ب100 ألف طالب وطالبة.. انطلاق امتحانات «صفوف النقل» بالإسكندرية غداً    رئيس خطة النواب: الحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات الجيوسياسية تؤثر على الاقتصاد المصري    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية التجارة    9 صور من مشروع الغلق الآمن لمقلب السلام العمومي "أول مشروع إغلاق آمن لمقلب نفايات في مصر"    تنويه عاجل لسكان القاهرة.. هيئة المساحة تكشف التفاصيل في بيان رسمي    رئيس "خطة النواب" يستعرض تفاصيل الحساب الختامي لموازنة 2022- 2023    رئيس البورصة: إطلاق مؤشر الشريعة الإسلامية خلال الربع الثاني من 2024    «تصديري الصناعات الغذائية»: نمو صادرات القطاع بنسبة 31% بقيمة 1.6 مليار دولار في 4 شهور    تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية اللازم لإدارج بيانات الرقم القومي 1 أغسطس    «الجيل» يحذر من مغبة اقتحام مدينة رفح الفلسطينية: الأوضاع ستكون كارثية    مسؤولون إسرائيليون: إعلان حماس الموافقة على صفقة التبادل فاجئنا    مسؤول إسرائيلي: العملية في رفح ستكون محدودة    إعلام أمريكي: إدارة بايدن أجلت مبيعات الآلاف من الأسلحة الدقيقة إلى إسرائيل    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدًا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    اعتقال 125 طالبا.. الشرطة الهولندية تفض مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة أمستردام    تغيير إمام وبديل معلول.. التشكيل المتوقع للأهلي في مواجهة الاتحاد السكندري    "كرامتي أهم".. كريم حسن شحاتة يكشف لأول مرة أسباب استقالته من البنك الأهلي    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    تين هاج: هزيمة مانشستر يونايتد مستحقة.. ونشكر الجماهير على الدعم    قطار يدهس سيدة في المنيا    نشاط رياح وفرص أمطار.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم بدرجات الحرارة    التعليم: الانتهاء من طباعة أسئلة امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل    حفلات وشخصيات كرتونية.. سائحون يحتفلون بأعياد الربيع بمنتجعات جنوب سيناء    محافظ بني سويف يراجع مع مسؤولي التعليم الاستعداد لامتحانات نهاية العام غدا    اليوم.. بدء محاكمة المتهم بقتل «طفلة مدينة نصر» (تفاصيل)    ضبط 18 كيلوجرامًا لمخدر الحشيش بحوزة عنصر إجرامي بالإسماعيلية    ياسمين عبد العزيز تتصدر تريند "إكس" بعد حلقتها مع إسعاد يونس    إيرادات «السرب» تتجاوز 16 مليون جنيه خلال 6 أيام في دور العرض    موعد وتفاصيل عرض 18 مسرحية لطلاب جامعة القاهرة    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    غدا.. مائدة مستديرة في احتفاء الأعلى للثقافة باليوم العالمي لحرية الصحافة    أقيم الليل وأسمع الأغاني هل على ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة» تحذر من أضرار تناول الفسيخ والرنجة.. ورسالة مهمة حال الشعور بأي أعراض    في اليوم العالمي للربو.. تعرف على أسبابه وكيفية علاجه وطرق الوقاية منه    إصابة 3 اشخاص في حادث تصادم سياره ملاكي وموتوسيكل بالدقهلية    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    لقاح سحري يقاوم 8 فيروسات تاجية خطيرة.. وإجراء التجارب السريرية بحلول 2025    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    «أنا مركزة مع عيالي أوي».. ياسمين عبدالعزيز تكشف أهم مبادئها في تربية الأبناء    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عمرو عبدالسميع يحاور المفكر الإسلامى فهمى هويدى «1»..المجلس العسكرى لم يكن شفافاً بما فيه الكفاية ولو قلنا له مع السلامة فماذا سنفعل بعد ذلك ..؟
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 12 - 2011

البلد كله فى صراع: أحزاب وائتلافات.. إسلاميون وعلمانيون.. يساريون وليبراليون وإخوان.. أصول وانشقاقات.. فلول ومستجدون.
