للقيادي الإخواني السكندري محمد عبدالمنعم تجربة عريضة داخل الجماعة، وهو أحد أبرز قيادات الإخوان المسلمين في مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي، وواحد من الذين تعرضوا لتعذيب شديد بالسجن الحربي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فضلاً عن كونه أحد تلاميذ المفكر الإخواني سيد قطب الذي أعدم في المحاكمة العسكرية في 29 أغسطس عام 1966. «عبدالمنعم» تحدث ل «الدستور» عن فكر «قطب» وحقيقة ميوله التكفيرية، ومدي اختلاف فكر «قطب» مع فكر حسن البنا - مؤسس جماعة الإخوان المسلمين - وتطرق إلي الاختلافات الجوهرية بين تلاميذ سيد قطب وتلاميذ حسن البنا، والرؤي المختلفة بين محمد مهدي عاكف - المرشد السابق للإخوان - الذي تتلمذ علي يد حسن البنا - ومحمد بديع - المرشد الثامن للجماعة - الذي تتلمذ علي يد سيد قطب وغيرها من التفاصيل التي تقرأها في الحوار التالي: كيف تعرفت علي سيد قطب؟ - كنت عضواً في «أسرة» إخوانية عام 1951 وكان نقيب الأسرة يريد أن يجدد في المنهج التربوي للأسرة، فقام بتعريفنا بالأستاذ سيد قطب، حينما كان حديث عهد بالكتابة الإسلامية. هل توافقتم كإخوان مسلمين مع فكر سيد قطب وميوله نحو تكفير المجتمع ووصفه بالجاهلية؟ - سيد قطب لم يتجه نحو تكفير المجتمع علي الإطلاق، ونحن عايشناه وتعلمنا منه ولم نر ذلك قط في كتاباته أو أحاديثه، فحينما جاءت أحداث 1954 ودخل السجن عام 1955 في القضية العسكرية الهزلية وحكم عليه بالسجن 15 عاماً عكف في السجن علي الكتابة ومراجعة ما كتبه من قبل، وخرج من السجن عام 1964 بإلحاح من الكثير من قادة الدول العربية فأفرج عنه عبدالناصر ليقوم بقتله، وألف سيد قطب كتابه «معالم في الطريق» واتهم المجتمع بجاهلية التصور والأفكار ولم يتهمه علي الإطلاق بجاهلية العقيدة، وهناك اختلاف بين جاهلية الأفكار والتصور وجاهلية العقيدة التي تعد كفراً، وكنا نساءل في السجن الحربي ونعذب من أجل الاعتراف بقراءة هذا الكتاب ومن الذي وجهنا لقراءته، وكانوا يقولون إن هذا الكتاب يدعو إلي الثورة علي الحاكم وتكفير الأوضاع علي الرغم من رفض سيد قطب لتلك الأفكار من الأساس، وكان معنا في السجن بعض الشباب الذين كانوا ينتمون حباً للإخوان أمثال شكري مصطفي وغيره من الذين جاءوا من أعماق الصعيد وتم تعليقهم كما تعلق الشاه، وتم ضربهم ضرباً مبرحاً، وكل كلمة كان يقولها أو يكتبها «سيد قطب» داخل وخارج السجن كنا نراجعها وموافقين علي كل ما كتب، ولسنا مسئولين عن سوء التأويل، ونظراً لخروج تلك الأفكار التكفيرية أخرج الإمام الهضيبي كتاب «دعاة لا قضاة» وكنا شهوداً علي تلك المرحلة. لكن بعض الخبراء يصفون الجيل الذي تتلمذ علي يد سيد قطب بتنظيم القطبيين ويري أنهم تكفيريون؟ - من يقولوا ذلك لا يعلمون شيئاً عن سيد قطب وكلهم «عيال» وأكبر واحد فيهم عنده 50 عاماً، ولم يعاصروا سيد قطب ولم يقرأوا له، والشيخ محمد متولي الشعراوي كان كثيراً ما يستشهد بكتاب «في ظلال القرآن» الذي كتبه سيد قطب فهل كان الشيخ الشعراوي لديه ميول تكفيرية. أجهزة الأمن تتصيد للجماعة وأطلقوا علينا قبل ذلك «المحظورة» و«القطبيين» و«الإرهابيين» ولو تولي الشيخ القرضاوي أي منصب بالجماعة سيطلق علينا «القرضاويين»، فالعناصر الأمنية تتصيد لنا وتريد التشكيك في الجماعة بأي شكل، لكننا جماعة الإخوان المسلمين علي نهج حسن البنا. ما علاقة المرشد الحالي للجماعة بسيد قطب؟ - كان وإخوانه من جيله تلامذة لسيد قطب، ولم نكن نعلم في محنة 65 أن هناك تنظيماً للإخوان المسلمين من جيل الشباب، وكنا وقتها في السجن الحربي، وكان هؤلاء د. محمد بديع ود. محمود عزت والأستاذ سيد نزيلي وغيرهم شباباً في العشرينات من عمرهم، وكانوا يسمون داخل السجن بالمجموعة الأولي مجموعة سيد قطب لأنهم تتلمذوا علي يديه خارج السجن وأعادوا إحياء عمل الجماعة وهم يتعلمون منه ولم يخرجوا قيد أنملة عن منهج الإخوان. هناك خلافات بين فكر تلاميذ حسن البنا وتلاميذ سيد قطب تبلورت لاحقاً في منهج مهدي عاكف ومنهج محمد بديع في قيادة الجماعة.. كيف تري ذلك؟ - لا توجد اختلافات علي الإطلاق، جميعنا علي نفس الدرجة من الفهم طوال مراحل عمل الجماعة، ففكر الإخوان في حياة حسن البنا هو نفسه فكرهم بعد اغتياله وفي عهد سيد قطب وفي عهدنا الحالي، وبالتالي لا توجد اختلافات بين رؤي الأستاذ عاكف والأستاذ بديع، لكن هناك تبايناً في طرق العمل والتنفيذ وفقاً لفقه المرحلة ووفقاً للأحوال العامة التي تختلف من يوم لآخر، لكن الجميع ملتزم بفكر ومنهج الجماعة، وجميع مرشدي الجماعة الثمانية علي فكر الإمام حسن البنا لم يخرج أحدهم عن فكره، لكن كل منهم بفكره وأسلوبه. البعض ينتقد سيطرة تلاميذ سيد قطب علي الجماعة والتعامل بفقه المحنة في الوقت الحالي رغم تغير المرحلة.. فما رأيك؟ - طبيعة عمل الإخوان واحدة علي مر الزمن منذ الإمام حسن البنا حتي الأستاذ بديع في الوقت الحالي، لكن تختلف الأساليب كل حسب مرحلته وحسب التغيرات السياسية من وقت لآخر، والإخوان لهم ثوابت لا تتغير والأستاذ بديع وإخوانه يعبرون عن الجماعة التي تعمل بشكل مؤسسي ولا سيطرة لجيل علي حساب جيل آخر، فنحن جميعاً نعمل من أجل خدمة الإسلام ونرتضي بالأستاذ بديع قائداً لنا في المرحلة المقبلة والأستاذ عاكف بايعه أمام الجميع.