تقول الأسطوره الفرعونية الشهيرة لأوزوريس، إن الإله أوزوريس هو أول جسد محنط فى التاريخ من مصر الفرعونية القديمة، لأنه صاحب دور مهم فى محاكمة الموتى فى العالم الآخر، نظراً لأنه إله رئيسى لمملكة الموتى، لذا وجب على كل متوفى أن يحتفظ بتمثال لأوزوريس فى مقبرته، لأن الكل يود أن يصبح مثله فى العالم الآخر، هنا أدرك الكهنة من المحنطين فى مصر الفرعونية أن التحنيط لا يقتصر على المعالجة الطبية للجسد، بل لابد من وضع وسائل إضافية لحماية الجسد، وهى وضع تمائم وأحجبة عبارة عن أشكال صغيرة تعلق فى الأجزاء المختلفة من الجسم، وتهدف إلى إيقاف تحلله وفساده وتتحقق القوة السحرية لهذه التمائم بقراءة الصيغة المكتوبة عليه، وقد اختلفت وتعددت فى أشكالها فأخذت أشكالاً إلهية أو حيوانية أو أعضاء من جسم الإنسان، بالإضافة إلى رموز دينية ذات دلالة معينة عند المصرى القديم، وقد أكد الباحث المصرى عبد المنعم عبد العظيم أن التمائم التى كانت تصاحب المومياء، تمثل الآلهة التى لها دور مهم ومرتبط بعملية التحنيط، فهناك تميمة أولاد حورس الأربعة (امستى- حابى- دواموتق- قبح سنواف) والتى كانت توضع لحماية أحشاء المتوفى لذلك أخذت أغطية أوانى الأحشاء أشكال هؤلاء الآلهة الأربعة، لأن المتوفى ينشد منهم حماية أحشائه من التحلل لضرورة وصول الجسد كاملاً للعالم الآخر، وتميمة الإله أنوبيس توفر الحماية للجسد والمقبرة، أما تميمة الإلهتين (إيزيس ونفتيس) فهى تمثل أمنية المتوفى أن يصبح مثل أوزوريس يوم ذرفتا الدموع حزنا على وفاته، بجانب أن المتوفى فى مصر القديمة يحتفظ بتماثيل الآلهة التى عبدها أثناء حياته كتمائم، بجانب أن التمائم زادت بشكل مبالغ فيه أواخر العصور المصرية القديمة وذلك عندما سيطر الكهنة على فكر الشعب، لدرجة أن أحد الأجساد المحنطة فى الأسرة 26 فى القرن السابع قبل الميلاد احتفظ بداخل لفائفه بما يزيد عن 300 تميمة سحرية، حتى أن جسد الملك توت عنخ آمون احتفظ أيضاً بحوالى 143 تميمة سحرية بين لفائف الكتان التى تلف جسده، مؤكداً أن التمائم التى كانت تمثل أعضاء جسد الإنسان مثل الأيدى والسيقان والأوجه تهدف إلى أحد أمرين، إما قوة الوظائف الحيوية لجسد الإنسان مثل قوة الفعل والحركة، أو أنها بديل لأعضاء الجسد التى تتعرض للتلف والتحلل، ومن أهم التمائم والأحجبة التى كانت توضع على الجسد (جعران القلب)، وهو عبارة عن حجر على شكل الجعران يوضع فوق عضلة القلب ويسجل عليه التعويذة رقم 30 ب، من كتاب الموتى، وفى هذه التعويذة نداء من الميت لقلبه قبل المحاكمة ويستجديه قائلاً (يا قلبى الذى ورثته عن أمى يا قلبى الذى ورثته عن أبى لا تصبح شاهداً ضدى ولا تقل زوراً فى المحاكمة)، موضحاً أن الكهنة المحنطون وضعوا جعران القلب لعلمهم أن القلب يتحلل ويمكن أن تضيع على المتوفى فرصة الحساب فى العالم الآخر. أما تميمة عين حورس السحرية، والتى عرفت فى النصوص المصرية القديمة ب (عين اوجات كانت)، كانت توضع فوق فتحة التحنيط التى قام المحنطون بفتحها من أجل استخراج الأحشاء، وكانت توضع بهدف منع الأرواح الشريرة من الدخول للجسد، وكما كان يوضع معها تميمة على شكل أصبعين باللون الأسود للمساعدة على لصق شفتى الفتحة معا، أما تميمتا (عنخ)، فهما يرمزان إلى الخلود وإعادة الحياة والوجود الأبدى، وقد اختلف فى تحديد الهدف الأساسى من وضع علامة عنخ، فالبعض أشار إلى أنها تمثل رمزية التجانس بين عضوى الذكر والمرأة، والبعض الآخر أكد أنها تمثل العناق بين نهر النيل ودلتاه، وفى كلا الرأيين كان الهدف هو رمزية إعادة الميلاد، بجانب أن هناك الكثير من التمائم والأحجبة التى تدور حول أمنية الخلود وإعادة الميلاد وحفظ الجسد من التحلل، واعتقد المصرى القديم أن لكل تميمة قوة حماية خاصة وموضعاً مخصصاً لها فى الجسد، وكانت تأخذ ألوانها لونين هما الأخضر والأزرق، وهما لونان مرتبطان بإعادة الميلاد والبعث فى العالم الآخر.