وحول تجليات ذلك الصراع وآفاقه حاورت الأستاذ فهمى هويدى فى أول أيام العملية الانتخابية، فقدم فى هذا الحديث رؤيته النقدية لأداء المجلس العسكرى، وأدان التشدد العلمانى والليبرالى غير الديمقراطى ضد الإسلاميين، وسجل ملاحظاته عن جدل القوى السياسية المصرية حول العلمانية، كما قدم اقترابًا بالمقارنة بين تونس ومصر وحالة عبور الانتخابات البرلمانية.
وهذا نص الحوار..
كتبت أنك لم تفهم تلك الدعوة التى أطلقها البعض لرحيل المجلس العسكرى دون أن يقدموا لنا بديلاً معقولاً، علمًا بأن التصويت فى الانتخابات هو خطوة فى الطريق إلى رحيل ذلك المجلس.. ومن ثم دعنا نسألك ما هو سر تلك الدعوة إلى رحيل العسكرى؟
- دعنا نقول - أولاً - إن المجلس العسكرى وقع فى أخطاء، ولم يكن شفافًا ولا صريحًا بما فيه الكفاية، يعنى وضع الناس أمام مجموعة من علامات استفهام أسفرت عن أزمة ثقة تم تعميقها، حين تحدث كوارث يقال إن المتسبب فيها هو «طرف ثالث»، من دون أن نعرفه، وقد قلت إن الطرف الثالث هذا ربما يكون موجودًا، ولكننا لن نصدق وجوده إلا حين يقدم لنا شخص ما أو جهة ما تفترض وجوده الدليل على ذلك.
ومن الصعب قبول بعض التصرفات من دون أن يمارس فيها المجلس العسكرى نقد الذات أو الاعتذار مثل ما حدث فى ماسبيرو، وما حدث فى التحرير، وفى الحدث الثانى لدينا 43 شهيدًا، لم نعرف - حتى اليوم - من الذى أصدر أمر الضرب، ومن الذى ضرب.
معلوماتى أن أمر فض الاعتصام فى ميدان التحرير الذى صدر صبيحة 19 نوفمبر الفائت لم يعلم به وزير الداخلية أو رئيس الوزراء.
الموجودون فى التحرير تلك اللحظة لم يبرحوا أماكنهم منذ أسبوع قبل فض الاعتصام، وبالتالى لم تكن هناك ضرورة للاستعجال.
يعنى كان المشهد وكأنك حملت عود ثقاب وأشعلت الميدان، فى توقيت كانت المشاعر متأججة.
ولم يعتذر أحد، بينما نحن نطالب باعتذار وحساب، ثم اعتذرت بخجل، وقلت: متأسفون، وقلت إن الذين ماتوا: «ضحايا»، ثم قلت: أعتذر وهم شهداء!
أنا أفهم أن التعامل مع الجيش وفى إطار العسكرية غير التعامل مع المجتمع، ففى القوات المسلحة كلمة القادة لا ترد، ولكن المجتمع لا يخضع لآليات الجيش. هؤلاء الناس يفكرون فى الكرامة ولا يفكرون فى السياسة، إذ لو قلنا للمجلس العسكرى مع السلامة، فماذا سنفعل بعد ذلك؟!
لابد أن يبقى المجلس حتى تتم الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ونحن ننتقد أداءه السياسى فحسب، أما حكاية «مع السلامة» فلا معنى لطرحها الآن.
ألا ترى معى أن المجلس العسكرى فى الفترة التى سبقت حدثى «ماسبيرو والتحرير» تحمل - ربما - أكثر مما تطيقه أعصاب هذه المؤسسة؟
- مالناش دعوة.. السياسى حين يتبوأ مقعده فإنه يضع عرضه أمام المجتمع، ولا يوجد شىء اسمه «يتحمل»، فالناس تحملت أكثر، والقول بأنه «تحمل» هو خطاب ينبغى أن يكون بمستوى مسؤوليته، فالجيش مسؤول عن المصير، والناس تخاطبه بشأن مصائرهم. أنا ضد أى تطاول على المجلس، وكتبت مرة محتجّا ضد التجاوز البذىء عليه، وقلت - ذات مرة - إن بقاء المجلس ضرورى ونقده ضرورى.
