لماذا يحاول كل المصريين أن يتخلصوا من مصريتهم وكأنها جريمة يسارع الجميع أن ينفيها عنه.. فالكل يبتعد عن مصريته بمختلف الطرق وفى كل مظاهر الحياة.. سواء كان هذا فى الملبس والمأكل والمشرب واللغة حتى لغة الحوار تبدل حالها وأصبح من الرقى و"الشياكة" أن نطعم كلامنا بالألفاظ الأجنبية وكأنها حلى نتزين بها. فنرى من يرتدى الملابس الأوروبية ويسير على خطوط الموضة العالمية بغض النظر عما إذا كانت تناسبه أم لا.. والبعض يساير الذوق الخليجى.. فكثير من الفتيات يرتدين العباءة الخليجية ويتحلين بالحلى الخليجية ويضعن المكياج على الطريقة الخليجية. ومن يرتدى البدلة ومن يرتدى الجلباب ومن يرتدى القميص والبنطلون، ومن الشباب من يرتدى الملابس الغربية التى لا تتناسب مع عادتنا وتقالدينا وديننا سواء كان الدين الإسلامى أو المسيحى. كذلك اللغة فالكل يحاول أن يتخلص من لغته العربية وكأنها وصمة عار أن يتحدث بالعربية ويحاول الجميع أن يتحدث بلغة أجنبية ولو بإدخال ألفاظ غربية فى حديثه وكأن هذا هو علامة التقدم والتطور والعلم.. وقد لا يكون يتقن هذه اللغة وإنما هى مجرد كلمات يرددها مثله مثل غيره حتى يظهر بمظهر المثقف المتعلم. ومن يتباهى بإتقانه للغة ما ويتعالى على غيره.. فإننا دائما ما نخلط بين الأمور فننسى أن تعلم لغة وإتقانها هو فقط للعلم وليس للمباهاة والتفاخر كما أن هذا يلقى مسئولية على عاتق من يتقنها وهذه المسؤلية هى أن يساعد غيره فى تعلم هذه اللغة فلا تكون مصدر للتفاخر والتباهى فيقول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه "زكاة العلم نشره" فلم يأمرنا ديننا بأن نتباهى بعلومنا وأن يتعالى كل منا على الآخر.. ونرى من يتباهى أنه يحمل جنسية أجنبية والكثيرين يسارعون إلى اكتساب جنسية مغايرة للجنسية المصرية.. فالمهم هو أن نتخلص من هويتنا وأن نتبرأ من كوننا مصريين. والجميع يتباهى بأنه يتناول طعامه فى أشهر المطاعم الأجنبية.. وكأن الطعام المصرى عار على من يأكله.. فى الوقت الذى نرى فيه كثير من السائحين يأتون من بلادهم ليتناولوا الفول والطعمية والكشرى فى الأحياء الشعبية المصرية.. ونجد الكل يتباهى بأنه لا يشترى سوى البضائع الأجنبية والعربية المستوردة فهذا دليل على الرقى والرفعة. ومن يتباهى بأنه يحمل هاتف جوال من أحدث الموديلات وأغلاها وقد يكون لا يجد قوت يومه أو أنه يعيش على الكفاف.. ولو أنه ميسور الحال فإنه يفضل أن يدفع اللآف فى سبيل أن يحمل فى يده جوالا من الطراز الحديث "بالكاميرا وبيغنى" أفضل من أن يدفع اللآف ليتعلم شيئا جديدا أو يكتسب مهارة جديدة أو يشترى كتابا ينير به ظلام عقله. والأسوأ من كل هذا أن مثل هذه الأجهزة ليست من صنعنا ولا نساهم فى صناعتها.. على رأى المثل (القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها).. ولو أننا مضطرون لشراء المنتجات الأجنبية لعدم توفر المنتجات المحلية فلابد أن نستخدمها ونحن خجلى غير مباهين. ونسارع فى إلحاق أبنائنا بالمدارس والجامعات الأجنبية ليتخلصوا من هذا العار وينشأوا فى حضن ثقافة أوروبية ويترعرعوا على أفكارها. لماذا نتبرأ من كوننا مصريين؟؟؟ هل نسينا أن أجدادنا صنعوا أقدم وأعرق الحضارات فى التاريخ. أم أننا نتبرأ منها لأننا تخلفنا وتأخرنا عن الركاب.. والعالم حولنا يتطور ويتقدم ونحن مازلنا نبكى على الماضى ونتباهى بأننا أصحاب حضارة سبعة آلاف سنة.. أم أننا نسينا أن من يصنع الحضارة هم الأفراد وليست الظروف، فالأفراد هم من يصنعون الظروف. فإذا كان هناك شىء لابد أن نتبرأ منه فلنتبرأ من أنفسنا وليس من جنسيتنا ومن مصريتنا. ولنذكر دائما قول الشاعر نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا