قال الشاعر العراقى حميد سعيد، الحاصل على جائزة القدس لعام 2012 إن الإبداع الحقيقى المؤثر يسبق المتغيرات الاجتماعية ولا يأتى بعدها، وإذا جاء فإنه يكون صدى لها، وهو ما يحتم قراءة عميقة فى النصوص التى تسبق التغيير الاجتماعى، مشيرا إلى أن الوعى الذى حرّك قوى التغيير العربية لم يأت من فراغ، وأن الثقافة ساهمت فى تشكيل الوعى، مؤكدا أنه ليست هناك كتابة إبداعية يمكن أن تنفصل عن واقعها، فالكتابة بأجناسها تعد حوارا بين وعى المبدع ووعى المتلقى، وحين يكون الحوار عميقا وجادا بينهما لا بد من أن يحدث تغييرا فيهما معا. جاء ذلك حسبما ورد بالجزيرة نت خلال حفل تكريم أعدته رابطة الكتاب الأردنيين للشاعر حميد سعيد، نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب تعليقا على حصوله على جائزة القدس لعام 2012 التى يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وكانت الرابطة قد رشحت سعيد للجائزة. ويرى سعيد أن المثقف يمثل نقطة الضعف فى المتغيرات الكبرى، والكثيرون يمتلكون منظومة كلامية توظف فى التبرير حينا وتغيير المواقف حينا آخر، لذلك جاء مصطلح ركوب الموجة، الذى يقصد به شريحة من المثقفين الذين وظفوا المنظومة الكلامية فى اللحاق بإشارات التغيير، التى انطلقت من قوى اجتماعية لم تدع يوما أنها من قبيلة المثقفين". وأضاف سعيد فى تصريحاته للجزيرة نت حول ما يجرى فى الميادين العربية، قائلا: "علينا أولاً أن نتفق، هل الذى يجرى هو ربيع عربى فعلا، وحين أطرح هذا السؤال الذى يبدو للبعض مستفزا وخاصة أولئك الذين لا يستطيعون أن يسمعوا رأيا مختلفا، أود التأكيد على أن بعض الأنظمة العربية قد انتهت صلاحيتها ولم تعد قادرة على ممارسة التغيير". فيما وصف رئيس الرابطة موفق محادين فى كلمته بالحفل "سعيد" بأنه قامة إبداعية بارزة، وأحد رواد الموجة الحديثة فى الشعر العربى المعاصر، معتبرا فوزه بالجائزة تكريما لخطابين يراد لهما الاستقالة من التاريخ، ومغادرة وإخلاء مسرحه لخطاب العدو فى أقنعته المتعددة. وقال محادين: إن ترشيح سعيد للجائزة معركة ثقافية بامتياز، وتأكيد لخطابين متلازمين هما خطاب المقاومة والهوية القومية، معتبرا أن الحرية والمواطنة والمجتمع المدنى والدولة المعاصرة والثقافة والعقل النقدى الشجاع والذائقة الجمالية مفاهيم قومية. الشاعر هشام عودة -الذى أدار الحفل- وصف التكريم بأنه احتفال بثقافة المقاومة والهوية والقومية التى تمثلها رابطة الكتاب، وأعلن الثانى والعشرين من يوليو يوما للفتى العربى، إكراما لأشجع الفتيان فى ذكرى استشهاد مصطفى قصى صدام حسين. من جانبه، رأى الناقد محمد قواسمه، أن بغداد فى قصائد الشاعر العراقى تمثل لؤلؤة وغزلا أندلسيا تتجلى فى قصائد درامية نابضة بالكبرياء والتراث، محتفية بالموال البغدادى والشخصيات التاريخية فيها، مؤكدا أن القدس تمثل فى شعر سعيد وجدانه، وهى لصيقة بكل مراحله الشعرية لأنها أساس وعيه القومى وحسه الإنسانى والنضالى، مشيرا إلى أن القدس بدت فى ديوانه "من أوراق الموريسكى" نجمة مضيئة وملحمة ستعود لعروبتها بعد سقوط الحوار مع أعدائها. يذكر أن حميد سعيد أصدر 14 ديوان شعر، ومؤلفات أخرى أدبية وفكرية، وصدرت عن تجربته الشعرية أكثر من عشرة كتب، وهو من مؤسسى اتحاد الأدباء والكتاب بالعراق، وشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب سابقا.