«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    أسعار السمك والجمبري اليوم الاثنين 6-5-2024.. البلطي ب59 جنيها    «الإسكان»: استرداد 18 ألف متر ب«السويس الجديدة» وإزالة مخالفات في بني سويف    توقعات برج الجوزاء في مايو 2024: «الصداقة تتحول إلى علاقة حب»    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    محافظ مطروح: استقبلنا 3.3 ألف طن قمح بصومعة الحمام    مصدر رفيع المستوى: الوفد المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحماس    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    بالأرقام والتفاصيل.. خطة لتحويل "مناخ" بورسعيد إلى حي أخضر    محافظ المنوفية يعلن جاهزية المراكز التكنولوجية لبدء تلقى طلبات التصالح غدا الثلاثاء    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج عن القانون    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    محافظ الغربية يتابع استمرار الأعمال بمشروع محطة إنتاج البيض بكفر الشيخ سليم    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    من يعيد عقارب الساعة قبل قصف معبر كرم أبو سالم؟    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويطالب مجلس الأمن بالتدخل لوضع حد لهذا العدوان    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    طريقة عمل سلطة الرنجة في شم النسيم    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ريفو" مسلسل بروح المغامرة.. يبتكر لغته الدرامية الجديدة ويتحول إلى أيقونة من الحنين.. المخرج صنع صورة مبهرة لا تشوبها شائبة.. وأمير عيد أتقن التمثيل "للمشاهد" لا التمثيل "عليه"
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 10 - 2023

دائما ما يحمل الرهان على الصيغ الجديدة والأفكار الجديدة والمعالجات الجديدة شيئا من مخاطرة، لكنه في ذات الوقت يحمل الكثير من الأمل والكثير من الأحلام، وقد وصل مسلسل ريفو الذي أنتجته منصة "واتش ات" التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وأخرجه "يحيى إسماعيل" وكتبه "محمد ناير" إلى ما هو أكثر من الحلم، وصل إلى الحقيقة،بل وصل إلى "الظاهرة" والأكثر من ذلك هو أنه جعل المغامرة عملا إيجابي محفوفا بالوعود بعدما كانت عملا متهورا غير مأمون العواقب.

والمغامرة في هذا المسلسل شملت كل عناصر العمل الفني تقريبا، بداية من القصة المختلفة عن "وصفات" النجاح المعتادة، والمخرج "الجديد" القادم من عالم الإعلانات والذي يقدم عملا دراميا لأول مرة، والبطل الرئيسي الجديد "أمير عيد" الذي احتل دور البطولة لأول مرة، والحقبة الزمنية "الجديدة" على الدراما المعاصرة، والتي يحتار الكثيرون في أمرها هل هي من الماضي أم من الحاضر؟ والوجوه القديمة التي أعيد تقديمها بشكل جديد مثل الفنان القدير محسن محيي الدين والفنانة الكبيرة إيفا، والفنان والموزع الموسيقي حسام حسني.

أضف إلى ذلك أيضا أن المسلسل وإن كان الفنان أمير عيد يحتل دور البطولة وتشكل قصته مركز الأحداث، ومحور الصراع، لكننا نستطيع أن نقول إنه من مسلسلات البطولة الجماعية، فكل عنصر من عناصر فرقة "ريفو" الخمسة يعد بطلا للعمل، وهنا يصعب الرهان ويتعاظم التحدي، لأن أي خفوت في موهبة أحد العناصر سينعكس بالسلب على العمل كله.

هذا مسلسل جديد تماما، أحداثه تدور حول تاريخ فرقة موسيقية انتشرت في التسعينات واختفت بعد وفاة مطربها الرئيسي في ظروف غامضة، في إشارة رمزية لما كان يتمتع به هذا الجيل من أحلام ضاعت وطموحات تحطمت، وكأنها تاهت لغياب "المخلص" أو "الرائي" الذي كان يسير إلى حلمه فيسير وراؤه الآخرون، ثم تبعثروا ما بين مصاب بالاكتئاب، ومهاجر إلى الخارج، ومطحون في عالم المال والأعمال، ومأزوم يحاول أن يستعيض عن دفء الفرقة بالغرق في العبادات.

إن كنت من الذين عاشوا تلك الفترة وتأملت هذا المصير جيدا ستجد أنه يتشابه مع مصائر الكثيرين ممن تعرفهم، وربما تكون أنت أحدهم، وهذه النقطة تحديدا هي التي جعلت من المسلسل "أيقونة" لجيل كان يبحث إذ يحلم ويحلم إذ يبحث، وللأسف انتهى الأحلام إلى واقع مربك، وانتهت الأبحاث إلى متاهة من الأسئلة.

