سؤال وأسئلة أخرى لا يكف الشارع العربى عن طرحها، إلا أن الإجابات غير موجودة أبدًا، كل يشد باتجاه نوع من أنواع الإقناع لإسكات الأفواه التائهة المعذبة التى صدقت أن لقولها وفعلها نتيجة لا محال. يوم قامت الثورة التونسية كنا نراقب التلفاز ليل نهار، وذات صباح صحونا على نبأ رحيل زين العابدين بن على إلى السعودية، فقامت بعدها الثورة المصرية أيضًا، بينما كنا نحملق فى شاشات العرض الكبيرة، كانت المشاهد وكأنها من فيلم سينمائى قديم حديث، لم نصدق أعيننا، كان أيضًا لكلمة سليمان الأخيرة وقع كبير على سمع الفلسطينيين، فوجدتهم يصرخون يوم قال الأخير "قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية". الكل فى العالم العربى والعالم عامة كان سعيدًا، فمنذ زمن طويل لم يتحرك شعب من على بكرة أبيه ليطالب بتحقيق إرادته، إلا أن التونسيين ومن بعدهم المصريون قاموا قومة رجل واحد وقالوا لا للظلم فى زمن أدراك الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فالشعوب العربية لم تعد ساذجة ولا غبية تسيرها لقمة العيش أصبحت الكرامة تعنى كل شىء. إلا أنه وبعد مرور ما يقارب 7 أشهر على كلتا الثورتين نجدنا ندور فى ذات الحلقة المفرغة وكأن النظام السابق سلم السلطة لنظام آخر يشبهه حد الخوف، يقمع بنفس الطريقة، يعتقل، يسب، يخون، يهاجم، يجرح، ويطعن، بل إن سلطة الجيش أعتى من سلطة الحكومة المدنية، فالأول يخشى من كل شىء وعلى كل شىء، ولهذا فإنه يفقد بوصلته. إن الديمقراطية لا تولد من الأرحام المقموعة والخائفة، ولذلك لا يمكن لأى ديمقراطية ولدت بعد عسر ولادة أن تكون ناجحة وفعالة إلا بعد سنين من التعب فى تربية هذا الصغير الذى ولد ضعيفا، يريد من يقف بجانبه، يرعاه، يراقب طريقه حتى لا يضل، والحريات العربية ولدت بعد دهور من القمع والظلم والنضال.. حما الله ديمقراطيات العالم الجديد.