أكد الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، أن الإسلام ليس ديناً جامداً يفتقر إلى السلاسة والمرونة، وأن العيش وفق أحكامه لا يعنى أننا كمسلمين عدنا إلى العصور الوسطى، أو أن نفقد هويتنا أو أن نتخلى عن أعرافنا. وقال مفتى الجمهورية، فى مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فى عددها الصادر اليوم، الثلاثاء، إن الإسلام لم يأمر أتباعه بالتنكر للثقافات التى تربوا فى ظلالها واستبدالها بالثقافة العربية، والدليل على ذلك موجود فى هذا الكم الضخم من الظواهر الثقافية والفنية والحضارية التى يمكننا وصفها بأنها إسلامية، موضحاً أن هذه المرونة جزء لا يتجزأ من التراث الإسلامى، وأنها تشكل إحدى السمات المميزة للشريعة الإسلامية. وأوضح الدكتور على جمعة، أن الشريعة الإسلامية تقوم على المنهجية ومجموعة من الآراء لفقهاء المسلمين على مدار الألف والأربعمائة عام الماضية التى شهدت ظهور ما لا يقل عن تسعين مدرسة من مدارس الفقه الإسلامى، وأنه فى عالمنا المعاصر ونحن فى القرن الحادى والعشرين نجد أنفسنا نعود إلى هذه الثروة الغنية من الآراء لنستخرج منها الأحكام التى تناسب هذا العصر. وشدد مفتى الجمهورية على أن هناك خطوات تجب مراعاتها عند إصدار الفتاوى للناس، خاصة أن الفتوى هى ذلك الجسر الذى يربط بين تراثنا الفقهى وعالمنا المعاصر، والنظرى والتطبيقى، بالإضافة إلى أن عملية إصدار الفتاوى تتطلب أبعادا أخرى غير المعرفة بالفقه الإسلامى؛ وهى أن يكون المفتون على دراية تامة بالعالم الذين يعيشون فيه، وبالمشكلات التى تواجه مجتمعاتهم. وقال مفتى الجمهورية، إن السبب والسر فى ما نراه من آراء غير سديدة حالياً هو افتقار بعض من يتصدون للفتوى إلى هذه الأبعاد المهمة، محذراً من الخطورة البالغة فى اعتبار رأى كل شخص غير مؤهل للإفتاء "فتوى"، مما يعنى أننا فقدنا أداة بالغة الأهمية فى المحافظة على مرونة الشريعة الإسلامية. وأضاف أن تغيرات العصر الهائلة التى شهدها العالم خلال القرنين الماضيين تمثل تحدياً كبيراً بالنسبة لفقهاء المسلمين ومفتيهم وأصبح لزاماً علينا أن نعيد قراءة الواقع، وأن نأخذ فى الاعتبار ما طرأ على عالمنا المعاصر من تغير عند تنزيل أحكام الشريعة على الواقع المعيش. وأكد أن مرونة الفقه الإسلامى هى أهم ما يميزه، فهذه المرونة تزود الناس بما يحتاجون من إرشادات وهدايات، وفى الوقت ذاته يظل هو الإسلام الحق بما له من أصول وقواعد، وعلى الفقهاء والمفتين أن يقدموا حلولا للمشكلات التى تواجه العالمين الإسلامى والغربى على السواء.
