ينتظر الأطفال رمضان كل عام بفارغ الصبر، يمارسون هواية صنع الفوانيس الورقية، كما يكون بكاؤهم أمام المحلات لشراء الفانوس الصينى الذى يغنى "وحوى ياوحوى" سببا فى ضيق كثير من الأسر، ولكنها تكتم غيظها وتشترى الفانوس الصينى مع كثير من فرحة الطفل. حوار دائم ومضحك يمارسه الكبار مع الأطفال فى رمضان، نصه ما يلى "تسأل الطفل سيقول لك بضحك أنا صايم، "صايم ازاى" "صمت لغاية الظهر بس شربت بق ميه"، "وأنت تعرف يعنى إيه صيام" " يعنى مفيش أكل ولا شرب" "انت صمت كام يوم" "أنا صمت أول يوم وفطرت تانى يوم". وصيام الأطفال نوعان: صوم حقيقى، وصوم "دلع" والنوع الثانى منتشر بكثرة وتضرب به أمثلة يعرفها الجميع "أنا صايم صومة الحجة، كلما أجوع أتغدى" أو " صومة الوابور كل ما الطفل يجوع ياكل خبور (أى لقمة)" الأطفال يستيقظون فى السحور، وإذا تجاهل الآباء إيقاظهم سيكون يوما مليئا بالصراخ والبكاء، ولذا يريح الآباء دماغهم، السيدة هدى توفيق تقول "أنا معى طفلين الأول 5 سنوات والثانى 3 سنوات، لو مصحيوش فى السحور بيكون يومنا طويل وصراخ وبكا طول اليوم، أنا بريح دماغى وأصحيهم، بتكون لمة حلوة مش بتتكرر خارج رمضان". بعد بلوغ الأطفال سن السادسة يبدأ الأطفال فى فى تدريب أنفسهم على الصيام، وسط معارضة من الأهل، وتشجيع من البعض الآخر. تقول هدى محمود 7 سنوات، "أنا أول سنة دى أصوم فيها ..أنا صمت أول يوم ويارب اقدر أصوم الشهر كله"، أما دعاء خالد 8 سنوات فتقول "أنا صمت السنة اللى فاتت 7 أيام، بس السنة دى هصوم رمضان كله يارب، الجو حر وبعطش كتير، بس هصوم" حالة من الغيظ أشد تنتاب بعض الأمهات عندما يكتشفون أن بعض الأطفال يمارسون عادة الإفطار فى السر، ولكن الأطفال يتحججون بالجوع الشديد، وينظرون لعملية الصيام على أنها دعابة، ولذا تلجأ بعض الأمهات لإعطاء مكافأة لكل طفل يثبت صيامه. الدكتورة أمل خلف، مدرس بقسم تربية الطفل بكلية البنات جامعة عين شمس، ترى أن شهر رمضان فرصة عظيمة ومناسبة حتى يستطيع الأهل من خلاله أن يعودوا أبناءهم على أداء الصيام خاصة، وتعاليم الإسلام عامة كالصلاة ، وقراءة القران ، وحسن الخلق ، واحترام الوقت، والنظام ، وغير ذلك من الأحكام والآداب الإسلامية ، التى ربما لا يسعف الوقت فى غير رمضان لتعليمها وتلقينها. ومن الطرق المفيدة والمجدية فى تعويد الأطفال على الصيام و الإقبال عليه ، التوجيه والإرشاد اللطيف ، والتبيان لهم أن الصوم أحد أركان الإسلام ، وأنه سبحانه شرعه لفوائد دينية ودنيوية، ومن ثم تشجيعهم على المبادرة إلى صيام هذا الشهر الكريم . الدكتورة زينب عبد المنعم مدرس بقسم تربية الطفل بكلية البنات جامعة عين شمس أشارت إلى ضرورة الانتباه للأطفال الذين يدعون الصوم، رغم أنهم أفطروا فهذه مسألة خطيرة لا يجب تجاوزها بالإهمال واللامبالة، وهناك طرق لتدريب الأطفال على صيام رمضان. تحفيز الطفل على الصيام بطريقة علمية ومنطقية، عدم مواجهة الطفل بخطأه وبأنه فاطر ويكذب على الأم ولكن عليها أن توضح له بشكل غير مباشر عواقب هذه السلوكيات الخاطئة مثل الكذب وعدم الصيام من خلال حكايات تحمل هذا المعنى، فرض الصيام على الطفل بشكل تدريجى يتناسب مع عمره، الإكثار من الثناء عليه حين يصوم أمام الأسرة. يتم تشجيع الطفل على الصيام بالسماح للصائمين فقط من الأسرة بالجلوس على مائدة الإفطار حتى يعى أن الشخص الفاطر يرتكب خطأ كبيرا، عدم وضع الحلويات والطعام المفضل للطفل أمامه قبل الإفطار حتى لا تضعف عزيمته ، إشاعة جو دينى وبهجة فى المنزل حتى يشعر طفلك بأهمية هذا الشهر واختلافه عن باقى الأشهر، خلق جو تنافسى فى عدد الأيام التى يستطيع كل طفل أن يصومها وأخيرا مراعاة صغار السن ومكافأتهم على محاولاتهم إذا ما فشلت ولم يكملوا صيام اليوم. وأضافت الدكتورة أمل خلف أن تقترن هذه التجربة بمكافأة مادية تقدم فى نهاية يوم الصوم ، أو فى نهاية الشهر الكريم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطفل عادة يحب المكافأة السريعة، وهو ما يدفعه ويجعله يستمر فيما يقوم من تكاليف إلى حين أن تصبح تلك التكاليف عقيدة وسلوكا فى حياته.