حمل المسلسل بجانب شحنة الحنين الفاشية رهافة غير عادية، تلقائية تليق بحفنة مراهقين يبحثون عن مكان تحت هذا السحاب، ارتجالية تليق بجيل يعرف حينما يجرب، و يجرب حينما يشك، ثم يسكن في خانة الشك لا يغادرها طوعا وكرها، وقد عبر الفنان أمير عيد هذا هذا الحال المضطرب بأغنيته "متكتف" التي أظن أنها ستعيش أطول من أعمار مبدعيها، وفيها يقول "متكتف.. مهموم موجوع وضعيف وشجاع/ مليان أحلام وعشان مربوط/ مكسور بكسر في المآديف"

كانوا خمسة وسادسهم حلمهم، مسكونون بالرغبة في التحقق والاختلاف، مهووسون بأمل حفر أرواحهم على سماء الحاضر، غامروا ونجحوا، ثم انتكسوا وصمتوا، صارت أغانيهم مثل رسالة في زجاجة، تسافر عبر العصور وتصل إلى جمهورهم الضيق وكأنها رسالة شخصية تمس قلب كل واحد فيهم، رسالة للمغتربين عن زمنهم، للهاربين من جحيم المألوف والعادي، الساعين إلى وضع قدمهم في بحيرة التجريب.

شادي "أمير عيد" التائه في أسرته المتبعثرة بين أب غائب وأم مصابة بالزهايمر وزوج أم يحاول إن يثبت له دائما إنه أبوه، ومراون "صدقي صخر" الخجول الواقع تحت سيطرة أبيه أستاذ الموسيقى الصارم، وماجد جورج "تامر هاشم" صاحب الروح المنطلقة والأب التقليدي، وأباظة "حسن أبو الروس" عازف الجيتار المحترف صاحب الروح المنطلقة والإمكانيات العائلية البسيطة والذي سيشهد تطورا رهيبا في شخصيته، ونعمان "مينا النجار" الشاب المتأرجح بين اللهاث إلى "المصلحة" والنزوع إلى الإنسانية.

الغريب أن الجميع أتقن دوره، وهذا يدل بلا شك على أمرين غاية في الأهمية، الأول أن هناك حالة حب وتفاهم كبيرين أحاطت بأبطال العمل فأخذ كل واحد بيد زميله حتى انصهر الجميع في قالب الإتقان، والثاني أن المخرج "يحيى إسماعيل" استطاع أن يوصل رسالته بدقة شديدة، فتشبع الفريق بها وتقمصها، فصدرت عن كل واحد فيهم وكأنه صارده من قلبه ووجدانه، ومادمنا قد تحدثنا عن الإخراج فلا مناص من الإشادة بهذا المبدع المحترف الذي صنع صورة لا تشوبها شائبة، وحبك الدراما بإيقاع هادئ أحيانا ولاهث في أحيان أخرى، كما ألزم نفسه بقاموس ومفردات التسعينات التي ربما لم يشاهدها، ومزج الموسيقى بالدراما فشكل لوحة بصرية وسمعية في الآن ذاته، وهي مهمة غاية في الصعوبة والتفرد، أما السيناريو الذي كتبه الكاتب المحترف "محمد ناير" فإن أكثر ما أحب أن أشير إليه هو أنه استطاع أن يعايش تجربة الفرق الغنائية وحياة الموسيقيين بأتى بروح هذه الفرق خاصة الشبابية منها واستطاع أن يستعير منها مفرداتها المتخصصة والتفاصيلها الغنية، بشكل يدل على أن وراء هذه المشاهد جهد بحثي وميداني يحترم.

ولا يفوتني هنا أن أشير بمزيد من التحية إلى براعة أمير عيد في التمثيل بلا تمثيل، لدرجة أقنعتنا أحيانا أنه هو بالفعل "شادي" صاحب هذه الشخصية المركبة، وأكدت أنه يمثل للمشاهد لا يمثل "عليه". أما مروان صخر فقد استطاع أن يربطنا بالحكاية بمنتهى الرهافة، بل واستطاع أن يمثل دور "المكتئب" دون أن يؤجج في قلوبنا شحنات الاكتئاب بل "الشفقة" والرغبة في الاستنهاض وهذا الأمر من وجهة نظري منتهى البراعة والتوفيق، أما حسن أبو الروس فقد أدى بلا شك أهم أدواره، وكانت عليه مسئولية كبيرة بأن يحمل وحده الانحراف العاصف من التهور الكبير إلى السكون المرير، كما استطاع "تامر هاشم" أن يخلق تعاطفا كبيرا مع شخصيته في المسلسل وأن يكون الصديق صاحب الروح الخضراء على الدوام، كما أجاد مينا النجار أداء دوره بامتياز، واستطاع عبر حلقات الجزئين أن يغيره جلده تماما بأن يتحول من مجرد "شخص طفيلي" غير مرغوب فيه إلى "حاضن" أساسي لأوجاع أصدقائه ومفتاح رئيسي تطور الدراما.
يبدأ المسلسل برحلة تقطعها مريم "ركين سعد" لاكتشاف قصة فرقة ريفو التي كان والدها قد بدأها ولم ينهها، ومن خلال هذه الرحلة في الأزمنة التي عاشتها الفرقة والأمكنة التي كانت مسرحا لأحداث حياتها تنجح "مريم" في اكتشاف نفسها واختبار قدراتها وتحديد اختياراتها، وهذه الرحلة لا تقطعها مريم فحسب، بل يقطعها المشاهد أيضا، عبر 20 حلقة هي مدة الجزئين الأول والثاني، ثم لا تنتهى الأحداث بنهاية المسلسل، وقد ترك في القلب أسئلة وفي الوجدان حنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.