ولكننا لسنا جنودًا فى القوات المسلحة.. نحن مواطنون لنا حقوق، وإحدى مشكلات المسؤولية العامة أنها تعرض المسؤول لفيض من الانتقادات، ربما يصل إلى حد التجريح، وهذا ثمن لابد أن يدفعه وعليه أن يتحمل.
تدخل!
أستاذ فهمى.. موضوع التدخل الخارجى يبدو جليّا أمامنا فى أنساق عديدة.. ما تقييمك لعامل التدخل الأجنبى فى اللحظة الراهنة؟
- الخارج موجود فى مصر منذ اللحظة الأولى لإندلاع الثورة، وتاريخيّا الخارج يعتبر مصر رمانة ميزان العالم العربى، لا أحد سيترك مصر فى حالها بذلك المعنى، وسيتابعون وضعنا الديمقراطى.
كنت - مؤخرًا - فى تونس، ولكنها تمر بسهولة فى مصر فتونس بلد، ومصر أمة.
هذا غير حساسية علاقة مصر بإسرائيل. وأظن أن الخارج كان ضاغطًا لتسليم السلطة بعد الأحداث الأخيرة، فعلى امتداد الفترة الماضية كان الغرب مبسوطًا جدّا من أداء المجلس العسكرى، وهو ما ظهر بوضوح فى تقارير الصحافة الدولية، وقول مدير المخابرات الإسرائيلية السابق: «إن ما تغير فى مصر هو الحاكم وليس الحكم».
الخارج ليس قلقًا من المجلس العسكرى، ولكنه قلق من أن يصبح المجلس العسكرى مرفوضًا.
المثقفون الذين يحكون حكى الحماية الدولية، أقول بشأنهم إن مصر بلد كبير وفيه كل شىء، ولا ينبغى أن تزعجنا طروحهم، فما وزن أولئك الناس أساسًا؟!.. مصر مليئة بال «يفط» دون أوزان، يعنى فى إمكانك إطلاق محطة إذاعة أو حيازة قناة تليفزيونية، وتشترى ائتلافات، وتشيد منصات فى كل مكان، وتعلى صوتك، ولكن تعال وقل لنا ما مكانك فى الشارع. لدينا لافتات وأصوات عالية من دون وزن. ومن قالوا بالحماية الدولية أفراد.. ولذلك قبل أن نناقش أولئك الناس فلنقل لهم على رأى القذافى «من أنتم؟!».
هذا كله لا يمكن حسمه إلا بحدوث الانتخابات، فالتصويت هو الفيصل؟
- بالضبط.. فى تونس دخل الانتخابات 115 حزبًا، وصفصفت الأمور فى النهاية على خمسة أحزاب، وهكذا عندنا نستمع عن أن فلانًا زعيم حزب، ولكن تسأل: كم عضوًا يحتكم عليهم ميدانيّا. وأحيانًا أقرأ أن فلانًا يجتمع مع القوى السياسية، وأسأل نفسى ما تلك القوى السياسية؟!.. هى قوى سياسية بلا عضلات.. فيها من الغياب أكثر مما فيها من الحضور.. الانتخابات هى التى تحدد الأوزان.
كلمتنى حالاً عن الإعلام والمنصات وشراء القنوات والجرائد.. هل إلى هذا الحد أصبحت النخب السياسية المصرية قابلة للشراء؟!
- إحدى الإشكاليات الكبرى فى مصر الآن أن تعريف النخب صار يحتاج إلى إعادة نظر، ففى وقت من الأوقات كان «الكاتب الكبير» فى مصر واحدًا، اسمه عباس محمود العقاد، والآن لا يوجد شخص يحمل قلمًا إلا وبات «كاتبًا كبيرًا».. التطور الحادث فى الصحافة ووسائل الإعلام جعل من أى مبتدئ نجمًا تليفزيونيّا، والسياسة فى مصر - كلها - تدار بالتليفزيون، وحتى اختيارات صناع القرارات السياسية لشغل الوظائف العامة من وعاء الذين يظهرون على التليفزيون، فى برامج «التوك شو».
فكيف تحدثنى عن النخبة فى الوقت الذى لم يشكل فيه البعض حضورًا سياسيّا إلا من خلال ظهورهم فى برامج التليفزيون.
