قرأت كما قرأ كثيرون عن عبد الناصر والسادات، لا يهمنى كثيرا أن أحكم على أحد منهم. يهمنى هنا أن أعرف ما هى رؤية وهدف كل منهما وماذا تحقق منها والأهم ماذا بعد، فنجاح كامل يعنى أننا تخطينا هذا الهدف والفشل أو النجاح الجزئى يفرض سؤالا: هل نكمل الهدف أم نكتفى بما تحقق؟. كانت حرب عبد الناصر هى القضاء على الاستعمار، كان الاستعمار يستغلنا ويسرق كنوزنا وثرواتنا ويفرقنا إلى دويلات، فبالقضاء على الاستعمار تنتهى كل مشاكلنا ونتحد فى دولة عربية واحدة ونعيد أمجادنا، ولا شك أنه انتصر انتصارا باهرا فيها، فإذا نظرنا إلى خريطة العالم قبل وبعد عبد الناصر سنجد أغلب الدول العربية والأفريقية والأسيوية قد تحررت. وبقيت إسرائيل كالشوكة التى وضعها الاستعمار لشق صف الدول العربية ومنعها من التواصل والاتحاد! فباستثناء إسرائيل فقد حقق الهدف. هذا ما رآه وما أراده عبد الناصر، هل كان هدفا أفلاطونيا؟ هل كان الاستعمار فعلا عائقا مانعا لكل تقدم؟ والأهم هل نكمل الحرب أم حققنا ما يكفى؟. أما السادات فلم تكن حربه تحرير سيناء أو معاهدة السلام مع إسرائيل، كانت حربه حرب بناء كان حلمه أن ينقل مصر من دولة من دول العالم الثالث لدولة من دول العالم الأول، هذا العالم الذى يسعى للتقدم ولا يسعى لتبرير تخلفنا. لاعب ولم يتلاعب ب) الأمريكان والإسرائيليين) رفض أن نعيش فى غيبوبة اسمها المؤامرة الكبرى أو ما شابه. رفض أن نظل ننبح خلف قافلة التقدم بل صمم على أن يكون لنا مكانا فيها. فأهم ما فعله (وفشل فيه): الانفتاح الاقتصادى - المدن الجديدة (العاشر من رمضان - أكتوبر - السادات) - ومحاولة نقل العاصمة لمدينة السادات - وأخيرا بورسعيد المدينة الحرة لننطلق اقتصاديا. كل هذا يجعلنا نرى أن الحرب والسلام لم يكونا الهدف. وإنما كانت إسرائيل بالنسبة للسادات الشماعة التى نعلق عليها تخلفنا فلم يهتم بالقضاء على إسرائيل كآخر ذيول الاستعمار وإنماا بالقضاء على الفكر السلبى الذى يفسر ويعلل لماذا نحن متخلفون لحساب الفكر الإيجابى الذى يفكر كيف نتقدم. لماذا نتكلم ونعيد الكلام عن الماضي؟ شئنا أم أبينا فالماضى جزء منا بحلوه ومره. أحسب أن أهم فائدة فى الكلام عن الماضى هى المصالحة معه. فلا نتكلم عنه لنفسر لماذا نحن متخلفين ولا لكى نحدد من هو المسئول عن تخلفنا وإنما نتكلم عنه كى لا يقف عقبة أمام مستقبلنا وتفكيرنا.