صدر مؤخراً كتاب "وجع المصريين" للكاتب الدكتور خليل فاضل، الذى أهدى كتابه إلى الغرقى فى قاع البحر والنهر، الأشلاء والعظام المعجونة بحديد وزيت المركبات ودم الأسفلت، المحترقين داخل القطارات والمسارح، الموتى على شواطئ الهجرة وفى عربات الترحيلات، إلى كل الموجوعين لفقدان هؤلاء، وإلى كل الموتى على قيد الحياة. ويتضمن الكتاب ستة فصول، تتناول موضوعات ومشكلات مختلفة، إلا أنها تشترك فى وصف ورسم آلام المصريين وأوجاعهم. ويرصد الكاتب فى الفصل الأول، الذى وضعه تحت عنوان "الشارع لنا"، مشاهدات للشارع المصرى، ليعكس كل ما رآه الكاتب من صدأ الكلمات وقبح الألفاظ وتلوث الوجدان والفساد القيمى، وينقر على صدر مسألة بالغة الحساسية من معنى ومفهوم الذوق الفنى، الأخلاق، المادة، الجنس، كما يرصد الكتاب حال أطفال الشوارع، الفساد الأخلاقى، التربص الاجتماعى بالآخر. ويتحدث د.فاضل عن المثقف "الإليت elite" ذلك المصطلح الذى تحول عبر سخرية المصريين إلى "الأليط" أى المثقف المتعالى، قائلاً "إن البأس كل البأس فى ألا يطابق المثقف بين ما يضمر وما يعلن، ألا يسمى الأشياء والمواقف بأسمائها، فلا يزايد أحد على أحد". وتصدى الكتاب للمشكلات التى تعترض البيت المصرى ويغوص فى مشاكلها، فيناقش ظاهرة الأب الحاضر الغائب، موضحاً أن المجتمع المصرى أصبح يفتقد إلى الأب بمعناه الأوسع والأشمل، مجتمع يفتقد إلى وجوده النفسى، المعنوى والمادى، بل والنوعى المتميز، مقارنة بأجيال مضت. كما يتناول مشاكل الزواج فى مصر والعنوسة وطلاق الأقباط، ويعرج المؤلف على الأسباب التى تدفع بالمرأة المصرية لطلب الطلاق أو الخلع معلنة "ضل حيطة ولا ضل رجل"، بالإضافة إلى الزواج العرفى وانتشاره بمصر. كما تعرض الكاتب للتعليم فى الفصل الثالث من الكتاب، وفيه يشير الكاتب إلى محنة التعليم فى ظل أزمة متفاقمة تكاد تصيب مثلثاً، أضلاعه المدرس والطالب والأهل، بالإضافة إلى كثافة الفصول اللامعقولة، مشيراً إلى الثانوية العامة ووسواس الامتحانات، موضحاً أن القصور فى عموم مصر يأتى فى أن الامتحان صار الهدف والأمل والمفصل وعنق الزجاجة، ولا شىء قبله أو بعده! ويفتح د.فاضل ملف المدارس الأمريكية فى مصر، وخطورة تواجد مؤسسات ثقافية أمريكية وغيرها على أرض الوطن، حيث تغزو المناهج الأمريكية الطلاب المصريين فى بيئتهم، فى حين أنهم يأتون من بيئة وثقافة وحضارة مختلفة. وفى الفصل الرابع "أوجاع أجساد المصريين"، يتناول د.فاضل العديد من الموضوعات، عارضاً بعضاً من أمراضنا، أزمة الجهاز المناعى، التلوث، مرض السكر، وانتشار أمراض القلب.