السياسة عندنا أصبحت تليفزيونًا، والتليفزيون يجعلك تطير فى الفضاء فى حين أن الناس تقف على الأرض، والسياسى ينخدع - أحيانًا - بالتحليق فى الفضاء، ولكنه يصدم حين يقترب من الأرض.
ائتلافات
كيف تقيم الضغط الذى مارسته بعض ائتلافات الشباب على رئيس الوزراء المكلف لاختيار عناصر من بينهم لعضوية الحكومة.. وكيف تنظر للحكومة التى شكلها التحرير كبديل عن حكومة الجنزورى، وأخيرًا ما رأيك فى مطالبات الإخوان المسلمين بنظام برلمانى بدلاً من النظام «الرئاسى/البرلمانى»؟
- حين طالت مدة المرحلة الانتقالية، ترهلت صيغة الحكم، وظن الناس أنهم صناع سياسة وصناع قرار، ولم يعد أحد يملأ عيونهم. ومما شهدت من عجائب حكاية تشكيل حكومة من الميدان، وكنت سمعت قبلها أحد النشطاء ينادى بكتابة دستور فى الميدان وغير ذلك من التخاريف... ومشكلة الثورة عندنا - حتى الآن - أنها ظلت جسمًا بلا رأس، وتصور أى شخص أنه يستطيع فعل أى شىء أو التفوه بأى كلام، وخصوصًا بعد الفراغ السياسى الحاصل، حيث زايد بعض السياسيين على الميدان، فهناك من رشحهم الميدان ورصيدهم لا يجاوز أنهم كانوا فى الميدان، طيب.. أنا لم أكن هناك مثلاً، ومرة ذهبت إلى التحرير أيام الثورة، وسألنى بعض شباب الثورة: «إنت مابتجيش ليه؟» فقلت لهم أنا منذ خمسين عامًا أراوح مكانى فى طروحى الرافضة، فيما أنتم لم تبدأوا إلا منذ أسبوعين.
التاريخ لم يبدأ من ميدان التحرير، وإنما صاغه مثقفون وسياسيون وأعلام وناس كافحت، وناس سُجنت.. «مش كده يا إخواننا»، ولكن لأن أحدًا لم يملأ عيون أولئك الشباب من الرموز الذين فرضوا أنفسهم، ولأنهم وجدوا أن هناك من أتى بفلوسه يقيم منصة وينشئ جريدة أو فضائية، فاستسهلوا أن يحلوا الرموز المخلقة والمصنعة الجديدة مكان أى من الرؤوس الكبيرة، وصرت تسمع من الشباب من يقول: «أنا لا يعجبى فلان وأريد فلانًا»، من أنت؟ ومن تطلع حضرتك - ولا مؤاخذة؟ ومن تمثل؟
فى ظل غياب إدراك الأحجام الحقيقية للقوى السياسية عنّ لكثيرين أن يتصدروا المشهد، فممدوح حمزة - مثلاً - أطلق كيانًا اسمه المجلس الوطنى، واختار أناسًا لعضويته، ويكتب على الخطابات أنه «أمين عام المجلس الوطنى».. ما هو ذلك المجلس الوطنى؟ ومن الذين يمثلهم؟ وكيف جاءت تلك الحكاية وراحت؟ لا أحد يعرف.
الفراغ السياسى أغرى كثيرين بالتقدم فى الخلاء الحاصل، وحين يكون الملعب فارغًا، فإن أى واحد يستطيع الادعاء أنه الكابتن. تأخرت الانتخابات البرلمانية لأن الساحة عجت بالكباتن الذين يريدون رئاسة الفريق.. المجلس العسكرى حدد الفترة الانتقالية فى البداية بستة أشهر على أن تجرى الانتخابات فى يونيو الماضى كما قدرت لجنة تعديل الدستور، وفى ذلك الوقت كان هناك - ومازال - قدر من الاحتشام فى العلاقة مع السلطة، ولكن حين استطالت الشهور الستة إلى تسعة أو عشرة.
وحتى حين يدخل الإخوان فى موضوع مثل النظام البرلمانى فإن انزعاجًا يداخلنى، فذلك موضوع قانونى ودستورى، وكان ينبغى عليهم ترك أمور كتلك للمختصين.
