تواصلت بيانات النعى والتعازى فى وفاة الشاعر الراحل محمود درويش، ولم تقتصر فقط على النعى الفلسطينى والعربى، بل امتد ذلك لبعض الأوساط الإسرائيلية أيضاً. حيث وجه الروائى الإسرائيلى الشهير إبراهام يهوشوا، والشاعر حاييم جورى، التحية لذكرى الشاعر الفلسطينى. وقال الروائى يهوشوا فى مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية الأحد، "إن محمود درويش قبل كل شىء شاعر كبير كان يمتلك قدرة شعرية حقيقية"، مؤكدا أنه سرعان ما أصبح شاعر الفلسطينيين، "شاعر المنفى واللاجئين". وأشار الكاتب الذى يدافع منذ سنوات عن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل إلى مبادرة يوسى ساريد وزير التعليم فى العام 2000، والذى اقترح حينها إدراج قصائد درويش ضمن البرنامج الأدبى للمدارس الإسرائيلية، وأثار الاقتراح حينها ضجة فى إسرائيل ولم يتم اعتماده. قال يهوشوا "إن تعليم قصائد درويش فى المدارس الإسرائيلية كان فكرة جيدة، لأن العرب والفلسطينيين ليسوا أعداء فحسب، إنهم أيضا جيران وعلينا أن نجد معهم وسيلة للتعايش، حرى بنا أن نعرف جيراننا، أحلامهم وجراحهم". وكان يهوشوا قد التقى محمود درويش لأول مرة فى حيفا فى 1960 وللمرة الثانية فى حيفا أيضا فى 2007. من جانبه عبر حاييم غورى، أحد كبار الشعراء الإسرائيليين، البالغ من العمر 85 عاما، عن حزنه لوفاة درويش الذى وصفه بأنه شاعر رائع، معربا عن آلمه لوفاته لأنه يجسد شخصية مأسوية، رجلا فى منفى دائم، وأرغم على العيش بعيدا عن قريته. وكان غورى التقى درويش فى الستينيات خلال مظاهرة ضد الرقابة التى كانت تمنع المنشورات العربية. فلسطينياً أوقف التليفزيون الفلسطينى التابع للسلطة فى الضفة الغربية بث برامجه العادية، واكتفى بتقديم برامج خاصة بالشاعر الكبير، كما ركز تليفزيون الأقصى التابع لحركة حماس فى شريطه الإخبارى على الحدث، ونقل نعيا خاصا لرئيس المكتب السياسى لحركة حماس خالد مشعل المقيم فى دمشق. وفى حين أعلن الرئيس الفلسطينى محمود عباس مساء السبت الحداد 3 أيام على درويش، فتحت وزارة الثقافة الفلسطينية التابعة لحكومة إسماعيل هنية المقالة بيتا لتقبل التعازى بدرويش فى قطاع غزة. وقال أمين عام اتحاد الكتاب الفلسطينيين المتوكل طه، إن وفاة درويش وحدت الشعب الفلسطينى، لأن كل مواطن فلسطينى ساهم فى خلق أسطورة درويش، والشعوب بحاجة إلى رموز وأساطير، مشيرا إلى أنه عندما يرحل محمود درويش فكل مواطن يشعر بفقدان شيء. وأضاف طه أن العالم كله عرف فلسطين من خلال اسمين أو رمزين، هما ياسر عرفات ومحمود درويش، و"فلسطين الآن باتت بلا رموز ويتيمة مثلما هو الشعر اليوم يتيما مع رحيل شاعرنا درويش". ومن المتوقع أن يشهد استقبال جثمان درويش أجواء مماثلة لتلك الأجواء التى شهدتها الأراضى الفلسطينية عند استقبال جثمان الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات فى العام 2004. على الجانب الآخر، نعت الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب فى اليمن وفاة درويش، واعتبرت الأمانة العامة أن رحيل الشاعر الكبير محمود درويش "رحيل مؤلم وحزين وخسارة فادحة للفكر والأدب والثقافة العربية والإسلامية، ويمثل خسارة جسيمة للإنسانية جمعاء". وقال الاتحاد إن رحيل الشاعر الكبير يفقد الشعب الفلسطينى ومعه الأمتان العربية والإسلامية واحدا من أعظم الشعراء، الذين أسهموا فى إثراء الساحة الثقافية والأدبية والفكرية بشكل لافت، وأسهموا فى خلق وعى ثقافى مختلف لأجيال متعاقبة. وأعلن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عن فتح مقراته فى مختلف المحافظات اليمنية لاستقبال العزاء والمواساة فى رحيل محمود درويش ابتداء من الأحد ولمدة ثلاثة أيام. عربياً، نعى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الأحد، فى بيان، شاعر فلسطين والعرب قائلا: "ببالغ الأسى والحزن تنعى جامعة الدول العربية الشاعر المبدع محمود درويش، والذى برحيله تفتقد فلسطين والعرب جميعا واحدا من أبرز أعلامها الشعرية والثقافية فى العصر الحديث". وأضاف موسى أن درويش "تجاوز بشعره وحضوره الثقافى والإنسانى المميز كل الحدود، محطما قيود الوطنية الضيقة والانتماءات الصغرى، ليكون بحق صوت فلسطين الحضارى المتواصل بآلامه وأحزانه وطموحاته مع روح العصر والفكر الإنسانى العالمى المبدع". ومن جانبه، وجه الرئيس التونسى زين العابدين بن على الأحد برقية تعزية إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس غداة وفاة درويش الذى وصفه ب"ابن فلسطين البار وشاعرها الكبير". وقال الرئيس التونسى فى برقيته: "تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة ابن فلسطين البار وشاعرها الكبير محمود درويش، وإذ أشيد فى هذا الظرف الأليم بإبداعاته الرائعة ونضالاته الرائدة من أجل القضية الفلسطينية وإسهاماته المتميزة فى خدمة الثقافة العربية، فإنى أتوجه إليكم وإلى عائلة الفقيد وإلى الأسرة الثقافية الفلسطينية كافة بأحر التعازى".