آيات القرآن تعلو وتملئ الآذان، وموائد رحمن يجلس عليها القاصى والدانى، وأيادى تتسابق لتقدم إفطار الصائمين، عادات مصرية تتوارثها الأجيال، وينتظرها الجميع لينال ثوابها من الله عز وجل. فى العهد القريب عندما كنت تسير بقدميك فى شوارع المحروسة قبل أذان المغرب بنصف ساعة فى شهر رمضان، تجد موائد الرحمن تملأ جانبى الطريق بما لذ وطاب من خيرات الله. ولكن الغريب أن هناك عزوفا كبيرا عن إقامة موائد الرحمن هذا العام، ومن جانبه قال "سيد نصار" صاحب محل فراشة إن موائد الرحمن قلت هذا العام كثيراً، ومعظم الموائد الكبيرة التى كانت تقام عزف أصحابها عن إقامتها. ويؤكد على ذلك إيهاب منصور صاحب محل فراشة أيضاً، مؤكدا أن الإقبال على فراشة موائد الرحمن ضعيفة جداً وذلك منذ منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن. وتابع قوله: "حى مثل السيدة زينب كانت موائده على نواصى كل الشوارع ولكن الآن ضاعت زهوة رمضان وموائده". وأرجع محمد راغب، يعمل طباخا، قلة موائد الرحمن هذا العام إلى ارتفاع الأسعار حيث كانت توجد أكثر من مائدة كبيرة فى كل شارع ولكنها اختفت سوى واحدة فقط، لأن تكاليف المائدة تتعدى ال200 أو300 ألف جنيه. وقالت سيدة إن موائد الرحمن قلت كثيراً عن ذى قبل وأرجعت هذا إلى غلاء الأسعار حيث قالت "الحاجة مولعة". ورأى المواطن، عبد الله، أن "زمان كان كل التجار بتعمل موائد رحمان حتى المسيحيين، لكن دلوقتى ما فيش". وردا على هذا قال صاحب إحدى هذه الموائد، رفض ذكر اسمه، إن موائد الرحمن يتشارك فيها كثير ممن يهمهم فعل الخير وتوثيق الصلة مع الله عز وجل، فليس من الضرورى أن يكون صاحب المائدة هو من قام بتكلفتها كاملة وحدة، ولكن "نجد من يقوم بإحضار الأرز وآخر يحضر المكرونة وغيره الزيت وأكثر من مخبز يشارك ويرسل الخبز، وكذلك اللحوم والدواجن والخضراوات". أما السيد نصار، صاحب مائدة رحمن، فأكد أن شكل المائدة اختلف كثيراً عن ذى قبل، موضحا أنه يقوم بعمل قائمة طعام أسبوعية متنوعة ما بين اللحوم والدواجن والأسماك مع الأرز والمكرونة والخضراوات والحلو كنافة وبلح الشام وأرز بلبن وجلاش هذا بجانب البطيخ والفاكهة المتنوعة". وتابع قوله: "لازم نطور فى نوعية الأكل يعنى ممكن أعمل طواجن وفراخ بانيه". ويعود تاريخ مائدة رمضان فى مصر إلى الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية، الذى أقام أول مائدة رحمن فى أثناء الولاية الرابعة له، حين دعى كل الأعيان والتجار بالدولة على مائدة كبيرة تملؤها الخيرات، وخطب فيهم ليحثهم على نشر البر بين الناس، ومن ذلك اليوم اعتاد المصريون على إقامة موائد الرحمن فى شهر رمضان الكريم.
