أكدت دراسة اقتصادية حديثة، أنه من المتوقع زيادة حجم الدين الداخلى فى مصر خلال عام 2012 إلى ما يزيد عن 1133 مليار جنيه، وذلك بسبب العديد من الأسباب على رأسها انخفاض حجم الناتج القومى خلال عام 2011/2012 بحوالى 30% عن الأعوام السابقة، وزيادة عجز الموازنة المصرية خلال العام المالى 2011/2012 إلى 144 مليار جنيه وفقاً لآخر تصريحات د. ممتاز السعيد وزير المالية ومن المتوقع زيادة عجز الموازنة إلى 180 مليار جنيه مع نهاية السنة المالية فى 30/6/2012. وأضافت الدراسة أن من ضمن الأسباب انخفاض التصنيف الائتمانى لمصر خلال العام السابق أكثر من 6 مرات وانخفاضه خلال عام 2012 مرة أخرى، مما أدى إلى وجود اتجاه عالمى نحو مصر بعدم قدرتها على سداد التزاماتها المالية وبالتالى أثره السيئ على الاستيراد من الخارج واشتراط الشركات الأجنبية بالتصدير إلينا مقابل الحصول على 100% من قيمة البضاعة المصدرة إلينا، بالإضافة إلى ارتفاع درجة المخاطرة والتى يصحبها تراجع الاستثمار وارتفاع تكلفة الاقتراض، وانخفاض عوائد السياحة بسبب حالة الانفلات الأمنى. وأوضحت الدراسة التى أعدها د. عبد المنعم السيد الباحث بجمعية "محاسبون" تحت عنوان "الدين الداخلى فى مصر.. كارثة قومية" أن حجم الدين الداخلى فى مصر حتى 31/12/2011 بلغ حوالى 1133 مليار جنيه مقسمة بين الحكومة المصرية 894,6 مليار جنيه بنسبة 79%، والهيئات والوحدات الاقتصادية 66,5 مليار جنيه بنسبة 5,9%، وبنك الإستثمار القومى التابع ملكيته للدولة ووزارة المالية 171,9 مليار جنيه 15,1%، لافتا إلى زيادة رقم الديون الحكومية بعد الثورة، مسجلا أكبر حجم للديون لم يحدث فى ظل حكومات تواجهها تهم الفساد المالى والإدارى. وقالت الدراسة إنه لا يمكن الاستناد إلى الأحوال الاقتصادية الناتجة عن الثورة، حيث إن معدلات الزيادة للدين الحكومى الداخلى لا يمثل بأى حال من الأحوال ما تقوم به الحكومات بعد الثورة التى اقتصر دورها على إقرار بعض (جزء) من المطالب الفئوية التى لا تبلغ بأى حال من الأحوال بعض مليارات الجنيهات، خاصة وأن الاحتياطى النقدى قد خسر أكثر من 50% من قيمته فبعد أن كان الاحتياطى النقدى 36,2 مليار دولار فى 31/12/2010 أصبح وفقاً لآخر إحصائيات البنك المركزى 17,4 مليار جنيه دولار فى 31/12/2011. وكذلك اتجاه الدولة إلى الاقتراض الداخلى من خلال إصدار سندات وأذون خزانة له آثار سلبية على الاقتصاد المصرى من خلال انخفاض حجم السيولة داخل السوق المصرى والتعطش الشديد لها، انخفاض حركة التعاملات (البيع والشراء)، عدم قيام البنوك الكبرى (مصر – الأهلى – القاهرة) بدورها الأساسى وهى إقراض وتمويل المشروعات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية مما يؤدى إلى ضخ أموال جديدة داخل شرايين الاقتصاد المصرى، حيث إن هذه البنوك تركت دورها الأساسى واتجهت – تحت ضغط – البنك المركزى المصرى إلى شراء أذون الخزانة وسندات الخزانة المصرية لسد عجز الموازنة. بالإضافة إلى عدم الاستفادة من أموال الودائع لدى البنوك المصرية والتى تبلغ وفقاً لآخر إحصائيات البنك المركزى المصرى 958 مليار جنيه فى 31/12/2011 نظراً لقيام البنوك بتوجيه معظم استثماراتهم فى شراء أذون الخزانة المصرية، ومن ثم عدم توجيه أموال البنوك نحو تمويل القطاع الخاص فى مشروعات تعود بفائدة وأرباح عالية وتعود بالنفع على المجتمع. وأوضحت الدراسة أن من نتيجة زيادة الاقتراض الداخلى تتحمل الموازنة العامة للدولة سداد فاتورة فوائد وخدمة الدين والتى تجاوز فى حالاتنا 24% من إجمالى قيمة الموازنة يذهب لسداد فوائد الديون الداخلية والخارجية وبالتالى التقصير فى اتجاه الإنفاق الحكومى على الخدمات (الصحة – التعليم) فنجد أن فوائد الدين الداخلى (المحلى) تصل إلى 105 مليار جنيه أى حوالى 29% من إيرادات الموازنة العامة البالغ قدرها 361. وأشارت الدراسة إلى أن اتجاه الدولة الدائم نحو الاقتراض الداخلى والخارجى ينذر بكارثة حتمية للاقتصاد المصرى وللدولة ككل، موضحة أنه يجب إيجاد حلول جديدة تتبناها الدولة والحكومة لمواجهة تفاقم وتزايد الدين الداخلى وكذلك الدين الخارجى. وشددت الدراسة على ضرورة إيجاد حلول أهمها إعادة هيكلة الموازنة العامة من خلال إيجاد موارد جديدة تتمثل فى إلغاء أو ترشيد دعم الطاقة للمصانع الكبرى كثيفة استخدام الطاقة، إعادة التحاور حول تغيير عقود تصدير الغاز لتصبح بالأسعار وتفعيل دور البورصة الرئيس من خلال (سوق الإصدار) بدلاً من اقتصار التعامل على سوق التداول مشددة على وضع البنية التشريعية لإصدار أدوات جديدة مثل الصكوك الإسلامية. وأضافت الدراسة أن الحلول لابد أن تشمل أيضا ترشيد النفقات الحكومية بنسبة لا تقل عن 15%، ووضع رسوم أو ضرائب بواقع 0,5% على تعاملات البورصة فى حالة البيع لتعود بالنفع على المجتمع كما يحدث فى بورصات نيويورك ولندن وطوكيو، مع ضرورة وضع دور رقابى وتشريعى فى الدستور الجديد التى تصدره – اللجنة التأسيسية– حالياً يجعل لمجلس الشعب دور فعال فى متابعة ومراقبة الدين الداخلى والدين الخارجى وعدم قيام أى حكومة أو وزير مالية باستصدار أذون خزانة أو سندات خزانة قبل الحصول على موافقة 75% من أعضاء مجلس الشعب على الأقل.