على أطلال الوطن وقفت، رحت أقلب صفحات عمر مر دون أن أعرف، ولدت هناك فى القدس العتيقة، على جبينى رسمت خريطة إلى سرير ضمنى يوماً فى مشافيها، على يدى كتبت العنوان، كى لا أنسى، فى عينى لمع شعاع النور الأول من سماها، عشقت أرضاً ولدت فى رباها. أخذ تيار الغربة طفلة كانت يوماً تعرف نفسها ولكنها نسيت، تساءلت من تكون؟ أين والداها والأصحاب؟ وعن شال حريرى حصلت عليه من رفيق درب وحلم، فتحت عينيها لتجد نفسها وحيدة على ركام الغربة الأبدى، إلى جانبها مفتاح حديدى، وورقة من غريب خط عليها قصيدة ولحن، لحن عودة إلى الأمل، لحن عودة إلى الذاكرة التى لم تندثر بعد، لحن غنته فى ساعتها، أطربت البحر والسماء وبكت، بدموعها غسلت ألماً كان يعتصرها لم تعرف منذ متى؟. حملت اللحن والقصيدة، فكرت، ثم تصرفت، هناك زجاجة قريبة، سأرسل الرسالة إلى المغتربين أمثالى فى أصقاع العالم، طوت الرسالة، وضعتها فى الزجاجة وعن سفينة "التراب" ألقتها فى المحيط، ظنها القوم مجنونة، كانت تعرف بأن تلك القصيدة واللحن سيصلان إلى من تريد، تعرف ذلك بقلبها الذى ما زال ينبض غربة وقهراً ولكن الإيمان مازال يزرع النور بين جنباته. واصلت سفينة عمرها الإبحار، جل ما تمنت أن ترسو على شاطئ تعرفه، شاطئ تمرغت برماله، احتضنتها مياهه يوماً، حلمت بمياه شربت منها الكثير حتى ارتوت، ببحيرة غازلها حبين لها على شوطئها يوم كانت طفلة، بحديقة زرعت فيها شجرة زيتون وزهرة تباع الشمس، قالت يومها، هذه الزهرة جزء منى تعرف طريق الحرية التى أجهلها وتجهلونها. لى ولصديقتى الصغيرة التى كانت أنا ألف ذكرى وذكرى عن أحلام سُرقت، غبات أُعدمت، أحباء هاجروا، لوحات صارت ماضياً، تاريخ صار عجوزاً لا يذكرنا، قبة ذهبية سحبت إلى السجن فى وضح النهار.. ولكننا نقول كل يوم لبعضنا البعض تصبحين على وطن وقدس.