لا بد أن نتفق أن الإرهاب لا دين له، فنحن نتعرض اليوم لمؤامرة على الإسلام والمسلمين وعلى الوطن العربى كله لتقسيم وزعزعة أركانه بتشتيت المسلمين وتفريقهم إلى جماعات وفرق وجميعهم متناحرين ويفسق أو يكفر بعضهم البعض. إذا راقبنا الساحة الدولية ستجد أن المتشددين الإرهابيين فى كل دول العالم ينهجون منهجا واحدا وهو تكفير المجتمع وتكفير كل من يخالفهم الرأى، وحينما نضع التكفيريين فى معتقل واحد نجد أن أفراد المعتقل يؤثرون على عقول بعضهم البعض مستغلين فى ذلك الفقر والقنوط على الأوضاع السياسية والاجتماعية أو الجهل الدينى والتشدد والرغبة فى الوصول إلى المدينة الفاضلة قد يكون المعتقل الذى أتحدث عنه معتقلا مكانيا أو فكريا فكلاهما واحد فدائما يكون الإنسان أسير لأفكاره ومعتقداته.
دعنى أتعمق أكثر حينما أتحدث عن التطرف الفكرى فالنصوص الإسلامية واحدة ولكن القراء متغيرون وعقولهم تتغير بتغير الحال والمكان، وبالتالى يتغير تفسير النص بتغيير الفكر فقد يقرأ قارئ (ولا تقربوا الصلاة) ويقف ويفسرها كما يرى ولا يربط الآية الكريمة بتكملة معناها (وأنتم سكارى) بنفس المنهج تجد أن هؤلاء التكفيريين يقتلون وهم يكبرون ولا يدرون أن ما يفعلوه هو عند الله أكبر من هدم الكعبة ذاتها فالنفس البشرية محرمة ولها قدسيتها لأنها من بديع خلق الله.
انظر كيف بدأ سيد قطب تطرفه الفكرى فحينما سافر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وصفها بأنها مجتمع الفجور والمجون وأخذ يكتب عن الإصلاح والتهذيب المجتمعى للمجتمعات الفاسقة الفاجرة، ووصل إلى حد التكفير للبعض ولم يكن سيد قطب من المتخصصين فى العلوم الإسلامية كالفقه والدعوة وغيرها، وبدأت العديد من المقالات تحوز إعجاب الإخوان، مما دفعهم لاستقطاب سيد قطب لأن فكره يقترب من فكرهم وتوجهاتهم فى الوقت الذى يعانون فيه من الملاحقات الأمنية التى أدت إلى تشتيتهم وبحثهم عن قيادة يتجمعون تحت رايتها فوجدوا فى السيد قطب ما يبحثون عنه وبدأ السيد قطب يكتب فى صحفهم ليعبر عن فكر الجماعة فى ثوبة القطبى والذى ما زلنا نعانى منه حتى الآن فلو نظرت إلى الإخوان كمثال حى على الإرهاب الفكرى ستجد أنهم بنو لأنفسهم عقيدة تقوم على السفسطائية الجدل للجدل يكرهون الدولة وأركانها يبحثون عن السلطة ويسخرون كل من يؤمن بأفكارهم لخدمة مصالحهم الشخصية، مدعين أنهم شعب الله المختار أتذكر قول حسن البنا فى رسالة يماننا (والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا فى الإيمان بهذا المبدأ أنه عندهم إيمان مخدر نائم فى نفوسهم لا يريدون أن ينزلوا على حكمه ولا أن يعملون بمقتضاه، على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل قوى يقظ فى نفوس الإخوان المسلمين). بنيت الرسالة على تميز الإخوان عن غيرهم فى الإيمان قد تكون اللغة التى تحدث بها البنا فيها من اللطف الكثير عكس اللغة التى تحدث بها السيد قطب والتى تحمل الكثير من المعانى فهو ينكر فى بعض كتاباته ايمان المجتمع ويعتبر أن الايمان المخدر بلغة البنا هو إيمان غير موجود بلغة قطب.
لا بد أن نتفق سويا على أن الإيمان لا يكتمل إلا أن يكون المسلمون صفا واحدا لمواجهة الأزمات والشدائد التى تعصف بالأمة وألا نكون فرق كل منهم ينهج منهج مخالف للآخر يقول الله تبارك وتعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) صدق الله العظيم