وزير الأوقاف: تكثيف برامج التوعية بالدروس الدعوية والندوات    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    أحمد مبارك: بعد ظهور السوشيال ميديا حدث تغير في طريقة الوعي الجمعي    وزير الآثار يعقد لقاءات مهنية لتعزيز التعاون في مجال السياحة    «الأعلى للأمن السيبراني»: هدفنا الاستفادة من التكنولوجيا بشكل آمن    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    وزارة الخارجية تنجح في احتواء أزمة الطلاب المصريين في قيرجيزستان    قديروف: حلمي هو أن أضع زيلينسكي في قبو منزلنا في الشيشان    بموسم الحج.. 4 فئات ممنوعة من دخول مكة وآخرون لا يمكنهم الحصول على تأشيرة    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    قيادة «رونالدو»| تشكيل النصر الرسمي أمام الرياض في الدوري السعودي    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    صور| عودة حركة القطارات بعد توقفها بسبب حريق عربة بترول بسوهاج    ماريتا الحلاني تغني باللهجة المصرية مع "أدونيس" في كليب "حفضل أغني"    أسماء جلال تنشر صورتين من احتفالية عيد ميلادها.. وسوسن بدر تعلق    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    حسام عبدالغفار: وضع استراتيجية وطنية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    الكشف رسميًا عن كيا EV3 رباعية الدفع الكهربائية الجديدة.. صور    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    هكذا علق مصطفى خاطر بعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإساءة للإسلام من التأييد السكوتى إلى الصريح
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 11 - 2020

لا أظن أن تكرار الإساءة إلى ديننا، من آنٍ إلى آخر، من قبيل الصدفة، أو الإبداع، أو حريَّة التعبير كما يبرر الفاعلون، ومن يقفون خلفهم ويدعمونهم، وإنَّما هى حملات ممنهجة فى سلسلة حملات تستهدفنا كمسلمين، بدليل أنها تتطور ولا تتكرر بنفس مستواها الأول الذى ظهرت به، وبدليل هذا الدعم السكوتى فى المراحل السابقة، حيث اكتفت الدول الكبرى، حامية الحريَّات، ومحركة الجيوش بزعم الدفاع عن حريَّات وأمن الشعوب، لتدمير بلاد المسلمين تذرعا بحجج واهية، وربَّما لأسباب مصطنعة لا أساس لها، أقول اكتفت بدور المتفرج دون أن تذكر شخصيَّة معتبرة كلمة منددة بأكبر الجرائم التى يمكن أن ترتكب فى حق دين وأتباعه.

وسكوت هؤلاء يعنى الموافقة الضمنيَّة على استمرار الاستهزاء بديننا، والاستهانة بمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار من أتباع هذا الدين، الذى لا يتوانى أتباعه من القادة والمؤسسات الدينيَّة والمفكرين عن الجهر بوجوب احترام كافَّة الأديان والإيمان بها، واحترام حق أتباعها فى اختيارها والسير على هديها «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، و«فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، و«لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، ولم نتذرع نحن بالحريَّات مثلهم، فنغض الطرف عن الإساءة لهم، لأن ديننا الذى نتبعه يجعل سكوتنا معصية، ويوجب علينا النهى عن المنكر، وقد علمنا منه أن الإساءة لدين من الأديان كالإساءة لدين الإسلام.

وليت الأمر اقتصر عند حد سكوت القيادات والمؤسسات والمنظمات الكبرى والصغرى فى الغرب على ما يوجه إلى ديننا ولرسوله ولعامة المسلمين، بل تطور وانتقل، على ما يبدو، إلى مرحلة من مراحل تطوره الممنهجة، وهى التأييد الصريح، وكان قائد هذه المرحلة من مراحل استفزاز المسلمين هو رئيس دولة طالما رفعت راية الحريَّات، وأوهمت الناس أن عاصمتها عاصمة النور، فإذا براياتها تسقط فى الهاوية، وإذا بأنوارها تنطفئ بضغطة زر من رئيسها، وليس من فرد أو جماعة متشددة، إن تكرار الإساءة بعد الإساءة من «ماكرون» لديننا واتهام المسلمين بالانعزاليَّة والانغلاق، ثم تأييده الواضح والصريح لمجلة «شارلى إيبدو» المجرمة، هى ومَنْ يقومون عليها، والتهديد بتكبير الصور المسيئة وتعليقها على الحوائط، لا يمكن لعاقل أن يُصَدِّقَ أنه غير مقصود، ولا أصدق شخصيَّا أنه فعله تطوعا من عند نفسه، ولا لمجرد دعاية سياسيَّة، وإنَّما هو انتقال من مرحلة الدعم الصامت للإساءة إلى الإسلام إلى مرحلة التأييد المعلن، بدليل أن بريطانيا سارعت إلى إعلان تضامنها مع فرنسا، حين طالب بعض أتباع الدين، المُعْتَدَى عليه، بمقاطعة البضائع والسلع الفرنسيَّة، ويتوقع أن تتوالى حركة التأييد العلنى بعد أن قص «ماكرون» شريط مرحلتها.

