتيا    ما حكم حج من ترك الوقوف بالمزدلفة بسبب كثرة الزحام؟    عودة البريق لألبومات الصيف بموسم غنائى ساخن    لكل مشتاق لزيارة بيت الله الحرام.. شاهد| دعاء مؤثر لأزهري من جبل عرفات    د. أيمن أبو عمر: يوم عرفة فرصة للطاعة والتوبة    عيد ميلاد صلاح.. عودة أوروبية وحلم إفريقي في عامه الجديد    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    أمام الكعبة.. إلهام شاهين تهنئ محبيها بعيد الأضحى | صورة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    القاهرة الإخبارية: وجود محتجزين في غزة يثبت فشل العمليات الإسرائيلية    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    هل يجوز للحاج أن يغادر المزدلفة بعد منتصف الليل؟.. الإفتاء تُجيب    «الغذاء والدواء السعودية»: شرب الماء بانتظام وحمل المظلة يقي الحاج الإجهاد الحراري    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    «دعاء ذبح الأضحية».. «إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ»    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    عروض الأضحى 2024.. «يوم عاصم جدا» يعود من جديد على مسرح السلام    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    بقرار من المحافظ.. دخول ذوي الهمم شواطئ الإسكندرية بالمجان خلال العيد (صور)    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    خلال جولة مفاجئة.. محافظ المنوفية يوجه «منافذ الزراعة» بتتخفيض أسعار اللحوم (صور)    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين العدالة الانتقالية؟
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 07 - 2012

العفو والتسامح والقدرة على نسيان مظالم الماضى، تلك هى سمات يتسم بها غالبية المصريين، والتى جعلت البعض منهم يتعاطف مع الرئيس السابق مبارك، ولا يطالب بمحاكمته، بحكم كبر سنه وتدهور حالته الصحية، رغم كل ما ارتكبه من جرائم فى حق مصر والمصريين، والتى أثرت سلباً على مصر سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا، وهناك جزء آخر لا يزال يؤيد الرئيس السابق، ويطالب بالعفو عنه، بل ويرونه زعيم وطنى، وهؤلاء أصحاب صفحة "إحنا آسفين ياريس"، ولا أدرى مبررات هذا الاتجاه الغريب، وكأن الرئيس السابق كان يحكم بلدا آخر غير مصر وشعب آخر غير المصريين، وأننا ظلمناه بالاتهامات التى وُجهت له، وأنه طوال حياته كان يضحى من أجل مصر!!، وفى كلتا الحالتين السابقتين، نجد أن هذه الاتجاهات تقف حائلا أمام تحقيق العدالة الانتقالية، بل أن من يطالبوا بالعفو عن الرئيس السابق أو أى من القيادات السابقة المتهمة -لأى سبب- بالتأكيد ليس على علم بمفهوم العدالة الانتقالية.
فالعدالة الانتقالية هى "مجموعة الأساليب والآليات التى يستخدمها مجتمع ما، لتحقيق العدالة فى فترة انتقالية، فى تاريخه، تنشأ هذه الفترة غالباً بعد اندلاع ثورة أو انتهاء حرب"، وتركز آليات تحقيق العدالة الانتقالية على الأقل على مقاربات أولية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان فى الماضى، وهى: 1- الدعاوى الجنائية: وتشمل تحقيقات قضائية مع المسئولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان فى فترة ما، وكثيراً ما يركز المدعون تحقيقاتهم على من يُعتقد أنهم يتحملون القدر الأكبر من المسئولية عن تلك الانتهاكات، 2- لجان الحقيقة: هى هيئات غير قضائية تجرى تحقيقات بشأن الانتهاكات التى وقعت فى الماضى القريب، وإصدار تقارير بشأن سبل معالجة الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وتقديم مقترحات لمنع تكرار الانتهاكات مستقبلاً، 3- برامج التعويض: وهذه مبادرات تدعمها الدولة، وتسهم فى جبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على انتهاكات الماضي، وتقوم عادة بتوزيع خليط من التعويضات المادية والرمزية على الضحايا، 4- الإصلاح المؤسسي: يستهدف إصلاح المؤسسات التى لعبت دوراً فى الانتهاكات مثل المؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية، فضلاً عن تعديلات تشريعية ودستورية للقوانين التى تحكم عملها.