هناك محدودية فى الخبرة السياسية لم تسمح للجماعة بتحديد ما الذى يُطرح، والذى لا يطُرح.
وأقول للإخوان أو غيرهم: ادخلوا الانتخابات، وتحدثوا حديثًا محترمًا.. تونس «10 ملايين» فتعلموا منها، الناس اشتغلوا وعقدوا انتخابات، وعرفنا ما هى القوى التونسية الحقيقية، وبدأت تلك القوى الحقيقية مباشرة السلطة وتضع الدستور.
ضمن حملات التخوين من الإسلاميين هناك من يقول إن تجربة حزب «النهضة فى تونس غير قابلة للتكرار فى مصر» وإن ما نراه هناك هو استيلاء حالة سياسية من رحم ثقافة أخرى تلاقحت مع العالم الأوروبى والفرنسى.. أنظر ماذا ترى؟!
- هناك من يقول إن السياسيين التوانسة حين هاجروا إلى أوروبا نظفوا عقولهم، وهذا غير صحيح، لأنهم قبل أن يهاجروا تعال وانظر إلى ما كتبه راشد الغنوشى فى الثمانينيات، وهو - بالضبط - ما يقوله الآن، ولكننى أعتقد - وتلك مسألة لم أتأكد منها بعد ولكنها فى بالى على أية حال - أن الحركة الإسلامية فى مصر أو المشرقية عمومًا متأثرة كثيرًا بالحركة السلفية الوهابية السعودية، وهذا التأثير لم يصل إلى المغرب.
السلفية كلمة واسعة ولكنها تختزل الإسلام فى مجموعة مظاهر بمعنى الالتحاء وتقصير الجلباب، واستعمال السواك، وبعدها يحمل الإنسان ختمًا بأنه صار سلفيّا.
الحركة الإسلامية فى المغرب لم يبلغها هذا التأثير، بسبب البعد أو لأن السلفية السعودية وجدت فى مصر فراغًا هائلاً أيام عبدالناصر، إذ لم تكن هناك حركة إسلامية، باستثناء الإخوان المسلمين، الذى عانوا من السجن والإبعاد البدنى عن حركة المجتمع، فلم نر منذ 1952 وعاء إسلاميّا لحركة مشروعة تربى الناس، فأصبح لديك محيط قلق من الناس يتمدد فيه - الآن - كل ما يخطر ببالك من أفكار، وضمنها السلفية.. فضلاً على أن السعودية رحبت بعدد من الإسلاميين، ولهذا فإننى أرى أن التوانسة أنضح منا سياسيّا وفكريّا، لأننا متأثرون بالسلفية الوهابية السعودية، التى وفقت وازدهرت فى مصر، ولم تصل إلى المغرب.
يعنى حضرتك تقصد أننا كنا ساحة تلاقحت فيها المذاهب والأفكار من المشرق والمغرب إلى أن ضعفت مصر وأزهرها فصرنا ساحة خلاء سمحت للوهابية بأن تتقدم فى لحظات بعينها؟
- بالضبط.. الساحة عندنا مدمرة وليس فيها شىء، ومن ثم بتنا نهبًا لكل من يريد.
ومثلاً، هى جماعة «التبليغ فى الهند»؟ وماذا تفعل فى مصر؟.. أشياء غريبة.. ما أردت قوله هو أن هناك فراغًا أو خلاء كبيرًا فى البلد.
المجتمع محافظ ومتدين والناس مسلمون ملتزمون ولكنّ هناك ظمأ لإشباع تلك المشاعر، ولم يتم ذلك الإشباع، فجاء الآخرون وقرروا أن يملؤوه ويلعبوا فى البلد، وصارت مصر تعج بأطراف تريد استباحتها فكريّا وسياسيّا.
إسلاميات
«موزاييك» القوى الإسلامية والعلمانية واليسارية - اللحظة الراهنة - يحتاج منك إلى قراءة لأننا لا نستطيع مضاهاته بأوضاع إقليمية نظيره وقد كشف عن ذلك خلاف العلمانية بين الإسلاميين المصريين والدولة التركية وتغلب المخالفين لتيار النهضة التونسى على ذواتهم والانخراط معه فى عملية بناء الدولة بعد انتخاب الهيئة التأسيسية على الرغم من تواصل الانتقادات فيما يبدو الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين المصريين «هرمجدون» أو معركة فاصلة ينبغى أن تنتهى بانتصار طرف واندحار آخر؟
- هناك عدة مشاكل.. فالعلمانية لم تعد كلمة واحدة وإنما هى مصطلح فضفاض، فهناك علمانية مخاصمة للدين كما فى فرنسا، وعلمانية متصالحة مع الدين فى بريطانيا، أما هنا فلا يوضح المنادى بالعلمانية أية علمانية يقصد.