ولا أستبعد أن يكون مقصود هذه الحملات، وتأييدها الصامت ثم الناطق، من قبيل استدراج المتحمسين من شباب المسلمين ليبادروا بممارسة بعض الجرائم الانتقاميَّة، كما حدث فى فرنسا بعد انطلاق المرحلة الأولى فى يناير 2015م، حيث قُتل العديد من الأشخاص فى الهجوم على مقر «شارلى إيبدو» بعد نشرها الرسوم المسيئة، وما حدث بعد تصريحات «ماكرون» من اعتداءات متبادلة بين مسلمين وغير مسلمين، ولعله لم يرق لهؤلاء مرور فترة طويلة لم نسمع فيها عن اعتداءات من مسلمين ضد غير مسلمين فى الغرب، والجهود المضنية التى تبذلها المؤسسات الإسلاميَّة، وفى مقدمتها الأزهر الشريف، فى دعم التعايش المشترك، ونبذ العنف بين أتباع الأديان، فهذا لا يصب فى مصلحة من يستهدفون ديننا ويحاولون دائما إظهار الإسلام بأنه دين دموى، وأتباعه مجموعة من القتلة المجرمين، وللأسف الشديد لا ينتبه كثير من المسلمين إلى هذه الخطط الممنهجة التى تُرسم لنا من قبلهم، فننطلق إلى تنفيذها من غير تفكير فى عواقبها.

وأعتقد أن عمليَّات الطعن والقتل ستذهب بكثير من التأييد الذى أبداه البعض لتحركات المسلمين المستنكرة والمستهجنة لمواقف «ماكرون»، حيث أعلن بعض إخواننا من المسيحيين وقادة الكنائس، دعمهم وتأييدهم لما أعلنه شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، من مقاضاة مجلة «شارلى إيبدو»، وكان الأولى العمل على تنمية هذا الدعم ليبقى «ماكرون» وأمثاله فى دائرة الجناة المنعزلين والمنبوذين وليس المجنى عليهم، لكن وقوع هذه الحوادث المؤسفة من طائشين مندفعين سيُلقى بطوق نجاة لهؤلاء الجناة، وسيجعلنا نحن فى دائرة الاتهام.

إن الإساءة لديننا من قبل المتهورين الذين يرتكبون جرائم ضد غير المسلمين، زاعمين الانتصار لدينهم ورد الإساءة، لهو أكبر بكثير من تأثير الإساءة التى وجهها هؤلاء لديننا، وإن صيحات التكبير التى رددها الطاعن والقاتل فى نيس، وظل يرددها حتى بعد القبض عليه، بمثابة السهام الموجهة لديننا وشريعته، وكان علينا أن نحافظ على التحضر، والرقى الذى هو سمة ديننا، ونحن نجابه هذا العدوان الغاشم على مقدساتنا، فنعلن بوضوح وجلاء رفضنا القاطع للمساس بمقدساتنا، وإدانتنا لمن يقفون خلفها، ويدعمونها من دون نظر إلى مواقعهم التى يشغلونها، أو دولهم التى ينتمون إليها، وأننا لن نقع فى فخ استدراجهم، وأن المسىء سنتعامل معه بتحضر، فنقبل اعتذاره إن اعتذر، أو نسلك مسالك سلميَّة موجعة نملك منها الكثير، ولعل الجميع لاحظ هذا الرعب الذى أصاب القيادات الفرنسيَّة لمجرد مطالبة البعض بمقاطعتهم التجاريَّة، فهؤلاء يؤمنون بمقولة: «عض قلبى ولا تعض رغيفى»، لكننا لا نحسن للأسف لا عض قلوبهم ولا أرغفتهم، بل نعض ديننا وقيَّمَه بما يرتكبه بعضنا من جرائم وتصرفات طائشة، من حقنا المناداة بالمقاطعة للبضائع الفرنسيَّة، وللدول التى تنضم إليها فى عدوانها على ديننا، ويبقى الأمر متروكا لقناعات الناس بجدوى المقاطعة دون فرضها عليهم، ومن حقنا تحريك دعاوى قضائيَّة، وإن كانت نتائجها متوقعة سلفا، لكن خسرانها لا يخلو من فائدة، وهو تأكيد وَهْمِ حريَّاتهم واختلال عدالتهم، ومن حقنا أن نطالب بتشريع يجرم الاعتداء على المسلمين ودينهم كما أعلن إمامنا الأكبر، مع علمنا بأن قانونا كهذا لن يصدر، ولو صدر فلن يطبق، ولكن بكل تأكيد سنربح بكشف تحيُّزهم وتعدد مكاييلهم، حيث يعاقبون من تلفظ بلفظ غير مقصود ضد يهودى أو مسيحى، بل وحتى ضد من لا يتبعون دينا من الأديان بتهمة الازدراء وانتهاك الحريَّات، ولقد رأيت فى دولة خوف الناس من النظر إلى الشواذ نظرة تحتمل ازدراء أفعال هؤلاء، وأخبرنى مرافقى من مواطنى هذه الدولة أن هذا الشاذ الذى يفعل فى عرض الشارع ما يصيب بالغثيان والقرف يستطيع أن يسجن أى شخص، فما عليه إلا أن يتهمه بأنه نظر إليه نظرة احتقار واشمئزاز! أما حق المسلمين فى تشريع يحمى دينهم من سفه السفهاء، فأعتقد أنه عند هؤلاء سيتعارض مع حريَّاتهم الشَّلَّاء، وساعتها نربح بسقوط ما بقى من الأقنعة الزائفة.

فلنكن كما أراد لنا ديننا، حكماء عقلاء، لا نرضى الدنيَّة فى ديننا، وفى الوقت ذاته، لا نُسْتَدْرَج، فيُؤْتَى ديننا من قبلنا بأفعال بعضنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.