وبالتالي، فإن الدعاوى الجنائية التى أقيمت ضد الرئيس السابق ووزير داخليته ومساعديه وقيادات حكمه، تمثل الآلية الأولى لتحقيق العدالة الانتقالية، والانتهاكات التى ارتُكبت ليست فقط قتل الثوار أثناء ال 18 يوم، ولكن هناك مصريين قتلوا فى عهد الرئيس السابق ورؤساء وزراء عهده والوزراء ونواب البرلمان الفاسدين، نتيجة تدهور أوضاع الصحة، والقتل والتعذيب فى السجون والمعتقلات ومقار أمن الدولة، وأبرز مثالين على ذلك خالد سعيد وسيد بلال، ونتيجة تلوث المياه، وسقوط المساكن المتهتكة فى المناطق العشوائية على المواطنين، بل أن وجود المناطق العشوائية فى حد ذاتها أبرز ملمح على انتهاك حقوق الإنسان وآدميته وحقه فى العيش بكرامة، وانتشار البطالة وانتشار الواسطة والمحسوبية التى قتلت أحلام كثير من الشباب خريجى الجامعات فى الحصول على أبسط حقوقهم فى وظيفة مناسبة وآمنة تكفل لهم حياة كريمة، والتى أدت للهجرة غير الشرعية، فضلاً عن تزوير الانتخابات لتأتى بنواب أصحاب مصالح خاصة وعلاقات خاصة مع الوزراء، مما أفقد البرلمان قدرته على محاسبة ومراقبة الحكومة، بل والتواطؤ بين النواب والوزراء فى عقد صفقات مشبوهة، وإهمال مصالح المواطنين، بخلاف الأسلوب الذى كان متبع فى اختيار القيادات فى المؤسسات الحكومية، والذى اعتمد على أهل الثقة، وليس أهل الخبرة، أدى لانهيار وتدهور أوضاع هذه المؤسسات وأصبح وجودها مثل العدم، بخلاف أراضى الدولة التى كانت تباع بأبخس الأسعار لرجال الأعمال وبتواطؤ المسئولين، وقد ازداد الغنى غنى، وأزداد الفقير فقراً، وأزداد الشباب إحباطاً، فكل ذلك يدخل فى إطار انتهاكات النظام السابق بمسئوليه لحقوق الإنسان على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، فهل يستحق هؤلاء المسئولون وعلى رأسهم رئيس الدولة السابق، العقاب على كل ما ارتكبوه من أفعال إجرامية فى حق هذا الشعب، وفى حق هذه الدولة، والتى أعادوا بها مصر إلى الخلف بعقود؟
نعم، يستحقون المحاكمة، ويستحق الرئيس السابق الحساب ليس فقط على قتل الثوار، بل إفساد الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر، فلابد من محاكمة الرئيس السابق على هذه التهم، ومحاسبة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ومساعديه، على كل الانتهاكات التى ارتكبت فى عهدهم، ضد المواطنين المصريين داخل أقسام الشرطة والسجون ومقار أمن الدولة سواء بالتعذيب أو القتل أو السجن بدون حق، ولابد من محاسبة كبار القيادات المسئولين عن إفساد الحياة السياسية أمثال صفوت الشريف وفتحى سرور وأحمد عز وزكريا عزمى وغيرهم، وأبرز المسئولين عن تدمير الاقتصاد المصرى السيد عاطف عبيد وأحمد نظيف، فضلاً عن المسئولين عن الترويج لفكر الحزب غير الوطنى غير الديمقراطى المنحل، والذين دافعوا عنه، محاولين تضليل الرأى العام عن فساد الحزب طوال السنوات الماضية، ولا أدرى لأى سبب أصبح المسئولون محصنين لهذه الدرجة حتى بعد دخولهم السجن؟
وبعد الانتهاء من الآلية الأولى وهى الدعاوى الجنائية بطريقة شرعية والبت فيها بكل نزاهة وشفافية، يتم الانتقال لباقى الآليات مثل إصلاح المؤسسات،،، فكيف نطالب الآن بإصلاح المؤسسات مثل مؤسسة الشرطة دون أن نكون قد أوقعنا العقاب على الأشخاص مرتكبى الفساد والانتهاكات -من قبل- داخل هذه المؤسسات!!، وكيف نحاول تطويع المسئولين الجدد لاحترام الثورة والثوار واحترام المسئولية التى حملناهم إياها، دون أن نكون قد حصلنا على حقوقنا ممن خانوا هذه المسئولية فى السنوات الطويلة السابقة!!.
إن عدم تحقيق العدالة الانتقالية يعطى الفرصة لكل مسئول حالى أو قادم أن يرتكب انتهاكات أخرى علنية أو خفية فى حق هذا الشعب، ولن يكن هناك رادع له، فى حال عدم قيامه بمسئولياته التى يفرضها المنصب أو الكرسى الذى يجلس عليه، بل سيكون على ثقة أنه إن أخطأ، فلن يحاسبه أحد، ولن يتم تقديمه للمحاكمة.
العدالة الانتقالية هى أول خطوات بناء مجتمع جديد، قائم على العدل وإعادة الحق لأصحابه، وبدون تحقيقها، يكون ما بُنى قد بُنى على باطل، وبالتالى فهو باطل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.