وفى تونس كانوا يقولون - صراحة - نحن نريد التخلص من التأثير والتراث الفرنسى المؤثر على العلمانية التونسية، ودعونا نصوغ علمانية متصالحة يمكن أن تلتقى بما يسمى - فى المغرب العربى - «فقه المقاصد».. وأرى - فى الحقيقة - أن الصراع الإسلامى العلمانى هو دليل على عدم الفهم السياسى.
فى مصر لدينا عدة قضايا هى: «الديمقراطية - العدل الاجتماعى - الاستقلال الوطنى - والحريات العامة» لا يوجد اختلاف عليها، ولكن أن يأتى من يفتعل أو يصطنع صخبًا حول المادة الثانية فى الدستور، وذلك الجدل السخيف حول المادة الثانية، نحن بلد 94 ٪ منه مسلمون، والتليفزيون المصرى قال منذ أيام إن الأقباط من 10 إلى 15 مليونًا، وهذا كلام غير مضبوط وتقديرات جهاز الإحصاء تشير إلى أقل من هذا، ومع ذلك فإن العدد ليس معيارًا، ولو كان الأقباط عشرة أنفار فى هذا البلد فحقهم فى الكرامة محفوظ.
ما هذه المشكلة؟ ماذا عطلت المادة الثانية فى مصر؟ ما حضورها؟ وما الذى خصمته؟
يا إخواننا لابد أن نهتم بمواجهة تحديات اللحظة «نريد عدالة اجتماعية - ديمقراطية - حقوق إنسان»، أما أن تفرض على جدول أعمال الوطن سؤالاً مثل: «دولة مدنية أو دولة دينية» فلنجعلها دولة ديمقراطية أولاً ثم دع الناس تختار.
هناك خلل فى طريقة تناول الأشياء، وهناك سوقية أو ما يسمونه شعبوية غوغائية، ودغدغة لمشاعر الجمهور بصرف النظر عن الحقيقة.
التوانسة عملوا شيئًا مهمّا وقت بن على، إذ جلس اليساريون مع الإسلاميين مع العلمانيين، وقالوا هناك ثلاثة أنساق رئيسية نتفق فيها وهى: «المساواة بين الرجل والمرأة»، «والحريات العامة»، و«علاقة الدين بالدولة».
وهناك وثائق صادقت عليها الأطراف فى ذلك السياق.
لماذا كان جلوس الأضداد إلى بعضهم فى تونس ممكنًا، فيما صار الأمر فى مصر وكأنه الموقعة الفاصلة بين ما يعتبره البعض خيرًا، وما يعتبره البعض شرّا؟
- منذ الخمسينيات هناك إقصاء كامل للإسلاميين، وهو ما دفعهم للعزوف عن الحوار، إذ كانت وسائل التأثير كلها فى يد فصيل واحد «الإعلام - والجرائد القومية - والمجلس الأعلى للثقافة والمجلس الأعلى للصحافة» وبعد الثورة اختلف الأمر، حين اكتشف الجميع جسمًا موجودًا فى المجتمع وينمو فى كل يوم هو الإسلاميون.
يعنى: اليساريون والعلمانيون اعتبروا - قبل الثورة - أنهم الأصل وغيرهم الاستثناء، فلما ظهر ذلك الجسم رأوا أنه سيجعل منهم الاستثناء فيما يصبح - هو - الأصل، وهو بالطبع ما يمثل جسم المجتمع العام.
صراعهم مع الإسلاميين وجودى ومسألة حياة أو موت وهم لا يريدون العيش مع من يخالفهم، وفى هذا تفسير للهيستريا التى اعترت البعض حين ضمت لجنة تعديل الدستور صبحى صالح، ورأسها طارق البشرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.